إبراهيم سعد هو الذي حمل عبء الكلمات على ظهر ابجديته ، دون ان يتأفف
كان كاتبا للمرأة ..
ودستورا للجمال ...
وعنوانا لثقافة الروح ...
وجمهورية لأناقة فكر...
لا يصدأ ..!
ولا يتعفن ...!
ولا يتأكسد ...!
ان لامس الجو الخارجي للحياة ....
كان جنديا مجهولا ، يحارب على السطور سلبيات الواقع،
دون أن يحمل سلاح ، أو يحتمي بدرع ،أو يرتدي سترة نجاة...!
ودون أن يصيب القاريء الا بطلقات من العيار الثقيل للحب ، والحنان ، والمودة،
حيث يشعر المتذوق لكلماته بنشوة تمنحه شعورا بولادة جديدة للأمل بداخله ...
كان محترفا بالحق ، يجيد فن التواصل
والحوار، يملك كاريزما خاصة تمكنه من التربع على عرش الكلمة رغم تواضعه الحي ..
حتى اتبعه الاغلبية كما تتبع زهرة عباد الشمس النور
فأينما تُكتب كلمة له ، كانت الجاذبية تتبعه ..واينما تُعلق صورة لعبارته ، كانت الأنوثة تصوت له
وتنتخبه..
فهو الرجل، والكاتب ، والقاريء ، والمحدث
الذي حمل عبء الكلمات على ظهر ابجديته ، دون ان يتأفف
أو أن يشعر بالعجز لثقل القضية التي ناصرها وأجاد الكتابة عنها
وبللها بريق الشِعر ، ولعاب الحبر ، ودموع الغربة ..
هو ليس كأي كاتب ....
فمساره كان واحدا ، ووجته معروفة ، رغم ان كل الطرق التي سلكها ،
كانت وعرة ، وبها الف حفرة للسقوط ، ألا أنه لم يتعثر ولم يسقط ..
بل كان كلما خطي خطوة إرتفع ، وارتفعنا معه
فكيف لنا ألا نذكر من وهبنا أوسمة مجانية ، كان ثمنها راحته ..
وكيف ننسي من حلقنا معه الي حدود الخيال الممتع ،
دون أن يخدش الوهم حقيقته ..
وكيف لا نكتب عنه والكتابة دون ذكره ماض ...
والحاضر دون تكرار إسمه نكرة ...
هذا الإنسان الذي رحل بارتطام قفص صدري للشِعر، وتحطم رئة للعبارة ،
وتكسر عظام للحرف ، وتهشم جسد لروح الكلمة ، وانشطار سطر عن سطر ...
وانفلاق قصبه هوائية عن اكسجين الأبجدية ..
كيف لنا الا نعيد تكرار جنازته ..!
وحمل إكليل من الورد ليسجى على رخامة قبره ليقول له العطر كم وكم اشتقنا لكلماته..
فهناك أناس يرحلون ، ويأخذون معهم ذاكرتنا
وهناك اناس نرحل معهم ، وتشتعل لرحيلهم شوقا مودتنا ..
فكل قلم عرفه ولم يبكيه ليس بقلم
وكل حبر عاشره ولم يفاجأه رحيله ليس بحبر
وكل صفحة بيضاء لم ترتدي الحداد في جنازته
ليست سوى صفحة لم تصدق نبأ اغتيال القدر
لكتابه ...
فقد بقي مكانك خاليا علي صفحات موقع يسأل عنك دوما فراغه ...
لانه لا يريد ان يستوعب رحيلك ، او يصدق ان قلمك قد جف عن الابداع ، ومن الكتابة على صفحاته...
فكيف بمن عرفك ولمس ما بداخلك ، رغم ان خارجك لا يختلف عنه ابدا ...
الى روحك اهدى دعواتي ، وانقباضاتي
وحزني الذي لا يسكنه فرح ، ولا يدوايه زمن
فحينما كتبت عني اصبحت انثي ....
وحينما منحتني حجما اكبر من حجمي تحولت الي هدى ...
وحينما ذكرتني بمقالة صرت اسم معرب لا يحتاج للام التعريف ليُعرف...
فكيف لا ارثيك ..؟؟
وانت من رثي الخطأ الذي استعبدنا
بقيود من القلق ...
وكيف لا اعيد فتح ملفات رحيلك...؟؟
وانت من جعل لعاطفتنا ملفات من الحبق...
يا من هو حي في كل كلمة لنا ، ومتوف فقط في ارشيفات الموتي ، وقيد الزمن...
فرغم افتقادنا لكلماتك عن (السيدة الجميلة )
الا اننا لا زلنا نشعر بأن السيدة الجميلة حاضرة
في كل ملامح امرأة ، وحضور أنثي ، وبكاء سيدة ،ومناجاة حواء ...
فى ذكرى رحيلك التى نحن على بعد ايام قليلة منها اقول :رحمك الله واسكنك فسيح جناته
يا قصيدة لا تمحي ، وحضورا لا ينسى ، واسلوبا لا يستنسخ ، ونهجا لا يفني ..
اختم كلماتي دوما بكلماتك استاذي وانت الذي كتبت عن الموت
فقلت :
سرير الموت لم يرحم دموعي
ونار عاتية شبت من ضلوعي
وجنب القبر شاهدت المنايا
تجيد الرقص على موضع جروحي
وللآهات سلمت شريط
من الويلات تاهت في حروفي
تعليقات: