عن ثلاثة أطفال مكفوفين نازحين من إدلب في مخيم مرجعيون

الإخوة  الثلاثة الذين فقدوا بصرهم منذ الولادة يعيشون مع عائلتهم في خيمة قماشية مهترئة عند الطرف الغربي لمخيم مرجعيون
الإخوة الثلاثة الذين فقدوا بصرهم منذ الولادة يعيشون مع عائلتهم في خيمة قماشية مهترئة عند الطرف الغربي لمخيم مرجعيون


الصدفة جمعتنا، مطلع شهر نيسان من العام الماضي، مع النازح السوري من ادلب أحمد العمر 65 عاما، الذي يعيش مع عائلته المؤلفة من 13 فردا في خيمة قماشية مهترئة عند الطرف الغربي لمخيم مرجعيون.

بدا العمر في حالة نفسية صعبة للغاية، وقد جمع من حوله ثلاثة مكفوفين هم ثلاثة من أبنائه. استغل فرصة اللقاء ليسهب في شرح معاناته والظروف القاسية التي يعيشها. فالرجل مصاب بمرض الربو الذي يحد من حركته، وزوجته المتعبة عاجزة عن تأمين لقمة العيش ورعاية العائلة، ليبقى همها وقلبها أبدا على أبنائها الثلاثة الذين فقدوا بصرهم منذ الولادة.

"شغلنا الشاغل الوقوف إلى جانب هؤلاء الأطفال المساكين، نحار كيف نساعدهم ونخفف عنهم عناء التأقلم مع هذا التهجير القاسي"، تقول الوالدة وقد ارتسمت على وجهها علامات التعب والحيرة، مضيفة: "نقضي الليالي في التضرع إلى الله ليرزقهم بصاحب قلب حنون كبير يمد لهم يد المساعدة، وينقذهم من هذه المأساة التي رافقتهم منذ أن جاؤوا إلى هذه الدنيا، علهم ينعمون في هذا النزوح الظالم، وبعد طول انتظار، بنعمة النظر، لتفتح أمامهم عالما جديدا يحلمون بولوجه والتعرف إليه".

الأمل في الحصول على المساعدة، إضافة إلى معاناة العائلة وظروفها القاسية، شكلت مادة لتحقيق نشر عبر "السفير"، وقد لاقى ذلك تجاوبا سريعا وجديا من قبل أحد رجال الأعمال في الجنوب وإحدى المؤسسات الخيرية. وقد جرت في سبيل ذلك سلسلة اتصالات بين مندوب "السفير" في المنطقة الحدودية وبين العائلة النازحة، لينتهي الأمر بعد ذلك عند رجل الأعمال اللبناني خضر. ف. وهو من منطقة الجنوب، الذي أبدى الحماسة والاهتمام لتقديم كل ما تتطلبه العمليات الجراحية من كلفة مادية، وما يليها من نفقات مراجعة وأدوية وإقامة.

بدوره، تكفل رئيس "مؤسسة عامل الدولية" الدكتور كامل مهنا، بمتابعة وضع الأشقاء الثلاثة قبل العملية وبعدها، والوقوف إلى جانبهم طيلة فترة العلاج التي من الممكن أن تستمر لفترة عام كامل، ووضع بتصرفهم سيارة إسعاف مع فريق طبي متخصص يعمل على نقلهم من المخيم حيث يقطنون في محيط مرجعيون إلى عيادة طبيب العيون الجراح إبراهيم العلي في جب جنين، وهذا الأخير كان قد أجرى نهاية الأسبوع الماضي أول عملية لأحد الأطفال ويدعى عبدو 13عاما تكللت بالنجاح، بعد استقدام قرنية من النوع الممتاز من فرنسا، على أن يلي ذلك عمليات زرع قرنية لشقيقيه بسام وخليل، في وقت لاحق.

وأشار العلي إلى أن العملية كانت ناجحة بنسبة عالية، معبرا عن أمله الكبير بأن يبصر عبدو النور خلال فترة قريبة، مشيرا إلى أن العملية يلزمها متابعة حثيثة، وأنه على استعداد لإنجاز هذه المهمة الإنسانية، بكل ما لهذه الكلمة من معنى.

عائلة العمر الفرحة بإجراء العملية ترقب الأيام المقبلة لحظة بلحظة، فالعيد "صار عيدان" يقول الوالد، موضحا أن "نعمة النظر لأطفالي تساوي كنوز الدنيا، وهنا لا بد أن نتوجه بالشكر والامتنان لكل من ساهم في انجاز هذه المهمة الصعبة، والتي كانت حلما تحقق على أيادي أصحاب النيات الحسنة والأيادي الكريمة البيضاء".


تعليقات: