سوق النبطية خلال الأيام الأولى من رمضان: «الأسعار نار».. والحلّ بـ«التقنين»

ارتفاع الأسعار يفاقم من أعباء المواطنين في النبطية (عدنان طباجة)
ارتفاع الأسعار يفاقم من أعباء المواطنين في النبطية (عدنان طباجة)


ربما تحول شهر رمضان بالنسبة إلى شريحة كبيرة من المواطنين في منطقة النبطية، من نعمة إلى نقمة، ومناسبة للعجز المالي والاقتصادي، لأن تكاليفه وأعباءه باتت لا تقل عن التحضير للعام الدراسي لجهة الارتفاع الجنوني للأسعار، والتي ضربت عرض الحائط بكل الحسابات والاستعدادات التي يحرص الأهالي على القيام بها قبيل حلول الشهر.

لذلك فإن ارتفاع الأسعار في سوق النبطية التجاري خلال الأيام الأولى من رمضان أجبر المواطنين على الخضوع لتقنين لم يألفوه من قبل في شراء المستلزمات والحاجيات، والاستغناء عن الكثير من الأطباق التي كانت حتى الأمس القريب تعتبر من العادات والتقاليد الرمضانية، حيث إن ترك الأمور على غاربها قد يحتاج إلى ميزانيات خاصة من شأنها أن ترهق الطبقات الغنية، فكيف إذاً بالطبقات الوسطى والفقيرة، وتلك التي هي تحت خط الفقر، ولا حول لها ولا قوة.

وفي هذا الإطار، وجرياً على عادتهم في كل عام، لجأ تجار المواد الغذائية والخضار والفاكهة إلى رفع أسعار بضاعتهم في الأيام الأولى من الشهر الكريم، مستغلين حاجة المستهلكين لشرائها مهما بلغ ثمنها، باعتبارها من المكوّنات الأساسية لمائدة الإفطار ولا غنى عنها، ما فاقم من أعباء الناس وهمومهم المعيشية والحياتية، وخلف استياءً عارماً في صفوفهم احتجاجاً على الاحتكار المتفاقم في غياب الجهات الرسمية المعنية في وزارة الاقتصاد والتجارة، ومصلحة حماية المستهلك عن مراقبة الأسعار.

«أسعار الخضار والمواد الغذائية في سوق النبطية نار على نار كالطقس الحار»، كما تقول فاطمة وهبي، ولا أحد يحمينا من هذه النار أو يسأل عن همومنا ومعاناتنا التي تزداد في هذا الشهر الفضيل نتيجة متطلباته الكبيرة، في غياب الرقابة على الأسعار، وبالرغم من ذلك، فنحن مضطرون لشراء ما يلزمنا من الفاكهة والخضار مهما كان الثمن وليس باليد حيلة.

وتتساءل زينب ظاهر كيف سيعيش الفقير في ظل هذه الأسعار؟ وكيف سيتمكن من دفع فواتير الماء والكهرباء والمحروقات ومصاريف العائلة إذا لم يكن باستطاعته شراء ما تيسر من الخضار والفاكهة لأفرادها؟ وهل من المعقول أن تبقى هذه الأسعار من دون حسيب أو رقيب؟ ولماذا لا ينظم المواطنون التظاهرات ضد الغلاء والاحتكار كما يتظاهرون تلبية للسياسة والسياسيين؟

وتعتبر لينا أبو زيد أن أسعار الخضار والفاكهة في النبطية أغلى من مختلف المناطق الأخرى بذريعة كلفة النقل المضاعفة من مناطق بيروت والبقاع، كما يتذرع تجار الحسبة على الدوام، لذلك فإن هذه الأسعار باتت لا تطاق ويجب تفعيل الأجهزة المعنية لمكافحة آفة الغلاء والاحتكار لضبط الأسعار ووضح حدٍ لجشع التجار. وترى كفاح بيطار أنه بالرغم من مساهمة حلول شهر رمضان في انتعاش الحركة التجارية والاقتصادية في سوق النبطية لجهة إقبال المواطنين على المحال والمؤسسات التجارية والتعاونيات الاستهلاكية لشراء ما يلزمهم من المواد الرمضانية الضرورية من الخضار والفاكهة واللحوم والحلويات، إلا أن ارتفاع الأسعار لهذه المواد انعكس سلباً على أبناء الطبقات الفقيرة وضاعف من معاناتها.

ويطالب حيدر بدر الدين الجهات الرسمية المعنية ووزارة الاقتصاد ومصلحة حماية المستهلك باتخاذ أقصى العقوبات بحق المحتكرين والجشعين من التجار، ليكونوا عبرة لكل من تسول لهم أنفسهم سرقة المواطنين، لأنه من غير المعقول أن يصار إلى استغلال شهر رمضان لرفع الأسعار رفعا جنونيا وإلى حد يفوق التصور كما يحصل في الوقت الحالي.

في المقابل، يوضح تاجر الخضار والفاكهة في سوق النبطية سعيد دغمان أن سبب ارتفاع الأسعار في بداية شهر رمضان يعود إلى إقبال المواطنين على شراء هذه المواد وزيادة الطلب عليها، ما يساهم في رفع أسعارها من قبل تجار الجملة الذين يستغلون الأمر أحسن استغلال. وبالتالي فإن ارتفاع الأسعار أو انخفاضها خاضع لسياسية العرض والطلب. بينما يقول التاجر هشام جعارة: نحن كتجار الحسبة في النبطية لا علاقة لنا في ارتفاع الأسعار، ومثلما نشتري البضاعة بأسعار مرتفعة نبيعها كذلك، وعندما نشتريها رخيصة نبيعها رخيصة أيضاً، وقد تعودنا على ارتفاع الأسعار مطلع رمضان وعودتها إلى التراجع بعد يومين أو ثلاثة على الأكثر. كما أننا نفرح كثيراً عندما نبيع بالأسعار المتدنية لأننا نبيع أكثر ونطعم أولادنا وعائلاتنا، نافياً أن يكون لتجار الحسبة المحليين أي دور في هذا الارتفاع الذي سببه التجار الكبار الذين يزودون كل المناطق اللبنانية بالفاكهة والخضار.

أما التاجر محمد شمس، صاحب سوبر ماركت للمواد الغذائية، فقد حمّل مسؤولية ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية كمشتقات الحليب من الألبان والأجبان واللحوم والفروج للتجار والمواطنين على حدٍ سواء، وذلك بسبب التهافت على شراء تلك المواد في الأيام الأولى من رمضان، ما يساهم في زيادة الطلب عليها، واحتكارها من قبل التجار الكبار، الأمر الذي يقع التجار الصغار والمواطنون ضحيته.



تعليقات: