شبعا والعرقوب وحاصبيا بين فكّي «كماشة» الإحتلال والإرهاب

رئيس بلدية كفرشوبا الدكتور قاسم القادري ورئيس بلدية الفرديس أنيس سليقا
رئيس بلدية كفرشوبا الدكتور قاسم القادري ورئيس بلدية الفرديس أنيس سليقا


جهود لمواجهة الشائعات بأنّ المنطقة ستكون «عرسال 2» وتشهد فتنة سنية – درزية

تعيش بلدة شبعا وبلدات العرقوب وحاصبيا وراشيا الوادي، هدوءاً مصحوباً بترقّب حذر، في ظل الشائعات والأحاديث عن أنّ المنطقة ستكون مقبلة على توتيرات أمنية، وقد تكون «عرسال 2»...

هذه الأخبار المتناقلة، وجد فيها أبناء المنطقة وفاعلياتها والقوى المؤثِّرة فيها، محاولة من البعض لتوجيه الأنظار إلى تلك المنطقة التي تقع بين فكَّي «كماشة» الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على صدرها في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا من جهة، والإرهاب المتمثل بالخلايا المتعدّدة، وتداعيات ما يجري في سوريا من جهة أخرى، خاصة أنّ المقلب الآخر (الجهة الشرقية) من جبل الشيخ، يسيطر عليه «الجيش الحر» و«جبهة النصرة» و«داعش»، وصولاً إلى عدّة بلدات في الجولان...

هذا الواقع أدّى إلى حالة قلق، ليس من تزايد أعداد النازحين السوريين في منطقة العرقوب، الذي وصل إلى حوالى الـ 15 ألف نازح، (منهم 7 آلاف في بلدة شبعا وحدها)، بل من تركيز البعض على تلك المنطقة، وتصوير الأمور وكأنّ «ساعة الصفر» لإشعال الفتنة المذهبية السنية – الدرزية، قاب قوسين أو أدنى...

هذه المنطقة مرّت عليها ظروف عديدة، فمنها كانت انطلاقة العمل الفدائي الفلسطيني في لبنان عام 1969، ودفعت ضريبة غالية للدفاع عن القضية الفلسطينية وعن لبنان في وجه العدوان الإسرائيلي المستمر والمتواصل عليها بشتى الأشكال، وفي أصعب الظروف وأحلكها لم تعانِ مما تُستهدف به من قصف بمختلف أنواع أسلحة الإعلام، ليتلاقى ذلك مع الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة على المنطقة...

وقد أدّى هذا التركيز إلى قيام المعنيين بخطوات استباقية لسحب «فتائل التفجير»، وإبطال مفعول «صواعق الفتنة» المتنقّلة، وتجنيب المنطقة تداعياتها، لأنّ المستفيد الأوّل من أي خلل أمني هو العدو الإسرائيلي، حيث كان في طليعة الخطوات الاستباقية، قيام رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط بزيارة إلى منطقة حاصبيا وشبعا، أتبعها بأخرى إلى منطقة راشيا الوادي، تأكيداً على العيش الوطني، وأيضاً اللقاءات والمتابعات التي قامت بها رئيسة «لجنة التربية والثقافة النيابية» النائب بهية الحريري من أجل التأكيد على نبذ الفتنة، والتمسّك بالعيش الوطني بين أبناء تلك المنطقة...

تأثّرت منطقة العرقوب بتداعيات الأزمة السورية، حيث وَفَدَ إليها عدد من النازحين لجملة من الأسباب، ليس لقرب المسافة فقط، بل للمصاهرات والعلاقات الاجتماعية ما بين شبعا وبلدات العرقوب وحاصبيا من جهة، وبيت جن ومزرعتها وغيرهما من البلدات في المقلب الشرقي من سفوح جبل الشيخ.

هذه العلاقات التي استمرّت لعقود طوال، بقيت ناصعة البياض كثلج جبل الشيخ، صافية نقية، يتواصل أبناء تلك البلدات في ما بينهم، ويزيدون اللُحمة والمصاهرة والعلاقات الاجتماعية، وفي لحظة الشدّة نزحت مئات العائلات من سوريا باتجاه بلدة شبعا (عبر ممر وادي جنعم – شرق شبعا، الذي يبعد 7 كلم عن الحدود اللبنانية – السورية)، سيراً على الأقدام وسط الجبال والوديان في طريق وعر جدّاً، حيث لا تصلح عليه وسيلة للنقل إلا «الدواب» التي يرتفع ثمنها في تلك المنطقة، لأنّها تحقّق الغاية المرجوّة منها، سواء للنازحين الفارّين، أو حتى الجرحى الذين لم يُكتب لعدد منهم الوصول أحياء، ويزيد حال الطقس وعورة الحال، خاصة في فصل الشتاء، حين تتكلّل تلك المنطقة بالثلج الناصع البياض.

هناك في تلك المنطقة توجد نقطة للجيش اللبناني والقوى الأمنية، يتم من خلالها التدقيق في الأوراق الثبوتية للعابرين من سوريا إلى منطقة العرقوب، أو بالعكس، وبعدما بدأت تستقر الأمور في المقلب الشرقي لسفوح جبل الشيخ في سوريا، اتُّخِذَ قرار من بلديات منطقة العرقوب، بعدم اعتبار النازح مَنْ يعود مجدّداً من المناطق السورية إلى المناطق اللبنانية، لانتفاء هذه الصفة، لأنّ النازحين هم مَنْ نزحوا بعد اندلاع الاشتباكات والإشكالات ما بين النظام في سوريا والقوى المسلحة.

تثبيت شرعية العبور

هذه الحركة على الممر الوحيد، أصبحت بحاجة إلى تثبيت شرعيتها أكثر فأكثر، وهو ما يُتداول به لجهة استحداث نقطة للأمن العام اللبناني تتولّى التدقيق في الأوراق الثبوتية للداخلين والخارجين عبر تلك النقطة، مع تسوية أوضاع مَنْ لم يقم بذلك بمَنْ يتواجد على الأراضي اللبنانية.

وقد سُجِّلَتْ سلسلة من الأحداث، التي وُضِعَتْ في إطار التوتير، ومنها الكتابات التي دُوِّنَتْ على جدران بلدات في منطقة حاصبيا، وأيضاً الأنباء عن أنّ «الجيش الحر» أو «جبهة النصرة» و«داعش» لن يتركوا منطقة العرقوب، وأنّه يمكن الدخول من سوريا إلى المنطقة، أو أنّ عناصر «النصرة» و«داعش» المتواجدين في جرود عرسال، قد يتسلّلون إلى المنطقة مع اقتراب البرد القارس، وأنّ مُخططات الاحتلال الإسرائيلي ليست ببعيدة عن نشر الفوضى في الجولان المحتل، والعمل على إقامة كانتون يتبع للسلطات الإسرائيلية، استفادة من الواقع المتأزّم في سوريا.

في خضم كل هذه الأجواء المتوتّرة، فإنّ جملة من الخطوات الاستباقية، جرى العمل على تنفيذها، سواء عبر الجهات العسكرية والأمنية الرسمية، أو مع الفاعليات الروحية والجهات السياسية والحزبية والبلدية والهيئات الاجتماعية، بهدف إفشال المخطّطات التي يُحيكها البعض لتوتير الأجواء في معقل المواجهة والتصدّي مع العدو الإسرائيلي.

ومن أجل تحصين الموقف في منطقة العرقوب وحاصبيا وراشيا الوادي، فإنّ سلسلة من الخطوات مطلوب اتخاذها، منها ما بوشر به، ومنها ما يمكن أنْ يُلحظ في الفترة المقبلة، وفي طليعة ذلك تأكيد:

- الموقف الموحّد لأبناء منطقة العرقوب وحاصبيا وراشيا الوادي، بالتشديد على نبذ الفتنة من أي طرف حيكت، ومنع تسرّبها إلى المنطقة.

- عدم التدخّل مع أي طرف في سوريا، والنأي بالنفس عن الصراع الدائر هناك.

- تحييد المنطقة عمّا يجري في سوريا، والعمل على أنّ ما هو في سوريا يبقى هناك، دون تردّداته في المنطقة.

- استمرار عقد اللقاءات المتكرّرة، وعلى كافة المستويات، من أجل شرح حقيقة الأمر، ومعالجة ذيول أي أحداث قد تطرأ، وتجنّباً لما لا تُحمد عقباه، خاصة إذا ما كان من أبناء السوء المتربّصين بهذه المنطقة.

- مواصلة وضع بعض المُشتبه بهم تحت أعين الجيش اللبناني والقوى الأمنية، وهو ما يجري حالياً، حيث يتم توقيف بعض المُشتبه بهم، والقيام بمداهمات بشكل متكرّر، وتوقيف مَنْ يثبت وجوده بطريقة غير شرعية.

- عدم إفساح المجال أمام المصطادين بالمياه العكرة، لاتخاذ الواقع المتوتّر في أكثر من منطقة، ونقله إلى منطقة العرقوب وحاصبيا وراشيا الوادي، واستغلال بعض النازحين السوريين، تحت عنوان أنّهم مشتبه بهم.

- العمل على تحسين الواقع الاجتماعي للاجئين السوريين الهاربين من جحيم القتل والدمار، وضبط تحرّكاتهم، وهو ما بوشر به، حيث تم منعهم من التجوّل بعيد الثامنة ليلاً، أو على دراجات نارية.

- تحسين الأوضاع في هذه المنطقة، التي تعاني حرماناً كالعديد من مناطق الأطراف، حيث تحتاج إلى إنماء، بما يكفل العيش الكريم، من خلال تأمين مشاريع خدماتية أو مشاريع إنتاجية، مع تعزيز وجود الدولة على أكثر من صعيد، تربوياً عبر إيجاد المدارس وتعزيزها بأساتذة كفوئين، فضلاً عن المباني المطلوبة، وتأمين الاستشفاء وهو ما يُتوقّع إنجازه من خلال «مستشفى خليفة بن زايد آل نهيان» في بلدة شبعا.

مَنْ يجول في المنطقة يلمس عن كثب أنّ ما يُسمع عنها في الخارج مغاير لحقيقة الأمر، فما يجري هو استهداف إعلامي لهذه المنطقة، وقد يكون تظهيراً لـ «سيناريوهات» يُخطّط لها، ولكن بالإمكان إفشاله إذا ما استمرّت النوايا المخلصة بمواصلة العمل الدؤوب.

وقد سُجِّلَتْ عدّة خطوات استباقية، في طليعتها عقد لقاء هو الأوّل من نوعه في مرج الزهور – قضاء حاصبيا، شارك فيه: النائب بهية الحريري ممثلة الرئيس سعد الحريري، الوزير وائل أبو فاعور ممثلاً النائب وليد جنبلاط، وفاعليات روحية وسياسية وحزبية واجتماعية (17 تشرين الثاني 2013)، تم التأكيد خلاله على وحدة الموقف ونبذ الفتنة.

«ذبذبات رادار» جنبلاط

وجاءت زيارة النائب جنبلاط إلى منطقة العرقوب (20 أيلول 2014)، وما تضمّنته من محطات في حاصبيا ثم شبعا، لتؤكد أنّ «رادار» الزعيم الوطني التقط «ذبذبات» عن أنّ أمراً خطيراً يُحضّر للمنطقة، فشدّد على أنّه «لن تحدث فتنة في هذه المنطقة، طالما أنّ أبناءها يتمتعون بهذا الوعي الوطني والعربي والقومي، هذه المنطقة التي انطلقت منها الحركة الوطنية والمقاومة الوطنية، ثم المقاومة الإسلامية، التي لا يزال قسم من أرضها محتلاً في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وعلينا ألا ننسى أنّ أرضنا محتلة».

وأشار النائب جنبلاط إلى «أهمية تجميع القواسم المشتركة لمواجهة الأخطار المُحدِقة، أخطار الإرهاب في المنطقة، من أجل التخفيف من الانقسامات»، مؤكداً أنّه «لن تكون شبعا عرسال مطلقاً، فهذه المنطقة كانت نقطة التحالف الوطني اللبناني – الفلسطيني، ومنها انطلقت المواجهة الأولى في مواجهة العدو الإسرائيلي، ثم امتدت إلى باقي الجنوب، فهذه المنطقة بشبابها وشيبها قد تحرّرت من العدو الإسرائيلي، ويبقى علينا تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، فلا خوف على شبعا من الفتنة، يجب ألا نعمّم عندما نقول لن تكون شبعا عرسال، لن نظلم عرسال، لأنّ في عرسال هناك مَنْ غُرِّرَ بهم، وهناك اللاجئون السوريون الذين أتوا إلى عرسال بكثافة، وأخطأنا في الحكومة، عندما لم نستطع أنْ نُقيم مخيّمات، ولربما كنّا قد جنّبنا عرسال تلك المصيبة، فعرسال وطنية قومية عربية، وهناك مَنْ دخل إليها، فالجيش والقوى الأمنية وباقي القوى الأمنية تقوم بكل ما تستطيع من أجل درء الفتنة وردع الإرهاب، الذي يستشري من أقصى المنطقة إلى أقصاها، هذا الإرهاب غريب عن الإسلام ولا علاقة له به، وفي هذه المنطقة كما انتصرت غزّة على الإرهاب الإسرائيلي، كذلك أنتم انتصرتم وطردتم الغُزاة».

وكانت مواقف متعدّدة أشادت بكلام النائب جنبلاط وخطواته، وأكدت العمل على مواصلة الخطوات من أجل تعزيز صمود الأهالي في مناطقهم، وفي مقدّمة ذلك إعلان وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور (27 أيلول 2014) عن قرب افتتاح «مستشفى خليفة بن زايد آل نهيان» في شبعا، وذلك بالتنسيق مع «جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية»، حيث «عقد اجتماع مع رئيسها محمد أمين الداعوق في مكتب الرئيس فؤاد السنيورة من أجل وضع آلية لتشغيل المستشفى، وقد استطعنا أنْ نصل إلى صيغة بين وزارة الصحة العامة و«مؤسّسة خليفة» و«جمعية المقاصد» على أنْ يكون هناك نوع من الشراكة بين وزارة الصحة والمستشفى و«جمعية المقاصد» و«مؤسّسة خليفة بن زايد»، بالتواصل مع الرئيس فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري ورئيس «جمعية المقاصد» محمد أمين الداعوق».

النائب الحريري

وفي إطار متابعات النائب الحريري للواقع في منطقة شبعا والعرقوب وحاصبيا وراشيا الوادي، استقبلت في مجدليون وفداً من فاعليات وأهالي منطقة العرقوب (19 أيلول 2014)، شارك فيه: مفتي حاصبيا ومرجعيون القاضي الشيخ حسن دلي، مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، قائمقام حاصبيا وليد الغفير، رئيس «اتحاد بلديات العرقوب» وبلدية شبعا محمد صعب وحشد من فاعليات المنطقة.

وأكدت النائب الحريري أنّه «كي نخرج من أزماتنا وننزع الشحن وكل الفتائل التي يمكن أن تؤدي إلى أي نوع من الاشتباك، تتم اللقاءات، ومنها زيارة النائب وليد جنبلاط إلى المنطقة، ولقاء اللحمة بهذه القيادات ضرورة من أجل امتصاص أي شرخ موجود لوضع خارطة طريق لتفادي الوقوع في أي منزلق يؤدي إلى فتنة سنية – درزية، وهذا هو الأساس بالنسبة لنا، وتشاورت مع الرئيس سعد الحريري بهذا الموضوع».

ولم تخفِ النائب الحريري أنّ «هناك مخاطر متشعبة ومتعدّدة، فهناك عدو إسمه «إسرائيل» يرابط على كتف منطقة العرقوب، وهذا يحتاج إلى درجة عالية من الوعي من أجل أنْ نستطيع تمرير هذه المرحلة، لذلك يجب العمل على كل ما يؤدي إلى التلاحم مع أبناء المنطقة، وليس جديداً علينا التلاقي، بل دائماً نلتقي في كل المحطات الدقيقة ونتشاور، ولكن هذه محطة خطرة وصعبة وحسّاسة وتحتاج إلى تشاور دائم، ويجب أنْ نؤسّس لآلية معيّنة من أجل تدارك أي أفخاخ أو ألغام يمكن أنْ تطال هذه العلاقة التاريخية السنية - الدرزية، وهذا يحتاج إلى عمل ووعي وتعالٍ عن الأمور الصغيرة».

وشددت النائب الحريري على «أهمية الشأن الإنمائي والخدماتي في المنطقة، من خلال تحريك كل القضايا المُلحة في العرقوب على كافة المستويات»، واعدةً بمتابعة ذلك مع رئيس الحكومة تمام سلام والوزارات المختصة.

النائب الخليل

{ عضو «كتلة التحرير والتنمية النيابية» النائب أنور الخليل رأى أنه «لا شك في أنّ التطوّرات الأمنية التي تحصل خلف جبل الشيخ تدعو لبنان الدولة أولاً، وأهالي البلدات المحاذية على طول شريط المواجهة ثانياً، إلى القلق والحذر، غير أنّنا نؤكد في المقابل أنّ هذا القلق، هو قلقٌ عام لدى جميع الأهالي والأطياف، وأنّ أبناء منطقة حاصبيا وضمناً بلدات وقرى العرقوب العزيزة، هم عائلةٌ واحدة، وبالتالي لا مجال مطلقاً لأي انعكاس سلبي لما يحصل في الجهة المقابلة».

وأكد النائب الخليل «أنّ الجهود والمساعي الكبيرة التي نبذلها جميعاً، نواباً ومراجع نيابية وحزبية وقوى سياسية، تصب كلها في مصلحة تمتين الوحدة وتعزيز سبل صد أي محاولة للعب على وتيرة التحريض المذهبي».

المفتي دلي

{ مفتي حاصبيا ومرجعيون القاضي الشيخ حسن دلي شدّد على «أنّ شبعا والعرقوب منطقة آمنة ومميّزة، رغم الحرمان الذي يقع عليها من قِبل الدولة وأصحاب الشأن من الإهمال واللامبالاة، ورغم النزوح الكثيف إليها من الإخوة السوريين فراراً من القتل والتدمير، إلا أنّها حافظت على العيش الواحد بين مكوّنات المجتمع في هذه المنطقة».

وأشار إلى أنّه «تربط المجتمعات الكثير من التواصل الاجتماعي والمشاركة في الأفراح والأتراح، وإنّ هذا الهدوء والحفاظ على هذه المنطقة من قِبل أهلها، وسهر القيّمين عليها والعمل الدائم لإبعاد شبح الفتنة عنها، لم يرق لبعض الساسة ولبعض الأقلام الإعلامية الصفراء، الذين بدأوا بالإشارة عدّة مرّات إلى هذه المنطقة بأنّه توجد فيها تنظيمات مسلحة، وأنّ شبعا هي رقم 2 بعد عرسال، وكأنّه توجد مؤامرة على قرى ومدن الأطراف من طائفة معينة، لبث الخوف في نفوس الناس، والعمل على تهجيرهم من خلال الدعاية الخبيثة».

وأوضح أنّ «هذه المنطقة مرّ عليها الكثير من الجيوش والاحتلالات، وغادروها، ولم تقع أي فتنة بين أهلها، والفضل بذلك إلى الوعي والمحافظة على مكونات هذه المنطقة، وإبقائها بعيدة عن الأفكار والأيدي الخبيثة، فليكف هؤلاء عن الدخول في فتنة لا تطال شرارها إلا هم وأمثالهم، لأنّ أهل هذه المنطقة والقيّمين عليها ومكوّناتها الاجتماعية والسياسية والحزبية لديهم الوعي الكافي في الحفاظ عليها، وليبتعد هؤلاء عن اللعب بالنار التي ستكويهم بنارها، ونحذّرهم من ذلك، وإنْ لم يصدّقوا فليعاينوا بأنفسهم أرض الواقع، وليبلغوننا عن تواجد هؤلاء المسلّحين، وإنْ كانوا يشيرون إلى ما هو خلف الجبال من حرب، وإنّها ستمتد إلى هذه المنطقة، فهذا وإنْ كان يوجد بعض الخشية ونحن متنبّهون لذلك، إلا أنّ وعي تلك القرى السورية المجاورة يجعل الفتنة بعيدة عن هذه المنطقة».

وألمح إلى «أنّ ما حصل مؤخراً في مدينة حاصبيا من كتابات على جدران المنازل، ما هو إلا مؤامرة مكشوفة للقاصي والداني، من نوايا الساعين لما يُحيكون من سوء لهذه المنطقة، وأنا أقول لهم: إذا أردتم أنْ تردّوا بذلك على الزيارة التاريخية التي قام بها النائب وليد جنبلاط، فلن نعطي أهمية لأفعالكم الخبيثة، فإنّ كتاباتكم وفتنتكم وتهديداتكم لا تزيدنا إلا صلابة، وهذه المنطقة وأهلها تقف سدّاً منيعاً في وجه أحقادكم».

وأكد المفتي دلي «أنّ هذه المنطقة أمانة في أعناقنا جميعاً، فلنكن العين الساهرة عليها، لأنّ لا كرامة لنا إلا بها وفيها ومعها، ومن أجل ذلك نقوم باجتماعات متواصلة مع البلديات ومخابرات الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية على الأرض، حتى إنّ النازحين السوريين يتعاونون معنا، ونضعهم في هذا الإطار، من أجل المحافظة على وجودهم ووجودنا في هذه المنطقة، وهنا تأتي أهمية تفعيل دور البلديات من خلال تفعيل دور الشرطة البلدية، ورفدها بعناصر إضافية بين الأحياء والأزقة والطرقات على مدار الساعات الـ 24، والجيش اللبناني يحكم السيطرة على المعابر الموجودة بين لبنان وسوريا في الجبال، وأيضاً «اللقاءات والتواصل مميّز بين السياسيين ومع الأحزاب الموجودة على الأرض، من أجل التنبّه لهذه الفتنة، عبر الإشاعة بأن أمراً ما سيحدث، لكن هذا الأمر بعيدٌ عن المنطقة».

الشيخ شجاع

{ كبير مشايخ خلوات البياضة الشيخ فندي جمال الدين شجاع قال: «قرارنا واضح وأكيد، بالمحافظة على السلم الأهلي والعيش المشترك، وحرصنا القوي على أفضل العلاقات مع جيراننا».

وأضاف: «إنّ العبث بأمن الوطن والمواطن سيجابه بحول الله، بموقف موحّد من كل القوى والهيئات المسؤولة، ونستطيع أن نطمئن القلقين بأن الأوضاع في منطقتنا مستقرة وثابتة، رغم خشيتنا من أن يكون عندنا بعض المندسين والمتضررين من الاستقرار الوطني».

صعب

{ رئيس «اتحاد بلديات العرقوب» وبلدية شبعا محمد صعب أشار إلى أنه «صرّحنا مراراً وفي كل وقت وحين بأنّ منطقة العرقوب مروراً بقرى حاصبيا وصولاً إلى وادي التيم، العلاقة فيها قائمة بين أهالي تلك المناطق ليست علاقة عابرة أو آنية، لكن هي علاقة متينة وصلبة نسجتها الأيام على مر السنين، متشعّبة جذورها في تلك الأرض، ليس باستطاعة أحد اقتلاعها أو زعزعتها، ومن المؤسف حقاً، وبالرغم من معرفة الجميع بهذا الأمر، ومن أنّ صيغة التعايش القائمة، ومن العلاقة الطيبة والحميمة بين أهالي تلك المناطق، يحاول البعض جاهداً وبكل الوسائل وبشكل خاص خلال إطلاق بوق الإشاعات المغرضة والفتنوية، زعزعة تلك العلاقة، والعبث بأمن المنطقة وجر الفتنة إليها».

وأضاف: «قلنا ونؤكد مجدّداً مع كل المشايخ والأهالي وأصحاب المقامات والمرجعيات السياسية والدينية والأمنية، أن الأمر الذي يسعون إليه عبر ترويج تلك الشائعات، لم ولن ينالوا مرادهم مهما فعلوا، وهذا ما أكد عليه النائب وليد جنبلاط عبر زيارته للمنطقة ولشبعا، وأيضاً وزير الصحة وائل أبو فاعور، ونحن نؤكد ذلك أيضاً، أن أمن واستقرار المنطقة خط أحمر، ولن نسمح بالمساس والعبث به، وأن صيغة التعايش القائمة بين أهالي المنطقة، ستبقى منارة وأمثولة لكل المجتمعات داخل وخارج لبنان».

القادري

{ رئيس بلدية كفرشوبا الدكتور قاسم القادري رأى أنّ «القلق يتزايد في منطقة حاصبيا والعرقوب كبقية المناطق اللبنانية، من تداعيات الأحداث الجارية في سوريا والعالم العربي على الداخل اللبناني، والتي تنذر بفتن طائفية ومذهبية تنفّذها جماعات إرهابية تكفيرية، تحظى بدعم إقليمي ودولي، هدفها إعادة ترسيم جغرافي ديمغرافي للمنطقة العربية، وتأتي بعض وسائل الإعلام، كأبرز الأسلحة المستخدمة في تحقيق هذه المشاريع، بما تروّجه من «سيناريوهات» مخيفة، وبما تبثّه من شائعات كاذبة، تولد حالة من الاستنفار العصبي، والتوتر المذهبي».

وشدّد على أنّه «في مواجهة هذه الأوضاع المتفجرة خلف حدودنا، نحن في منطقة حاصبيا والعرقوب، عائلة واحدة، ولحمتنا قوية، وتماسكنا شديد، ويقظتنا عالية، والعلاقات الوطيدة التي صنعها تاريخ من المحبة والتضامن والإخاء بين أبناء المنطقة، لن تؤثر فيها الحروب النفسية، والإشاعات المغرضة والمخاوف الباطلة».

وختم الدكتور القادري: «إنّنا في هذه المنطقة لن ننجر إلى فخ الاقتتال الطائفي الهمجي، ولن ننساق وراء أي محاولة لإشعال الفتنة من هنا أو هناك، وكلنا ثقة بأنّ وعي العقلاء وإرادة الوحدة والتآخي بين أبناء المنطقة كفيل بتجنيبها كل التأثيرات السلبية والكارثية إن شاء الله، والتفافنا حول جيشنا والأجهزة الأمنية، هو الضمانة الوحيدة لدرء هذه الأخطار وحمايتنا من شرورها».

وسيلة النقل الوحيدة للنازحين من سوريا إلى شبعا عبر «الدواب»
وسيلة النقل الوحيدة للنازحين من سوريا إلى شبعا عبر «الدواب»


تعليقات: