واقع منطقة العرقوب وحاجاتها ووضع مزارع شبعا

المفتي الراحل جلال الدين
المفتي الراحل جلال الدين


وثائق تؤكد امتلاك الأوقاف الإسلامية السنية "مزرعة مشهد الطير" الأكبر مساحة بين المزارع

المفتي جلال الدين تقدم بدعوى منازعة مع الحكومة اللبنانية في العام 1944 وكسبها

تُعتبر مزارع شبعا، المنطقة الوحيدة، التي ما زال يحتلها العدو الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، وهي من أراضي منطقة العرقوب، التي تمتاز بموقعها الجغرافي، كنقطة تواصل مع فلسطين المحتلة والجولان السوري المحتل·

وتتمتع منطقة العرقوب بدورها التاريخي والنضالي، الذي تجسد قولاً عبر تضحياتها الجسام على مر العقود الماضية، وبشكل خاص إثر نكبة فلسطين في 15 أيار من العام 1948 ·

وتتغنى منطقة العرقوب بمزارعها المعطاءة والخيرة·· وهي لبنانية الإنتماء جغرافياً ونضالياً، على الرغم من محاولات البعض التشكيك في لبنانيتها، ولكن الوثائق تثبت لبنانية هذه المزارع، وأنها تتبع إلى بلدتي شبعا وكفرشوبا التابعتين لقضاء حاصبيا في محافظة النبطية حالياً (ومحافظة الجنوب سابقاً)·

وإذا كانت القرارات الدولية لم تقر صراحة بلبنانية هذه المزارع لأن "إسرائيل" تصر على اعتبارها سورية وليست لبنانية، وبالتالي فإن ذلك مصيرها مرتبط بالمفاوضات الإسرائيلية مع سوريا وليس لبنان، فإن المؤسف أن هناك أصواتاً لبنانية تعلو بين الحين والآخر تشير الى عدم لبنانية هذه المزارع·· يقابلها إصرار من فريق لبناني كبير بلبنانيتها، واعتبار أن عدم الإنسحاب الإسرائيلي منها، يُشكل خرقاً للقرار الدولي 425 الصادر في آذار من العام 1978، والذي ينص على "انسحاب العدو الإسرائيلي من كامل أراضي لبنان المحتل"· وقد تكرس هذا الإصرار في استمرار عمليات المقاومة فيها، على الرغم من كل الضغوطات الدولية، واستمرار الإعتداءات الإسرائيلية·

وبرزت طروحات للعلن عن "سيناريوهات" بأن يتم وضع المزارع تحت سلطة الأمم المتحدة، بإنتظار البت بترسيمها مع الجولان السوري المحتل· وإذا كانت "إسرائيل" والأمم المتحدة يعتبران أن مزارع شبعا سورية، فإن الوثائق والأدلة القاطعة أكدت لبنانية المزارع، وكذلك الإعتراف السوري بلبنانيتها· وقد حصلت "اللـواء" على وثائق جيدة تثبت لبنانية المزارع· يؤكد أهالي منطقة العرقوب، لبنانية مزارع شبعا التي تبلغ حوالى 200 كلم2، وتمتد أراضيها من قمة الزلقة 2669م (أي ثاني أعلى قمة في جبل الشيخ) انحداراً الى تل القاضي في سهل الحولة، ويبلغ معدل طولها من الشمال - الشرقي الى الجنوب - الغربي 25 كلم، ومعدل عرضها 8 كلم من بلدة كفرشوبا شمالاً حتى بلدة جبانة الزيت· وقد إحتلت قوات الإحتلال الإسرائيلي مزارع شبعا بعد عدوان 5 حزيران من العام 1965، وتحديداً إعتباراً من 15 منه وعلى 8 مراحل كانت آخرها في نيسان من العام 1989 ·

الموقع المتميز

تتمتع مزارع شبعا بموقع جغرافي فريد، يشكل أهمية إستراتيجية على منطقة الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة وأراض الجولان المحتلة، حيث تتمتع بقمم جبلية مرتفعة تصل إلى 2600م، وتشرف على هضبة الجولان وسهل الحولة والجليل وجبل عامل وسهل البقاع· وتمتاز بمزروعاتها الغنية وفقاً للتنوع المناخي في المزارع بين سهل الحولة على إرتفاع 400م عن سطح البحر، وقمة الزلقة على إرتفاع 2669م، حيث كانت تشتهر بالحبوب على أنواعها، والأشجار المثمرة والخضار والبقول، وغابات الأشجار المعمرة من السنديان والملول والبطم والزعرور، وخصوصاً غابة "مشهد الطير" التي تحتوي مقام مقدس للنبي إبراهيم (عليه السلام) وتعود ملكيتها الى الأوقاف الإسلامية السنية، هذا فضلاً عن المراعي والمواشي التي يخصص لها المزارعون مساحات شاسعة ترعى فيها، إضافة على الخيول والدواجن·· كما إشتهرت مزارع شبعا بمعاصر الزيتون والدبس وبآثارها التاريخية كالمغاور والآبار والنواويس·

وتعود ملكية هذه الأراضي الى عائلات في شبعا وكفرشوبا والأوقاف الإسلامية السنية والروم الأرثوذوكس، ونظراً للموقع الإسترتيجي للمزارع، فإن مخطط التوسع الصهيوني كان ملازماً لمخطط إقامة الكيان الإغتصابي، وتعدى مشروع الدولة حدود فلسطين المغتصبة في العام 1948، إلى أراضٍ عربية أخرى في عدوان 1967، وقد جاء إحتلال هذه المزارع ليؤكد أن أراضي لبنان ومياهه، هي في صلب الأطماع الصهيونية الإسرائيلية، التي تتذرع بها لتنفيذ أي عدوان، وهو ما كان بعد عدوان حزيران 1967، حيث تذرعت "إسرائيل" آنذاك أن رئيس وزراء لبنان رشيد كرامي بعث برسالة تضامن إلى دول المواجهة في 31 تموز 1967، فسارع وزير خارجية "إسرائيل" في 14 آب 1967 إلى إلغاء اتفاقية الهدنة مع لبنان من طرف واحد، فيما أكد لبنان استمراره التمسك بالإتفاقية·

وتأكيداً على لبنانية المزارع فقد حصلت "اللـواء" على وثائق تؤكد ذلك، حيث تثبت حصول منازعة بين الأوقاف الإسلامية السنية والحكومة اللبنانية على قطعة أرض تعرف باسم "مشهد الطير الإبراهيمي" والواقعة في خراج بلدة شبعا لجهة وادي العسل على الحدود مع سوريا، والتي تعتبر أبعد نقطة في المزارع للجهة السورية، وهو ما يثبت لبنانيتها، فكيف بالمزارع الأخرى التي تعتبر أقرب منها الى شبعا وتلال كفرشوبا؟

وقد كان لسماحة مفتي صيدا والجنوب الراحل الشيخ محمد سليم جلال الدين، دوراً رئيسياً في إثبات لبنانية هذه المزارع، حيث وما أن جرى تعيينه قاضياً شرعياً في المحكمة الشرعية السنية لحاصبيا في 6 كانون الثاني من العام 1943، حتى بادر إلى تنظيم أوراق لإثبات أن قطعة الأرض المعروفة بإسم "مشهد الطير الإبراهيمي" هي لـ "الأوقاف الإسلامية السنية"، وكان ذلك في 30 تشرين الثاني من العام 1944، حيث جرى إتخاذ قرار نهائي من المحكمة الشرعية العليا حمل الرقم 12/9 وصدر في 2 شباط 1949، وأكد أحقية الأوقاف السنية بذلك، كما أن مجلس الوزراء اللبناني اتخذ قراراً في جلسته المنعقدة بتاريخ 16 كانون الثاني 1948، أكد فيه "أن "مشهد الطير الإبراهيمي" تعود ملكيته للوقف الإسلامي السني في شبعا·

هذه الوقائع تثبت أن المنازعات كانت تجري مع الدولة اللبنانية وليس الحكومة السورية أو أي جهة أخرى·

كذلك، فإن عائلة مفتي حاصبيا ومرجعيون الشيخ حسن دلي، قد دفعت قبل عدة أشهر رسوم إنتقال ملكية أراضي في مزرعة قفوى في مزارع شبعا، كانت مسجلة باسم الوالد المرحوم إسماعيل دلي الى أفراد عائلته الى خزينة الدولة اللبنانية· وقف "مشهد الطير"

وروى المفتي جلال الدين أنه "لم ترد إلى محكمة حاصبيا، طيلة وجودي قاضياً فيها، قضية تتعلق بالوقف إلا موضوع وقف "مشهد الطير الإبراهيمي في شبعا"، وإليكم تفصيله:

"مشهد الطير الإبراهيمي" عبارة عن قطعة أرض تكثر فيها أشجار السنديان، وعليها مقام مسجد يفد إلى زيارته بعض الناس، ويعتبر من الآثار التاريخية التي تحكي جزءاً من تاريخهم في هذه البقعة الطيبة من أرض الجنوب، وهو وقف فقدت سجلاته مع تقادم الزمان، ولم يبق له قيد في سجل رسمي بشأن أمثاله من الأوقاف القديمة· وقد خاف المسلمون في شبعا ومزارعها من بقائه من دون قيد رسمي، لا سيما أن أطماع الإسرائيليين متطلعة إليه، فلجأ القائمون على إدارة الأوقاف الإسلامية إلى إثبات وقفية المشهد المذكور وفقاً للأحكام الشرعية· وبالفعل حضر جمهور كبير من أهالي شبعا المسلمين الموثوقين والمعروفين بأمانتهم وصدقهم، وشهد كل واحد منهم حسبة لله تعالى بأن "مشهد الطير الإبراهيمي" وقف مشهور ومعروف لمسجد شبعا ومشهد الطير، وأن ريعه يصرف على مسجدي شبعا ومشهد الطير، قياماً بالواجب الديني ولما في هذه الشهادة من إثبات حق من حقوق الله تعالى، ورغبوا إلى المحكمة تسجيل شهادتهم وما يبني عليها من المقتضى الشرعي·

وجاء في الحكم الذي صدر عن المحكمة الشرعية السنية في حاصبيا بثبوت قطعة الأرض المعروفة باسم "مشهد الطير الإبراهيمي":

"مجلس الشرع الشريف المنعقد في المحكمة الشرعية بحاصبيا، برئاسة القاضي الشيخ محمد سليم جلال الدين، حضر السادة: مصطفى حمدان الملاك بشبعا، وأسعد محمد التاجر في القرية المذكورة، وحسين يوسف ماضي الملاك، وأحمد علي الخطيب الملاك، وعلي محمد منصور الملاك، وأفندي حسن الخطيب الملاك، وخالد إبراهيم الخطيب مختار القرية المذكورة، وسعد الدين عبد اللطيف ماضي الملاك، وهاشم إسماعيل هاشم عضو اختيارية شبعا، ومحمد مرشد ضاهر التاجر، ويوسف علي النابلسي الملاك، وأحمد حسين الخطيب التاجر، وزكريا عثمان صعب الملاك، ومحمد سعيد غادر الملاك، وخليل مصطفى حمدان التاجر، وديب حسن عطوي الملاك، ومحمد سليم ضاهر عضو اختيارية شبعا وتاجر، وفارس فياض ماضي الملاك، وأحمد حسن حمدان الملاك، والشيخ يوسف دله إمام شبعا ومأذون بإجراء عقود النكاح فيها، وطلبوا استماع شهادتهم حسبة لله تعالى على أصل الوقف الكائن في خراج قرية شبعا التابعة لقضاء حاصبيا حسب المعروف لديهم وقف مشهد الطير الإبراهيمي نسبة إلى سيدنا إبراهيم (عليه السلام) ولما كانت الشهادة على أصل الوقف حسبة لله تعالى تقبل بدون الدعوى كما صرح بذلك علماؤنا الفقهاء رضي الله عنهم، لذلك تقرر استماع شهادتهم، فشهدوا جميعاً قائلاً كل واحد منهم: أشهد حسبة لله تعالى أن قطعة الأرض المشجرة المسماة بمشهد الطير الإبراهيمي المحتوية على مسجد مشهد الطير المذكور وعلى أشجار السنديان الكثيرة العدد والمحدودة شرقاً خلة السيد طه وكسارة محمود بنوت وشمالاً حاكورة جراده وغرباً ورثة محمد علي موسى وأرض خاصة ورثة خير الله، أما الأشجار الواقعة في حدود الأرض المذكورة فهي تابعة وقف مشهد الطير المذكور، وجنوباً وادي العسل هي وقف مشهور ومعروف لمسجدي شبعا ومشهد الطير من قديم الزمان وهو في يد القائمين على إدارة الأوقاف الإسلامية في شبعا يصرفون ريعه في صالح المسجدين المذكورين، ثم قرروا جميعاً بأنهم فهموا حديثاً أن هذا الوقف فقدت سجلاته مع تقادم الزمان ولم يبق له قيد في سجل رسمي أو شرعي شأن أمثاله من الأوقاف القديمة التي تعاقبت عليه الدهور ولذلك شهدوا أمام القاضي الشرعي شهادة الحسبة قياماً بالواجب الديني لما فيها من إثبات حق من حقوق الله، ورغبوا إلى المحكمة بتسجيل شهادتهم وما يبنى عليها من المقتضى الشرعي في ذلك وحيث أن شهادة كل واحد من الشهود المذكورين جاءت مطابقة وموافقة لشهادة البقية منهم وحيث أن شهادة الحسبة بلغت حد الاستفاضة وحيث أن إثبات الوقف يصح بشهادة الحسبة بدون الدعوى وحيث أن الشهادة بالوقف تصح من غير بيان الواقف وحيث أن الشهادة كانت لثبوت الوقف وكان هذا الحق من حقوق الله تعالى وحيث أن الشهادة المذكورة تأيدت بمضبطة موقعة من وجوه قرية شبعا مؤرخة في 14 ذي الحجة 1363 هـ، لذلك واستناداً إلى المادة 4 البند 14 والمادة 110 من المرسوم الاشتراعي ذي الرقم 240 الصادر في 4 تشرين الثاني 1942م وإلى ما جاء في التنوير والدر المختار ونصه: (وتقبل فيه، أي في الوقف، الشهادة حسبة بدون الدعوى) وإلى ما نقل في رد المحتار عن جامع الفصولين والإسعاف ونصه (وتصح دعوى الوقف والشهادة من غير بيان الواقف) أحكم بثبوت وقف قطعة الأرض المسماة بمشهد الطير الإبراهيمي الكائنة في خراج شبعا التابعة لحاصبيا قضاء مرجعيون والمحتوية على مسجد قديم وأشجار من السنديان كثيرة العدد، والمحدودة شرقاً خلة المبسوطة وكسارة محمود بنوت وشمالاً حاكورة جرادة، وغرباً ورثة علي موسى وأرض خاصة ورثة خير الله على أن تكون الأشجار المغروسة في حدود الأرض المذكورة تابعة للوقف المذكور، وجنوباً وادي العسل، لمسجدي شبعا ومشهد الطير الإبراهيمي المذكور وأمر بتسجيله تحريراً في الرابع عشر من ذي الحجة سنة ثلاث وستين وثلاثماية وألف هجرية الموافق للثلاثين من تشرين الثاني سنة أربع وأربعين وتسعماية وألف ميلادية"·

قرار المحكمة الشرعية العليا

وجاء في قرار المحكمة الشرعية العليا في الجمهورية اللبنانية، الذي حمل صيغة "قرار نهائي"، والرقم 9/12 بتاريخ 2 شباط 1949: الهيئة الحاكمة: الرئيس سماحة الشيخ محمد علي الأنسي· المستشاران: الشيخ محمد علايا والشيخ محمد منيب الناطور· المعترض اعتراض الغير: الحكومة اللبنانية· المعترض عليه: مديرية الأوقاف الإسلامية في بيروت· الموضوع: وقف· تاريخ الحكم المعترض عليه: 31 كانون الثاني سنة 1945 · لدى التدقيق والمذاكرة تبيّن أن محكمة حاصبيا الشرعية حكمت في الثلاثين من تشرين الثاني سنة 1944 بثبوت وقفية قطعة الأرض المسمّاة بمشهد الطير الإبراهيمي الكائنة في خراج قرية شبعا التابعة لحاصبيا والمحتوية على مسجد قديم وأشجار من السنديان كثيرة العدد والمحدودة في الاعلام على أن تكون الأشجار المغروسة في حدود الأرض المرقومة تابعة للوقف المذكور واستندت المحكمة في ذلك إلى الشهادات التي استمعتها وإلى أن الشهادة الحسبية بلغت حد الاستفاضة وبلغ عدد الشهود عشرين شاهداً وأن دعوى الوقف والشهادة به تصحان من غير بيان المواقف والشهادة في الوقف تقبل حسبية بدون دعوى والشهادة المستمعة كانت لثبوت أصل الوقف وهو من حقوق الله تعالى وقد تأيدت بمضبطة موقع عليها من وجوه القرية المذكورة·

وتبيّن أن محكمة الإستئناف الشرعية وجدت هذا الحكم موافقاً للأحكام الشرعية والأصول القانوني فقررت في الواحد والثلاثين من كانون الثاني سنة 1945 تصديقه· وتبيّن انه في الثاني من تموز سنة 1945 تقدّمت الحكومة اللبنانية بدعوى اعتراض الغير على مديرية الأوقاف الإسلامية في بيروت وخلاصة أسباب الإعتراض (بعد سرد الوقائع)·

1- ان المادة (281) من المرسوم رقم (241) الغت أصول المحاكمات الشرعية وجميع النصوص المخالفة لأحكامه ويفهم من المواد/35و /36و /37و 54/ و/ 55 /و60 / و61 / و74 / من المرسوم المذكور انه يمتنع على المحكمة سماع دعوى ما إلا بعد اقامتها من مدّع ذي أهلية وفي هذه الدعوى لم يعثر على استحضار تقدّم من ذي أهلية، بل استمع القاضي اقوال بعض اشخاص وقضى بنزع ملكية الحكومة من أراض حرجية تزيد مساحتها عن ثلاثة ملايين متر مربع فيتوجّب فسخه·

2- لم يتثبت القاضي كيفية الوقف وشروطه وملكية الواقف وسنداته ولا صحة لمزاعم المقررين فقدان المستندات وذلك مخالف للمبادئ الشرعية والقانونية· 3- إن الحكومة تملك جميع الأراضي الأميرية ولا يملك البعض إلا حق التصرف بها وتملك أيضاً الأحراج خصوصاً النائية في الأراضي الأميرية حسب القوانين القديمة والحديثة (انظر الفقرة 11/ / من المادة / 2 / من القرار رقم / 275 / المؤرخ في 25 ايار سنة 1926 فالواجب فسخ الحكم المطعون فيه)·

لا يجوز وقف الاراضي الاميرية حسب القوانين قديماً وحديثاً ولا يعطى الحق للأشخاص المعنويين بالتصرف في الاراضي الأميرية وهذا النص بقي مطلقاً حتى صدور قانون سنة 328 الذي أجاز لبعض - الأشخاص المعنويين التصرف بالأموال غير المنقولة ضمن قيود احترازية أهمها حصر هذا التصرف داخل القرى والقصبات فعمل القاضي مخالف للمادة /18/ مـــــــــن القرار رقــــــم /3339/·

5- إن المحكمة الشرعية غير صالحة لرؤية هذه الدعوى لأن القرار المطعون فيه يقول ان الاراضي الحرجية هي وقف والحكومة تدعي انها ملك لها بالإستناد للمادة /2/ من القرار رقم /275/ المذكور اعلاه ولقانوني الاراضي والأحراج وأن الفصل بها يعود الى المحاكم المدنية فيطلب قبول الاعتراض - والحكم بفسخ الحكم الاستئنافي، وبعدم صلاحية المحاكم الشرعية بفصل هذا النزاع (واستطراداً) - اعتبار الارض بكاملها والأشجار ملكاً للدولة وتضمين الجهة المعترض عليها الرسوم والعطل والضرر وأتعاب المحاماة·

وصفوة اللائحة الجوابية

: 1- إن اعتراض الحكومة بغير محله الشرعي والقانوني لأنهما لم تدل ببرهان أو دليل أو مستند قانوني يؤيد صحة زعمها ملكية العقار المحكوم به· وأن النص الوارد في القرار رقم /275/ وإن يكن اشارت - المادة /68/ منه بأنه لا ينفذ إلا في سوريا فإنه لا ينطبق على الدعوى الحاضرة ولا يشملها لأنه استثنى الاحراج والغابات والاراضي المملوكة الى الغير ومن جملتها الأوقاف التي لا تسرى عليها أحكامه ولا يشملها لخضوعها للنصوص الشرعية والمادة الرابعة من قانون الأراضي صريحة بذلك· فالقطعة المذكورة موقوفة من القديم من قبل أصحابها على المسجدين المذكورين وفقاً للنهج الشرعي وحاصلاتها تصرف على نفقات المسجدين بمعرفة المشرفين عليها من النظار منذ مئات من السنين بلا معارض ولا منازع بمشاهدة الحكومة واطلاعها وعدم معارضتها مع الترخيص لهم يقطع أشجارها لصنعها فحماً مجاناً بلا رسم لكونها وقفاً كما هو ثابت بالرخصة الصادرة من وزارة الزراعة بتاريخ 7 نيسان سنة 1943 رقـــــــــــم /2297/ وذلك لأن قطع الأشجار محظور الا بترخيص رئيس الدولة وفقاً للمادة /80/ من قانون الغابات، والحكومة التي تضع يدها ولا تصرفت بهذا العقار بوقت ما وليس له قيد في سجل أملاكها الخاصة·

وبما أن الحكم بوقفية العقار المذكور أصبح مبرماً بمتقضى المادة /552/ مدنية فلا يجوز سماع الدعوى بخصوصه· وعجيب ادعاء الحكومة تملك مسجد مشهد الطير مع أرض الوقف المحاطة به مع انه تقام فيه الشعائر الدينية من القديم ويزار لنسبته إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام والحكومة تعترف بأنه واقع في وسط القرى ومحاط من جهاته الأربع بأملاك جيران وأشخاص معروفين، فلهذا كان اعتراضها من هذه الجهة غير مسموع· 2- إن عامة كتب المذهب الحنفي تصرح بجواز سماع الشهادة الحسبية على اثبات اصل الوقف وأوجبت على القاضي الحكم بها دون دعوة احد لأن الوقف لله تعالى (راجع المادة /562/ وما بعدها من قانون العدل والأنصاف) لقدري باشا) والعمل بهذا النص الشرعي صار في جميع المحاكم الشرعية· اما المرسوم رقم /142 / فانه لم يمنع ذلك بل اجاز للقاضي الشرعي التمشي على هذا النص (المادة /111/ من المرسوم المذكور) وان القاضي سمع البينة الحسبية على اثبات أصل الوقف لأعلى شروطه وفقاً لنص المادة القانونية المذكورة وأصدر حجة صدقتها محكمة الإستئناف الشرعية لموافقتها للشرع والقانون فاعتراض وكيل الحكومة من هذه الجهة غير وارد·

3- إن الاعتراض على الصلاحية هو بغير محله لصراحة الفقرة /14/ من المادة /14/ من الأصول الشرعية فيطلب رد دعوى الحكومة وتضمنها الرسوم والمصاريف· ولدى المحاكمة العلنية الوجاهية حضر وكيل الحكومة ووكيل مدير الأوقاف الإسلامية وتلي التقرير - الإستئنافي· ثم في الجلسة المعقدة في الثامن عشر من تموز سنة 1948 قال وكيل الحكومة انه جرى الكشف على العقارات المختلف عليها بمعرفة لجنة معينة من قبل الحكومة وتم الاتفاق بين الحكومة ودائرة الأوقاف على وجه ورجع فيه مجلس الوزراء فاتخذ قراراً أبرز صورته إلى المحكمة وصورة عن الخريطة وطلب اعطاء القرار بالتصديق على ذلك·

وقال مدير الأوقاف بما أن القرار الوزاري يصرح بأن مفتي الجمهورية وافق على قرار اللجنة فأطلب المصادقة على ذلك· وتبيّن انه في الثامن من كانون الأول سنة 1948 تقرر اكمال الدعوى بحق الجهة المعترضة غياباً بمثابة الوجاهي· ثم تلا حضرة المدعي العام مطالعته·

في الشكل: بما أن اعتراض الغير مقدم ضمن المدة القانونية مستوفياً الشروط· في الأساس: بما انه فهم من صورة قرار مجلس الوزراء المتخذ في جلسته المنعقدة في 16 كانون الثاني سنة 1948 ان المجلس المشار إليه اطلع على مطالعة وزارة العدلية الجليلة المؤرخة في 8 كانون - الثاني سنة 1948 وعلى كتاب سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية المؤرخ في 30 كانون الأول سنة 9471 ووافق على اقتراح اللجنة الخاصة التي انتدبت اسم الخلاف الواقع على الحرج الكائن في قرية شبعا التابعة قضاء حاصبيا·

وبما انه تبيّن ان ملف الأوراق المتعلق بهذه القضية أودع إلى وزارة العدلية الجليلة بتاريخ 21 كانون الثاني سنة 1948 تقرر بالاجماع بتاريخ 22 كانون الأول سنة 1948 قبول اعتراض الغير شكلاً وطلب ملف الأوراق المذكورة من الوزارة المشار إليها لأجل الاطلاع عليه· ثم ورد هذا الملف - وبعد تلاوة الأوراق كررت النيابة العامة مطالعتها وكرر الطرفان أقوالهما السابقة·

وبما أنه تبيّن من قرار مجلس الوزراء المتخذ في جلسته المنعقدة بتاريخ 16 كانون الثاني سنة 1948 انه في اثناء رؤية دعوى اعتراض الغير ألغت الحكومة بموجب المرسوم رقم /2730/ المؤرخ في 12 آب سنة 1946 لجنة خاصة مهمتها تقديم الاقتراحات التي تؤول إلى حسم الخلاف الواقع على الحرج المذكور وان لها عند الاقتضاء ان تستعين بأحد مهندسي المنطقة فقامت اللجنة بالمهمة الموكولة إليها، وبعد أن أجرت بحضور المهندس العقارى كشفاً حسياً على العقار المنازع عليه طلبت إلى الشهود وإلى رئيس لجنة أوقاف شبعا ان يشيروا إلى القطعة التي يدعونها وقفاً فأشاروا إليها ووضع المهندس العقاري تقرياً عنها وخربطة بيّن فيها مساحتها وحدودها ومحتوياتها وعدد اشجارها فإذا بهذه الحدود الواردة في الحكم الشرعي والتي تضم مساحات واسعة من الحرج وان الحدود الحقيقية التي نوّه بها المجاورون خلال الكشف لا تشمل سوى حرج المشهد المبين بتقرير وخريطة المهندس الخبير· وأن جميع المعترضين قرروا ان للوقف قطعة كان يستغلها منذ القديم وله فيها حق مكتسب ولكنها غير القطعة التي سجلها الحكم الشرعي والتي تزيد مساحتها على آلاف دونمات فاقترحت اللجنة أن لوقف مشهد الطير حق الانتفاع بالقطعة الحرجية المسماة مشهد الطير والتي يحدها غرباً رأس قمة الصخور التي تنحد إلى حرج الوقف وورثة علي محمد موسى ضاهر وجنوباً ورثة خير الله وعبد الله ريمة وأراضي اميركية حيث تنحرف طريق شبعا - المغر إلى الغرب - الجنوبي" وشمالاً احراج اميرية ضمنها اراضي الياس الخوري، وشرقاً مشعب يسمى مشعب المتمون - وفيه آتون والمبينة بخارطة مهندس اللجنة المربوطة بتقريره المؤرخ في الحادي والعشرين من تشرين الأول سنة 1946 ومساحة هذه القطعة على الوجه التقريبي مئتا دونم وتحتوي على ثلاثة آلاف شجرة حرجية متكافئة، وان المجلس اطلع على مطالعة وزارة العدلية المؤرخة في الثامن من كانون الثاني سنة 1948 المتضمنة طلب الموافقة على اقتراح اللجنة المدون اعلاه ولسماحة مفتي الجمهورية اللبنانية قد وافق على هذا الإقتراح بكتابه المؤرخ في الثلاثين من كانون الأول سنة 1947 وانه بعد المداولة وافق المجلس على اقتراح اللجنة كما هو وارد اعلاه·

وبما أن الإدلاء بعدم الصلاحية قد رجح عنه وكيل الحكومة بطلبه التصديق على قرار مجلس الوزراء المؤرخ في السادس عشر من كانون الثاني سنة 1948 ·

وبما أن المجلس المشار إليه وسماحة مفتي الجمهورية وافقا على اقتراح اللجنة الموما إليها "لذلك كله"·

وبالإستناد إلى المادة /1828/ من المجلة والمادتين /20/ و175// من المرسوم الاشتراعي رقم /241/ تقرر باجماع الآراء وفاقاً لمطالعة النيابة العامة رد اعتراض عدم الصلاحية وفسخ الحكمين البدائي الصادر عن محكمة حاصبيا الشرعية بتاريخ الثلاثين من تشرين الثاني سنة 1944 والإستنئنافي الصادر عن محكمة الاستئناف الشرعية بتاريخ الواحد والثلاثين من كانون الثاني سنة 1945 والتصديق على قرار مجلس الوزراء المؤرخ في 16 كانون الثاني سنة 1948 المتخذ وفقاً لمطالعة وزارة العدلية حسبما ذكر اعلاه وإعادة ملف الأوراق الآنفة الذكر إلى الوزارة المشار إليها وهذا القرار وجاهي بالدرجة الأخيرة صدر في الرابع من شهر ربيع الآخر سنة 1368 والثاني من شباط سنة 1949 ·

قرار مجلس الوزراء

كما جاء في قرار مجلس الوزراء، المتخذ في جلسته المنعقدة في تاريخ 16 كانون الثاني سنة 1948 ·

الموضوع:

قضية -حرج شبعا:

اطلع المجلس على الملف المتعلق بقضية الخلاف القائم بين الحكومة وبين ادارة الوقف الإسلامي في شبعا حول ملكية الحرج المعروف بحرج شبعا الذي يبلغ مساحته نحواً من ثلاثة ملايين متر مربع والذي تقع بالقرب منه قطعة أرض تحتوي على مسجد يعرف باسم مشهد الطير الإبراهيمي عائد للوقف المذكور ومآل هذه القضية أن قاضي الشرع في حاصبيا بالإستناد الى شهادة إمام ومختار قرية شبعا وهيئة اختياريتها وبعض أهاليها - أصدر بتاريخ 30 تشرين الثاني سنة 1944 حكماً بثبوت وقفية قطع الأرض المذكورة وباعتبار الأشجار الموجودة ضمن حدودها ملكاً للوقف وهذا الحكم صدقته محكمة الاستئناف الشرعية بتاريخ 31 كانون الثاني 1945 وعندما اتصل الأمر بالحكومة اعترضت على الحكم المذكور اعتراض الغير طالبة فسخة وابطاله لاعتبارها اياه غير مبني على أساس قانوني ومخالفاً أحكام القرار رقم 275 الصادر بتاريخ 25 أيار 1946 الذي يثبت ملكية الدولة لجميع الاحراج والغابات غير المزروعة وفي أثناء رؤية اعتراض الغير ألغت الحكومة بموجب المرسوم 6720 المؤرخ في 12 آب 1946 لجنة خاصة قوامها السادة:

أمير خالد شهاب: رئيساً·

الاستاذ زهدي يكن: المستشار الممتاز لدى محكمة الاستئناف·

الاستاذ ابراهيم عازار: محامي الحكومة في محافظة الجنوب·

مهمتها تقديم الإقتراحات التي تؤول الى حسم الخلاف الواقع على الحرج المذكور ولها عند الاقتضاء ان تستعين أحد مهندسي المنطقة·

فقامت اللجنة بالمهمة الموكولة لها وبعد أن أجرت بحضور المهندس العقاري كشفاً حسياً على العقار المتنازع عليه طلبت الى الشهود والى رئيس لجنة أوقاف شبعا أن يشيروا الى القطعة التي يدعونها وقفاً عائداً إليها، ووضع المهندس العقاري تقريراً عنها وخريطة يبين فيها مساحتها وحدودها ومحتوياتها وعدد أشجارها فإذا بهذه الحدود لا تأتلف والحدود الواردة في الحكم الشرعي والتي تضم مساحات واسعة من الحرج·

وبما أن الحكم الشرعي استند الى شهادات أعطت حدوداً عامة لا يجوز الأخذ بها· وبما أن الحدود الحقيقية التي نوه بنا المجاورون خلال الكشف لا تشمل سوى حرج المشهد المبين بتقرير وخريطة المهندس الخبير·

وبما أن جميع المعترضين قرروا أن للوقف قطعة كان يستغلها منذ القديم وله فيها حق مكتسب ولكنها غير القطعة التي سجلها الحكم الشرعي والتي تزيد مساحتها على آلاف الدونمات·

لذلك، اقترحت اللجنة أن لوقف مشهد الطير حق الانتفاع بالقطعة الحرجية المسماة مشهد الطير والتي يحددها غرباً رأس قمة الصخور التي تنحدر الى حرج الوقف وورثة على محمد موسى ضاهر وجنوباً ورثة خير الله وعبد الله رمه وأراضي أميرية حيث تنحرف طريق شبعا - المغر الى الغرب الجنوبي وشمالاً أحراج أميرية ضمنها أراضي الياس الخوري وشرقاً مشعب بين شعب المتمون وفيه آتون والمبينة بخارطة مهندس اللجنة المربوطة بتقريره المؤرخ في 21 تشرين الأول 1946 ومساحة هذه القطعة على الوجه التقريبي مئتا دونم وتحتوي على ثلاثة آلاف شجرة حرجية متكاتفة واطلع المجلس على مطالعة وزارة العدلية المؤرخة في 8 كانون الثاني الجاري المتضمنة طلب الموافقة على اقتراح اللجنة المدون أعلاه لاسيما وأن سماحة مفتي الجمهورية قد وافق على هذا الإقتراح بكتابه المؤرخ في 30 كانون الأول 1947 ·

وبعد المداولة:

وافق المجلس على اقتراح اللجنة كما هو وارد أعلاه عدد 31 د· صورة طبق الأصل لجانب وزارة العدلية بيروت في 21 كانون الثاني سنة 1948 مدير عام رئاسة مجلس الوزراء

تعليقات: