سوق الخان ضحية الجمود الاقتصادي

بسطات سوق الخان تعاني الأمرّين (طارق أبو حمدان)
بسطات سوق الخان تعاني الأمرّين (طارق أبو حمدان)


يصف أبو أحمد (تاجر ملابس، يتردّد على سوق الخان، منذ حوالي ربع قرن)، الوضع الاقتصادي في هذا السوق، «بالجامد وغير المشجّع، فعيد الأضحى لم يكسر الجمود الاقتصادي فيه، بالرغم من حركة النازحين السوريين، الذين يقصدونه بهدف التوفير، في ظل الظروف المادية الصعبة التي يعيشونها، إضافة الى عناصر اليونيفيل الذين يجدون فيه متعة للنظر، كونه يحوي البسطات الشعبية والتراثية إضافة إلى الإنتاج الزراعي المحلي».

«سوق الفقراء»، كما يقول المزارع ابو منصور والذي ينتظر يوم الثلاثاء من كل أسبوع ليعرض إنتاجه الزراعي المحلي، من تفاح ودراق وعنب وإيجاص، يعاني منذ فترة من الركود، عاكساً حقيقة الحالة الاقتصادية للمواطن في هذه القرى الحدودية. ويقول: «ما أبيعه في السوق، لا يسدّ أجرة سيارة البيك اب، التي أنقل بواسطتها صناديق الفاكهة. لقد تغيّر فعلاً سوق الخان وتحوّل عن غايته، وكأنه بات فسحة للمتنزّهين، يقصدونه لتمضية الوقت، من دون أن تلفتهم محتوياته المتنوّعة برغم الأسعار المنخفضة».

بلدية حاصبيا كانت وبتموين خارجي، قد عملت على ترميم خان السوق القديم، الذي كان محطّ رحال قوافل التموين بين فلسطين والشام. كما تمّ استحداث محال تجارية سقفت بالقرميد، إضافة الى حديقة عامة مزودة بألعاب ترفيهية للأطفال، وذلك في محاولة لتنميته وتشجيع التجارة فيه. كما يقول عادل والذي يسعى لترويج الإنتاج المحلي من زراعي وصناعي، لاسيما صناعة الفخار المشهورة في بلدته راشيا الفخار، «لكن وعلى الرغم من كل هذا التوجّه، بقي الفتور يحكم حركته التجارية، انعكاساً للوضع الاقتصادي المتردّي والأزمة المعيشية الخانقة التي يعيشها البلد بشكل عام، والتي أدّت إلى تراجع القدرة الشرائية عند الفرد، وحصرها بالضرورات الملحّة».

النازحة حليمه ابو السعودي من بيت جن، تقول «قصدت السوق قبل أيام من عيد الأضحى، بهدف التوفير وتسوق بعض الحاجيات بكميات محدودة، تبضعت القليل من الحلوى وقطعة ثياب واحدة لكل طفل من أطفالي الخمسة، فمهما يُقال عن سوق الخان وأسعاره المتدنية، فليس من مقارنة أبداً بين الأسعار هنا والأسعار في بلدنا أيام العز».

النازحة من ادلب فريدة ابو علي، تشير إلى أنها «تقصد السوق هنا، لشراء حاجياتها من خضار وفاكهة والقليل من اللحوم، لقد تفاجأنا تقول بارتفاع الأسعار قبل أيام من عيد الأضحى وبنسبة حوالي الـ 10 في المئة، عن الأسبوع الذي سبق، علماً أن الحركة هنا خفيفة، وليس هناك زحمة زبائن. الفوضى تحكم أسواق لبنان الشعبية والتاجر يتحكم بالأسعار على هواه من دون رحمة أو شفقة».

تاجر العاب الأطفال حسين سرور، يتأسّف على ايام زمان حيث كان سوق الخان يشهد عجقة الزوار من كافة المناطق اللبنانية، «اليوم وحتى في مواسم الأعياد ولاسيما في شهر رمضان وفي عيد الأضحى، الحركة معدومة والزبون مفلس كذلك التاجر. الفقر يضرب الجميع والآتي أعظم». يضيف «كنا نأمل أن ينتعش السوق في الأضحى، الكساد سيد الموقف، وبالكاد نستطيع أن نبيع بخمسين ألف ليرة، وهذا يعني خسارة، فتكلفة المشوار من البقاع الى هنا تعادل الـ30 الف ليرة، ناهيك عن ضريبة البلدية وبعض المصاريف الأخرى».

عادل الحسيني بائع سكاكر متجوّل، يتحسّر على السنوات الماضية، «يوم كان لمثل هذه الأسواق الشعبية عزها، كانت أم الفقير، واليوم باتت هماً على التاجر والزبون معاً، كنا نأمل أن يتحسن الوضع قليلاً مع الأضحى، لكن للحقيقة كل شيء الى الوراء، فأيـام العيد حــــقاً لا تختلف عن الأيام العادية، الناس في ضيقة خانقة».

المزارع أحمد غيدا، يعرض منذ الصباح إنتاج بستانه في الحاصباني من تفاح ورمان وما شابه من فاكهة وخضار. «السوق جامد»، يقول، مضيفاً «كل ما بعته اليوم لا يتجاوز الـ 30 دولاراً. الزبون يشتري بالقطارة، والخوف أن أعود عصراً الى منزلي ومعي الكثير من منتوجاتي الزراعية. سأوزعها على المعوزين والنازحين مجاناً، قبل أن تتلف من حرارة الطقس المرتفعة في هذه الفترة».

تعليقات: