أسواق النبطية تعيش ركوداً حاداً.. بانتظار الحل السياسي

حسومات... لكن من دون زبائن
حسومات... لكن من دون زبائن


تخفيضات جنونية للأسعار يقابلها فتور لدى المواطنين

في محاولة لتحريك العجلة الاقتصادية والتجارية في مدينة النبطية بعد ركودها المزمن وتراجعها إلى أدنى مستوياتها منذ نشوء الأزمة السياسية الحالية، لجأ عدد من أصحاب المحال والمؤسسات التجارية في سوقها التجاري مؤخراً، لا سيما منها محال بيع الملبوسات والأحذية لاعتماد سياسة المنافسة والمضاربة الحادة في ما بينها بطريقة مكشوفة تمثلت في الإعلان عن أسعارها المخفضة بواسطة لافتات كبيرة رفعت فوق مداخلها. ولكن ذلك لم يغرِ المواطنين بالولوج إلى هذه المحال والمؤسسات، وقد آثروا التفرج على واجهاتها من الخارج، من دون شراء أي شيء، حتى ان سوق الاثنين التجاري في النبطية الذي عادة ما يشهد زحمة خانقة بالتجار والبائعين والمواطنين بحلول آخر كل شهر، حيث يتزامن مع قبض رواتب الموظفين، فقد تحول إلى يومٍ عادي بامتياز يفتقر للحركة والبركة.

وإذا كان هناك من حركة ضئيلة يشهدها السوق التجاري في الوقت الحالي، فإنها تقتصر على محال بيع الخضار واللحوم والمواد الغذائية والاستهلاكية الضرورية التي لا بد منها في شهر رمضان. في المقابل، يغيب أي إقبال على شراء السلع الأخرى من الملبوسات والأحذية وغيرها، على الرغم من تخفيضات الأسعار التي تتراوح بين 25 و50 في المئة.

تخفيض أسعار.. بلا زبائن

هذا الأمر اضطر التاجر حسين رسلان إلى اعتماد سياسة المنافسة المكشوفة على الأسعار لملاءمتها مع الظروف الحالية التي يعاني منها المواطنون والتجار على حد سواء، بسبب الأوضاع السياسية المأزومة في البلد، وبالتالي لحلحلة حركة البيع والشراء في محله بعد الركود القاتل الذي عانت منه في الأشهر الأخيرة، وتلافياً لوقوعه تحت وطأة الالتزام بتعهداته المالية للتجار الكبار.

يشاطره في ذلك التاجر زهير عياش الذي يفضل سياسة «البيع بالرسمال» من دون أية أرباح على حد تعبيره، «بدلاً من عدم البيع على الإطلاق والتفرج على بضاعته كما يفعل جيرانه من التجار الذين يتشمسون خارج محالهم». لكنه يبدي أسفه لأن كل هذه الإغراءات لم تجدِ نفعاً ولم تجذب المواطنين للتسوق، لانشغالهم بالهموم المعيشية والحياتية الأخرى، لا سيما ما يتعلق منها بتجهيز أولادهم مع حلول الموسم الدراسي الحالي.

ولا تعرف مدينة النبطية منذ زمن بعيد، أسوأ من الحركة التجارية التي تشهدها الآن، حتى في أثناء الحرب «وفي ظل وجود الاحتلال الإسرائيلي على تخوم منطقة النبطية في وقتٍ سابق» كما يقول التاجر جعفر طفيلي. ويضيف «إننا نتمشى خارج محلاتنا أو نلعب الورق والزهر أو نتجمع حول التلفزيون لمتابعة آخر المستجدات الأمنية والسياسية والتعليقات عليها بانتظار الفرج الذي نأمل أن يكون قريباً».

ويحذر التاجر طلال عماشة من أوخم العواقب على التجار، من جراء تراجع الأحوال التجارية والاقتصادية، نظراً لوقوعهم تحت أعباء ومسؤوليات مادية باهضة تتوزع بين تسديد ثمن البضاعة وإيجار المحال والمؤسسات ورواتب العمال وبدلات الكهرباء والضرائب والمتطلبات العائلية الكبيرة. ويبدي تخوفه من استمرار الحال على هذا المنوال.

ونظراً لهذه الأسباب، يأمل التاجر خليل ترحيني صمود التجار في وجه الأزمة الاقتصادية المتمادية التي يعاني منها التجار والمواطنون على حد سواء، مناشداً كل الأفرقاء السياسيين في الموالاة والمعارضة، ضرورة التخفيف من حدة خلافاتهم ومشاكلهم والعمل على التفاهم في ما بينهم، للوصول إلى حلٍ يرضي الجميع ويريح الوضع الاقتصادي والمعيشي، بعدما وصل إلى نقطة الصفر.

مطالبة بتعويضات حرب تموز

وانطلاقاً من هذه الفكرة، يعتبر رئيس جمعية تجار النبطية عبد الله بيطار أن الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها التجار والمواطنون في الوقت الحاضر، سببها الأزمة السياسية الخانقة التي تعصف في البلاد منذ ثلاث سنوات.

وإذ يأمل بانفراج هذه الأزمة بجهود «كل المخلصين من السياسيين وفي طليعتهم الرئيس نبيه برّي والنائب سعد الحريري»، يتساءل بيطار عن الأهداف الكامنة وراء استمرار الحكومة والهيئة العليا للإغاثة بالتلكؤ والمماطلة في دفع التعويضات لأصحاب المحال والمكاتب والمؤسسات التجارية في منطقة النبطية. وأشار إلى أن مجلس الجنوب قدم لهما كل المستندات المطلوبة والمتعلقة بهذا الملف، مطالباً الإسراع في دفع هذه التعويضات لكي يتمكن المتضررون من التجار من إعادة بناء ما دمرته الحرب الاسرائيلية من أرزاقهم وممتلكاتهم، وبسـبب حاجتهم الماسة لهذه الأموال للنهوض من كبوتهم التي ألمت بهم جراء الحرب.

كما طالب الرئيس برّي ونواب الجنوب من كتلتي التحرير والتنمية والوفاء للمــــقاومة بالاهتمام بهذا الملف، رابطاً إعادة النهوض بالقــــطاع التجاري في النبطية بدفع التعويضات المذكورة لأصحابها.

تعليقات: