نظيرة جنبلاط، الستّ التي كانت تفكّ المشنوق، في كتاب لشوكت اشتي

الستّ نظيرة جنبلاط ظاهرة نسائية وزعامة خارجة عن سياقها التاريخيّ المجتمعيّ
الستّ نظيرة جنبلاط ظاهرة نسائية وزعامة خارجة عن سياقها التاريخيّ المجتمعيّ


كتاب - "الستّ نظيرة جنبلاط من جذور العائلة إلى ربوع الوطن" لشوكت إشتي ظاهرة نسائية وزعامة خارجة عن سياقها التاريخيّ المجتمعيّ

صدر عن "دار النهار" كتاب "الستّ نظيرة جنبلاط من جذور العائلة إلى ربوع الوطن" للكاتب شوكت إشتي، يحاول الإجابة عن تساؤلات مبدئيّة وأساسيّة تطرح نفسها في بيئة اجتماعيّة تقليديّة محافظة بطبيعتها، ذكوريّة بامتياز، حول طبيعة التجربة في بيئتها الخاصّة من جهة، وفي محيطها الأوسع من جهة أخرى، إضافة إلى انعكاساتها وتأثيراتها المجتمعيّة العامّة: ما العوامل المؤثّرة في ارتقاء نظيرة جنبلاط الزعامة مدى ثلاثة عقود (1921 – 1951) على الرغم من وجود "رجال" جديرين وذوي نفوذ وأهميّة في العائلة الجنبلاطيّة؟ هل يكفي التذرّع بفقدان الزوج لتنتقل الزعامة إلى الزوجة بهذه السهولة؟ وكيف وافقت المرجعيّات الروحيّة ذات التأثير الكبير والقاعدة الشعبيّة، عائلة وأنصاراً، على تسلّم مركز القرار، خصوصاً في ظلّ وضع حسّاس، درزيًّا، بوجود زعامة منافِسة هي اليزبكيّة؟

يحاول الكتاب الإضاءة على مدى تقبّل المجتمع السياسيّ اللبنانيّ هذه الزعامة في مرحلة مصيرية تمثّلت في إعلان دولة لبنان الكبير (1920). وعوامل "صمودها" 3 عقود: هل هي ميزات شخصية الستّ نظيرة؟ أم قوّة الزعامة الجنبلاطيّة تحديداً؟ أم الظروف السياسيّة والمجتمعيّة السائدة آنذاك؟ أم هذه العوامل مجتمعة؟

يضيء الكتاب على سيرة الست نظيرة (1890 – 1951) كـ"ظاهرة خارجة عن سياقها التاريخيّ المجتمعيّ أو كسابقة غير معهودة في موقعها ودورها ومركزها" (ص14). فهي استطاعت، بعد مقتل زوجها فؤاد نجيب جنبلاط (1885-1921) أن تتصدّر كرسيّ الزعامة الجنبلاطيّة وتغدو أبرز زعماء الشوف، بما تمثّله الأسرة من موقع مميّز وخاصّ عند طائفة الموحّدين الدروز. يُبرز الكتاب، آليّة العمل التي اعتمدتها، وإنجازاتها وخدماتها، وتأثير التجربة "النسائيّة" في البيئة الاجتماعيّة الخاصّة وفي المجتمع اللبنانيّ عموماً.

ولا يغفل الكتاب تأثّر زعامة الستّ نظيرة، في أوائل الأربعينات بمشاركة ابنها كمال. فـ"منذ انتخابه نائباً لأوّل مرّة (1943) أصبح الزعيم "الشرعيّ" للعائلة وللغرضية الحزبية"، ما جعل زعامة الخلف في حضور السلف مسألة لها التباساتها ومضاعفاتها وتساؤلاتها" (ص16).

من الطبيعيّ، في الإضاءة على سيرة زعامة تاريخيّة خرجت من حدود العائلة إلى ربوع الوطن، تأريخ، إذا صحّ التعبير، مرحلة مصيريّة في الشرق عموماً ولبنان خصوصاً شهدت تكريس الانتداب الفرنسيّ وهيمنته وتشكيل دولة لبنان الكبير، وما أعقبه من مواقف متعارضة، وإعلان الثورة السوريّة الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش وتداعياتها على الكيان اللبنانيّ... وقد كان للستّ نظيرة كفاية لافتة في التعامل مع هذه الحوادث، وخصوصاً الانتداب والثورة السوريّة.

للكتاب مقدّمة وستة فصول وخاتمة. يتطرّق الفصل الأوّل إلى تاريخ الجنبلاطيّة، والثاني يمهّد لتصدّر نظيرة جنبلاط من خلال عرض مَن كان قبلها مباشرة في موقع الزعامة، والثالث يعرض عوامل "تأنيث الزعامة" بحسب تعبير الكاتب؛ والرابع يعرض لمواصفات الستّ نظيرة وطريقة أدائها؛ والخامس يناقش إشكاليّة علاقتها مع الانتداب الفرنسيّ وتأثير الثورة السوريّة الكبرى فيها؛ أما السادس فيتطرّق إلى تعارض نهجها ونهج كمال جنبلاط ويتحدّث عن خلافاتهما. وفي الخاتمة، أثر تجربة الزعامة النسائيّة في المجتمع عموماً وفي المرأة خصوصاً.

الكتاب "ليس تكريماً لشخصها فقط، بل تكريمٌ للمرأة في وطننا وتقديرٌ لدورها واعترافٌ بطاقاتها وإقرارٌ بقدراتها"، كما ورَدَ في مستهلّ المقدّمة.

تعليقات: