حسين زهرة في انحناءته الأخيرة

حسين محمد علي زهرة.. عرفناه شامخا كالجبل، قويا دائما ومتعبا ابداً
حسين محمد علي زهرة.. عرفناه شامخا كالجبل، قويا دائما ومتعبا ابداً


منذ صغري عرفته شامخا كالجبل، عرفته قويا دائما ومتعبا ابداً!

شاب مربوع القامة بكتفين رفيعتين عريضين وعيون ضائعة، من باب خشبي عتيق لمنزل صغير واطئ كان يخرج قبل انبثاق الضوء الى ساحة البلدة لمباشرة التعب، فالشاحنات قد تصل باية لحظة، وعلى حسين علي زهرة ان يكون كما بقية العمّال الأقوياء متأهبا لتنزيل حمولة او رفع اخرى قد تكون اكياسا كبيرة من القمح او الطحين، وللاكياس الاثقل رجالها القلائل وابرزهم كان حسين زهرة.

كل الشاحنات التي وصلت الخيام حملت بصماته، وعرقه، وتعب عينيه، وكل البيوت التي استقبلت اكياس طحينها استقبلته على ظهر حسين، او على ظهر عمال اخرين متعبين مثله كان حسين يسبق الجميع ويسابقهم على ضخامة محمولاتهم وكل همه الرغيف النظيف الحلال هذا السبق لم يشفع له فكان ان انهار تحت ثقل احماله وقال الطبيب ديسكا وعمليات وتوقفٌ عن العمل ....

انتقل حسين بعد معاناة واوجاع للعمل في كادر التنظيف التابع لبلدية الخيام مستبدلا الاثقال الكبيرة بمكنسة يكاد لا يقوى على استعمالها او حملها ...

كل ذلك العرق والتعب لم يستطع ان يقدم لحسين غير رغيف اسود، ومستقبل اسود، ومنزل متواضع.

حسين زهرة حكاية معاناة وفقر وشيخوخة تعيسة، حكاية نموذج لعمال اعطوا وماتوا اشقياء متعبين.

شباب اقوياء يقدمون اعمارهم، فتوتهم، عيونهم وكل نسغ يمر في سواعدهم، يقدمون عرقهم ودمهم ودموعهم ومع ذلك يعيشون في دائرة الجوع ، ولا يستطيعون ان يورثوا ابناءهم غير التعب.

اجساد تكويها الشمس وعظام يفتتها الصقيع، ايد مجبولة بالشحبار والطين تستعين بكل ما تبقى لها من انفاس كي تحارب الفقر والحاجة، لا ضمان لها غير عرقها وتعبها وبعض روح تخفق في ثنايا جسدها.

حسين زهرة تحية لعرقك المالح،

تحية لتعب ساعديك وكتفيك وعينيك،

تحية لقامتك التي ما انحنت الا تحت ثقل احمالها،

تحية لمكنسة حملتها صنعت جمالا في الخيام،

تحية لنبل منزلك الطيني تعبت وتعبت وبقي على طينه،

تحية لك رجلا متعبا طيبا مرّ تاركا كثيرا من الوجع وكثيرا من الاسئلة عن العدالة والجوع والمرض والعمل وعن صدق العطاء وعن رغيف يستمر بعيدا رغم كثير من التعب وكثير من الشقاء.

..

* عزت رشيدي، عضو المجلس البلدي في الخيام


------------ --------------- --------------

يصادف نهار الأحد الواقع فيه 22 آذار 2015 ذكرى أسبوع المرحوم

حسين محمد علي زهرة (أبو محمد)

تقام الذكرى عند التاسعة والنصف صباحًا في حسينية البلدة

له الرحمة والمغفرة ولذويه الصبر والسلوان

..

سجل التعازي بالمرحوم حسين محمد علي زهرة (أبو محمد)

تعليقات: