من الذاكرة، قرى دمرها الاحتلال: \"خيام عبس\" أو العبّاسية

العابسية
العابسية


طردت العصابات الصهيونية بقوة السلاح أهالي 530 مدينة وقرية وعشيرة العام 1948 واستولت على أراضيهم التي تبلغ مساحتها نحو 18.6 مليون دونم أو ما يساوي 92 في المئة من مساحة إسرائيل القائمة حاليا. واقترفت تلك العصابات ما يزيد على 35 مجزرة لكي يتحقق لهم الاستيلاء على فلسطين.

وتبين الملفات الإسرائيلية التي فتحت أخيراً أن 89 في المئة من القرى قد هُجر سكانها بسبب عمل عسكري، و10في المئة بسبب الحرب النفسية (التخويف وإثارة الرعب)، و1 في المئة فقط بسبب قرار أهالي القرية بتركها.

ويعيش في "إسرائيل" الآن نحو مليون ومئتي ألف فلسطيني، ، وهم يشكلون 18 في المئة من مجمل سكان الدولة العبرية، 50 في المئة منهم في منطقة الجليل من مدينة الناصرة كبرى المدن وحتى الحدود اللبنانية والسورية، فيما يعيش النصف الآخر ابتداء من منطقة المثلث المحاذية لشمال الضفة الغربية ووسطها وحتى صحراء النقب، ويعيش في مدن الساحل من عكا وحيفا ويافا واللد والرملة أكثر من مئة ألف فلسطيني.

من القرى التي دمرها الاحتلال قرية العابِسِيّة التي كانت تقع في رقعة مستوية من الأرض في القطاع الشمالي الشرقي من سهل الحولة، الى الشمال الشرقي من مدينة صفد وتبعد عنها نحو 25 كيلومترا، قريباً من الحدود السورية واللبنانية. وكانت قرى فرعية تصلها بالقرى المجاورة، حيث تقع على نهر بانياس بين قريتي المنصورة والدوارة القيطية اقرب قرية لها كانت في العهد العثماني من أعمال مرجعيون عرفت باسم "خيام عبس"، كما كانت تشمل سكان خربة السمان وعين فيت على اثر النكبة تم طردهم من الخربتين.

في أواخر القرن التاسع عشر، كانت العابسية قرية مبنية بالطوب، وعدد سكانها نحو سبعين نسمة يحرثون الأرض، ويروون مزروعاتهم من مصادر المياه الكثيرة المحيطة بالقرية، ولا سيما نهر بانياس، حيث كانوا يتزودون بمياه الشرب من الينابيع التي كانت تصب في النهر. أما منازل القرية فكانت إجمالاً متقاربة بعضها من بعض، لكنها كانت أقل تراصفاً في الجهة الشرقية من القرية، حيث كانت يتم تشييد النازل الحديثة (وتوسعت القرية في عهد الانتداب البريطاني).

كانت غالبية سكان القرية من المسلمين، ويعتمدون على الزراعة كأهم موارد رزقهم، حيث كانوا يستنبتون الفاكهة، وضمنها البرتقال، على ضفة النهر البعيدة جنوبي القرية وجنوبيها الغربي.

وفي موسم العام 1944 ـ 1945، كانت ما مجموعه 4 من الدونمات مخصصة للحمضيات والموز، و2830 دونماً للحبوب، و6390 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين، وكان يقع بالقرب من العابسية خرب تل الساخنة وتل الشريعة والشيخ غنام.

ويشير الأرشيف الاسرائيلي استناداً إلى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، الى أن سكان القرية فروا في 25 ايار (مايو) 1948، من جراء الحرب النفسية التي شنها الإسرائيليون بالتزامن مع عملية "يفتاح". فيما يرجح المؤرخ الإسرائيلي بيني موريس أن القرية قد تكون تعرضت لهجوم عسكري مباشر، ذلك بأنه كان من أهداف عملية "يفتاح" المعلنة جعل منطقة الجليل الشرقي كلها خالية من سكانها الفلسطينيين.

وفي 18 أيار (مايو)، كانت إحدى المستعمرات المجاورة تخطط للاستيلاء على شطر كبير من أراضي هذه القرية. فقد كتب أعضاء كيبوتس سدي نحميا (هوليوت) إلى رئيس المركز الزراعي يطلبون منه، بشيء من الخجل، أن يخصهم، بـ1700 دونم من أراضي العابسية.

حتى قبل سقوط القرية رسميا، كان أعضاء العصابات الصهيونية والمستوطنين اليهود قد انشأوا قبل العام 1948، ثلاث مستعمرات يهودية قد أسست قريباً جداً من موقع القرية، حيث أنشئت مستعمرة عمير عام 1939، ومستعمرة سادي نحاميا في العام 1940، بالقرب من القرية. وعام 1942 تم إنشاء مستعمرة كفار سولد الى الشرق من موقع القرية.

وفي 22 ايار (مايو) 1948، شردت العصابات الصهيونية سكان القرية، ثم قامت بمحو القرية عن الوجود، ولم يبق من القرية عين ولا أثر.

وغلبت الحشائش والنباتات البرية وبعض الشجرات المتفرقة على أرض الموقع، أما الأراضي المحيطة بالموقع، فيزرعها سكان مستعمرة كفر سولد.

تعليقات: