هريسة النبطية الجماعية: «وفاء للنذور وبمحبة الإمام الحسين»


«الهريسة الجماعية» وذكرى أربعين الإمام الحسين مناسبتان متلازمتان في كفررمان منذ العام 1998. اقترحت البلدية في ذلك الوقت على العائلات التي كانت تطبخ الهريسة في منازلها بشكل إفرادي أن تسلم مؤونة ومستلزمات الطبخة من القمح ولحم الدجاج أو الغنم والسمنة البلدية والملح، أو ما يعادل تكاليفها ونفقاتها للبلدية لطبخها وتوزيعها جماعياً بإشرافها وبمساعدة الأهالي.

تجاوب الأهالي مع الفكرة وتحمّسوا لها كثيراً وانخرطوا في «عونة» مع البلدية في إعداد ما بات يعرف بـ«هريسة كفررمان»، كسباً لأجر إحياء مناسبة «أبا عبد الله الحسين لا أكثر ولا أقل»، كما يقول رئيس البلدية سطام أبو زيد.

في العام 2001، عهدت البلدية بالإشراف على طبخ الهريسة «لوقف البلدة» الذي يتولى القيام بالمهمة بمساعدة الأهالي منذ ذلك الحين وإلى اليوم.

«كل الأهالي يوفرون كل جهودهم وتعبهم للمشاركة في الهريسة الجماعية في كفررمان»، تقول سميرة بعلبكي، والغاية «التقرب من أبا عبد الله الحسين»، ووفاءً لنذورهم في المناسبة: «حتى ألله يوفقن».

«وما بدنا ننسى إنه الخير والبركة ألله بيعطيهم من ورا طبخة الهريسة»، «يللي ورَّتونا إياها أهلنا أباً عن جد»، بحسب مريم ضاهر، و«سنبقى نحييها طالما نحن عايشين وعنا القدرة لأنه إلنا أكبر أجر».

وطبخت الهريسة، كما كل عام، في ساحة النادي الحسيني في كفررمان في تسع قدور نحاسية كبيرة ركِّزت على مواقد من الحطب، يتسع كل منها لحوالى سبعين كيلوغراماً من خليط القمح المجروش، ولحم الدجاج والغنم وعشرة كيلوغرامات من ملح الطعام وخمسة عشر كيلوغراماً من السمنة البلدية. وشارك في عملية الطهي النساء والرجال والأطفال عبر التحريك بواسطة عصي خشبية خاصة تسمى «المهراس» لساعات عدة استغرقتها المواد حتى نضجت. بعدها، تم توزيع الهريسة في علب صغيرة على الأهالي والمدعوين، وعلى حاجز محبة في الشارع الرئيسي للعابرين، بعد إقامة مجلس عزاء ذكرى أربعين الإمام الحسين في حسينية البلدة.

وإضافة إلى أهالي كفررمان، درج الكثيرون من الجنوبيين على «نذر» طبخ وليمة «الهريسة» وتوزيعها مجاناً على الجيران والأقارب والأصدقاء عن روح الإمام الحسين بن علي، حيث الوقت المفضل للوفاء بهذا النذر، وتكاد لا تخلو منها مدينة أو بلدة أو قرية في منطقة الجنوب، ويترافــــق ذلك مع طقوس احتفالية باتت راسخة في التراث الجنوبي.


تعليقات: