مرجعيون: موسم بزاق وافر هذا الخريف

صحن من البزاق (طارق ابو حمدان)
صحن من البزاق (طارق ابو حمدان)


أخرج الشتاء الخريفي البزاق من باطن الأرض، فكانت فرصة ذهبية لمواطني القرى الحدودية، ولصيادي هذا الحلزون، الذين يرقبون هذه الظاهرة عاماً بعد عام، ليحملوا عندها السلال وأكياس البلاستيك، ويطوفوا في الحقول البور ويستطلعوا بين الصخور، ليجمعوا البزاق الهائم في البراري بكثافة غير معهودة. «إنها تحويشة البزاق في حلقاتها الأولى في هذا الموسم الذي بدا خيراً للكثيرين»، تقول رونيت من بلدة القليعة، التي أتت مع العديد من صديقاتها لقضاء ساعات عدة يلاحقن خلالها البزاق، الذي يُعتبر في هذه القرى، من أفضل الأطباق في موسم الخريف، بحيث تتفنن ربات المنازل في تحضيره بطرائق عدة، في مقدمتها، تجويعه عبر حصره في إناء محكم، ومن ثم غسله بالمياه بضع مرات، وسلقه في حرارة مرتفعة، يرش بعدها بالملح والثوم، ليقدّم مع صلصة الطراطور. وان كان للبزاق هواة، يجدون في جمعه فرصة للتمتع بجمال الطبيعة، وهواء الشتاء الممزوج برائحة الأرض، فقد بات لدى شريحة واسعة من المواطنين مناسبة للمتاجرة بهذا الحلزون، بحيث يخرج كثيرون، بعدما تتشبّع الأرض بمياه الأمطار عند اوّل شتوة، الى محيط القرى حيث الأرض البور غير المحروثة، وفي جعبتهم وعاء فقط، اذ لا يتطلّب صيد البزاق سوى التفتيش عنه وملاحقته بعد خروجه من تحت التراب، الذي ينخره للخروج الى الضوء بهدف التزاوج، ليقع بنسبة عالية في أكياس وسلل الصيادين. ويقول جميل ابو سمرا أحد الناشطين في ملاحقة وجمع البزاق: «لقد نشطت في السنوات الأخيرة تجارة بيع البزّاق في المنطقة، بحيث تجد العشــرات، يعرضــــون هذه البضاعة عند تقاطع الطرق، أو عند مداخل القرى، ليتمّ بيعه بالحبة أو بالكلغ، فسعر المئة حبة يتجاوز الـ 15000 ليرة».

العشرات من النازحين السوريين وجدوا في البزاق فرصة سانحة لتأمين مورد رزق لا يستمرّ طويلاً، فمع ساعات الصباح الأولى يترك عشرات النازحين خيمهم في سهول ابل السقي ومرجعيون والوزاني، قاصدين الحقول المجاورة لتتراوح غلة كل واحد ما بين 2 الى 3 كلغ، يسوّقونها عند جوانب الطرق بالمفرق، أو يبيعونها للتجار بالجملة، ولكن بسعر أدنى بقليل. ويشير النازح من ادلب ابو محمد حسين السمور، الذي يجمع البزاق مع زوجته واربعة من اطفاله، إلى انها «فرصة ذهبية بالنسبة لنا لا تكلّف سوى همّة قوية وكيس من البلاستيك. لقد تمكّنت خلال أيام عدة، من تأمين جانب من ثمن مازوت التدفئة». ويختم بالقول: «الحياة صعبة والطبيعة كريمة».

للبزاق إضافة الى لحمه اللذيذ، فوائد عديدة حسب العديد من الجهات المعنية بهذه الحشرة، فهي تفرز مادة تفيد أساسا في صناعة الأدوية، لا سيما المضادات الحيوية (antibiotic)، إضافةً الى مستحضرات للتجميل وغير ذلك، بحيث بات هناك اتجاه واسع في لبنان لتربية البزاق، ويعتبر لبنان بلداً نموذجياً لتربيته نظراً لمناخه المتنوّع والمساحات الواسعة في الجنوب والبقاع وعكار، وقد أنشئت في لبنان مزارع وشــــركات عدة تهتم بإنتاج البزاق وتسويقه، ويُعتبر السوق الايطالي الأول في استيراد البزاق اللبناني.


تعليقات: