النبطية: تراجع ظاهرة التسرب المدرسي

تلامذة على سور إحدى المدارس الرسمية في النبطية (عدنان طباجة)
تلامذة على سور إحدى المدارس الرسمية في النبطية (عدنان طباجة)


لما كان التسرب المدرسي عاملاً أساسياً في ضياع مستقبل التلاميذ والبطالة أو الدخول إلى سوق العمل في سن مبكرة بطريقة عشوائية، أو انخراطهم في أعمال لا تتناسب مع أعمارهم وأوضاعهم الجسدية والنفسية، انبرت بلدية النبطية للتصدي للمشكلة في نطاق المدينة وجوارها، إذ أنشأت لجنة لحقوق الطفل والتربية جعلت من أول أهدافها معالجة التسرب. وباشرت تنظيم إحصاء ميداني للأطفال والأولاد المتسربين من المدارس الرسمية بهدف دراسة أوضاعهم الاجتماعية والأسرية، وذلك كمقدمة لإعادتهم إلى مدارسهم أو تنظيم دورات مهنية تخولهم العمل في مهن تليق بهم، فضلاً عن دراسة أوضاع المدارس المذكورة من الناحيتين البيئية والصحية وإجراء الكشف الميداني عليها بشكل دوري.

ومن خلال الدراسة التي تعدها اللجنة عن المدارس الرسمية في منطقة النبطية سنوياً، تبين لها أن عدد المتسربين فيها يتراجع عاماً بعد عام، إذ لا يكاد عدد المتسربين خلال العام الدراسي الحالي يتجاوز الثلاثين تلميذاً، لأسباب معظمها مرتبطة بحالات الزواج بالنسبة للفتيات، والحالات الاجتماعية المتفرقة بالنسبة للفتيان، بحسب مسؤول لجنة الطفل والتربية في بلدية النبطية الدكتور عباس وهبي، الذي يعزو ذلك لتحسن الدراسة في المدارس الرسمية ودفع البلديات المبالغ المترتبة على الطلاب المحتاجين من تسجيل وكتب وقرطاسية في المدارس، وإقامة الدورات التربوية والمهنية المختلفة، وتعزيز الصحة المدرسية والاهتمام بالمباني المدرسية.

كما توصلت الدراسة إلى التعرف على المشاكل التي يتعرض لها الأطفال في هذه المدارس، والتأكد من توفير العوامل الصحية والبيئية والترفيهية المناسبة. وقد أعدت استمارة تتضمن كل هذه التفاصيل، ووضعت خطة عمل تتناسب واحتياجات هؤلاء الأطفال على مدى السنوات السابقة.

ولفت وهبي إلى حاجة العديد من المباني المدرسية بشكل دوري إلى إعادة تأهيل وترميم وتجهيز، ناهيك عن تزويدها بالمستلزمات الضرورية كالمختبرات وأجهزة الكومبيوتر والمرافق الصحية والخدماتية، مشيراً إلى أن اللجنة تضم أكثر من ثلاثين جمعية ومؤسسة مدنية إلى جانب ممثلين عن وزارتَي التربية والشؤون الاجتماعية. وبالإضافة إلى اهتمامها بموضوع التسرب المدرسي، تعنى اللجنة بخلق المشاريع الترفيهية والتثقيفية والإبداعية والتربوية والصحية والرياضية والفنية، وكل ما يختص بشؤون الأطفال والفتية والفتيات.

ممثلة نادي «الأونيسكو» وعضو لجنة البيئة والمحافظة على التراث في النبطية جيهان بدر الدين تقول في هذا الإطار: نحاول في لجنة الطفل والبيئة في بلدية النبطية تنمية الميل الواضح إلى الإبداع الذي اكتشفناه لدى بعض الأطفال الموهوبين، لا سيما بعدما رصدنا مدى التقصير الحاصل في حقهم على المستوى الترفيهي في المدارس الرسمية، وهذا ما جعلنا ننطلق في فكرة تأسيس لجنة حقوق الطفل والتربية في البلدية.

وتشير بدر الدين إلى أنه لا وجود لأي دراسة معمقة لمشكلة التسرب المدرسي في منطقة النبطية منذ العام 1973 وحتى العام 2004، لكننا منذ عشر سنوات بدأنا بإحصاء حول الموضوع. وقد تبين لنا هذا العام تراجع عدد المتسربين بشكل ملحوظ، إذ لا يكاد عددهم يصل إلى ثلاثين متسرباً، ونلاحظ تناقص أعدادهم عاماً بعد آخر، بعدما وصلوا إلى نحو المئة في الإحصائية الأولى التي أجريناها في تلك الفترة. ولفتت إلى قيام اللجنة بإعداد استمارتين سنوياً حول التسرب المدرسي والأوضاع الصحية والبيئية في المدارس الرسمية وحالة المباني المدرسية وصلاحيتها للدراسة أو عدمها، إضافة لفحص مياه الشفة فيها للتأكد من خلوها من الميكروبات والجراثيم.

وتشير ناشطة الصحة التربوية أزهار شعيتاني إلى جملة من أسباب ظاهرة التسرب المدرسي في مرحلتَي التعليم الأساسي والثانوي، منها عدم تقبل الطلاب الواقع الدراسي، إضافة لمشاكلهم مع الإدارة والأساتذة، أو في حال لم يتكيفوا مع جو المدرسة غير الملائم، إما لأنهم لا يتحملون القوانين، أو لأن جو الأسرة ينعكس على الأداء التعليمي والانضباط التام.

تعليقات: