النفايات تسدّ مجرى نهر الليطاني (عدنان طباجة)
لا يتبصرالمتنزهون والمواطنون الذين يقصدون منطقة «جسر الخردلي ومزرعتي طمرا والمحمودية»، الواقعة على ضفتي نهر الليطاني، مع بداية موسم الصيف الحالي، وتحديداً عند ملتقى أقضية النبطية وجزين ومرجعيون، في عواقب رمي نفاياتهم وفضلات أطعمتهم في مياهه، أو تركها وراءهم عشوائيا، في ظل تراجع منسوبه إلى أدنى مستوى. وذلك جراء انحباس الثلوج والأمطار خلال الشتاء الفائت، ما قد يؤدي إلى زيادة نسبة التلوث في النهر وإعاقة جريانه الطبيعي، وبالتالي سيفاقم ذلك من الإهمال المزمن في الحفاظ على نظافته والحد من تلوثه، من قبل الوزارات والمصالح والمؤسسات والبلديات المعنية التي ليس لديها حتى اليوم أي مشروع جدي على ذلك الصعيد، لمعرفة حجم التلوث ونسبته ووضع خطة لمكافحته. ويزيد ذلك من أوضاعه السيئة ويشوه جماله وطبيعته، علماً أن المنطقة هي من أكثر المناطق التي يرتادها المتنزهون والمواطنون على ضفتي الليطاني في منطقة الجنوب، ويتسببون بتلوثها بفضلات أطعمتهم ونفاياتهم، باعتبارها منطقة مفتوحة على النهر، نظراً لندرة وجود المتنزهات والمنشآت السياحية الخاصة، بسبب وضع السلطات المعنية ذلك الجزء «قيد الدرس»، جراء مشروع نهر الليطاني الذي بوشر العمل به العام الفائت. وبالتالي عدم إعطاء أصحابها تراخيص البناء فيها، ما جعلها بؤرة خصبة لشتى أنواع التلوث الذي يأتيها من هب ودب.
وبالرغم من وقوع مجرى نهر الليطاني في محيط جسر الخردلي في المناطق العقارية التابعة لبلديات دير ميماس، كفرتبنيتت، أرنون، يحمر الشقيف، الزوطرين الشرقية والغربية، قاعقعية الجسر، كفرصير وصير الغربية، فإن تلك البلديات لا تستطيع بإمكانياتها المادية والبشرية المساعدة على اتخاذ الإجراءات الآيلة للتخفيف من تلوث النهر والحفاظ على نظافة ضفتيه، ولو من خلال توزيع براميل النفايات في المنطقة، وإرشاد المواطنين وتحذيرهم من عواقب ترك نفاياتهم في أماكنها بطريقة مكشوفة أو رميها في مياه النهر، أو العمل على منع تسرب مياه المجاري والجور الصحية إلى مجراه، كما يقول رئيس بلدية يحمر الشقيف المهندس قاسم عليق.
بينما الحفاظ على نظافة حوض نهر الليطاني في نطاق البلديات المذكورة ليس من اختصاصها فقط، بل هو مسؤولية مشتركة يجب أن تتولاها الوزارات والمصالح والمؤسسات والبلديات المعنية بالتكافل والتضامن، وفق رئيس بلدية زوطر الغربية حسن عز الدين، الذي لفت إلى ضعف الإمكانيات المادية للبلديات المعنية للقيام بذلك العمل، فضلاً عن افتقارها للعدد الكافي من الموظفين وعناصر الشرطة البلدية وعمال التنظيفات والآليات والتجهيزات المطلوبة، معرباً عن استعداد هذه البلديات للمشاركة في مثل هذا المشروع حين وجوده ضمن الإمكانيات المتاحة، وبما يتناسب مع طبيعته.
وكانت «جمعية حماية البيئة والمحافظة على التراث» في النبطية، بالتعاون مع نادي نهر الخردلي لرياضة الزوارق السياحية النهرية «الكانوي كياك»، و«جمعية قريتي في أرنون»، قد نظمت حملات تطوعية عديدة لتنظيف ضفتي نهر الليطاني في منطقة الخردلي خلال السنوات القليلة الماضية عشية الموسم الصيفي من كل سنة، بحسب رئيس جمعية قريتي علي حنون، لكنه يؤكد أن هذه الحملات سرعان ما كانت آثارها تذهب أدراج الرياح بحلول الموسم الصيفي، حيث يعمل المتنزهون على إعادة تلويث مياه النهر وضفتيه بنفاياتهم وبقايا أطعمتهم، من دون حسيب أو رقيب، ما يتطلب إيجاد حل للمشكلة التي تتفاقم مع بداية موسم الصيف، وذلك بتعاون وتضافر جهود البلديات والجمعيات والمؤسسات المعنية، ومن خلال إيجاد برنامج فعلي لمواكبة موسم الصيف من بدايته حتى نهايته.
ويرى مدير نادي رياضة الكانوي كياك عند جسر الخردلي علي عواضة أن هجمة التلوث العاتية والمزمنة التي تجتاح نهر الليطاني منذ عشرات السنين، لم تعد تقتصر على الحوض الأعلى منه في منطقة البقاع، والتي مصدرها مياه المجاري الصحية والنفايات الصلبة ومخلفات المعامل والمصانع والمدابغ والمسالخ والمبيدات الزراعية فقط، بل تعدتها إلى الحوض الأسفل منه الممتد من بحيرة القرعون في البقاع الغربي حتى مصبّ القاسمية في الجنوب، وخاصة المنطقة المحيطة بجسر الخردلي بعدما اجتاحتها المجاري والجور الصحية التابعة لبعض القرى والبلدات المجاورة لمجرى النهر، إضافة إلى تلوثه بنفايات المتنزهين وأطعمتهم، من دون أدنى تفكير بما تعكسه عادتهم هذه من آثار سلبية مدمرة على بيئة وطبيعة المنطقة التي تعتبر من أجمل المناطق في الجنوب.
وبانتظار تحقيق مشروع متكامل للحفاظ على نظافة مجراه. وذلك لا يبدو جلياً في الأفق، سيبقى نهر الليطاني معتمداً على تنظيف نفسه بنفسه من خلال فيضان مياهه كلما استطاع إلى ذلك سبيلاً، هذا إذا تمكن من الفيضان بعد ظاهرة انحباس الأمطار والثلوج المتوقع تفاقمها عاماً بعد عام، إلا إذا شاءت القدرة الإلهية عكس ذلك.
تعليقات: