لكي لا نقع في مصيدة الدعاية السياسية والاعلامية

استمتعت بقراءة مقالة الاستاذ حسين عبدالله حول السرد التاريخي لتسلسل الاحداث في لبنان، والجهد الذي وضعه الكاتب في جمع المادة وتوثيقها، ولكن أرجو ان يتسع صدره لتقبل بعض الملاحظات بروح المحبة، حيث ان ما لفتني في المقالة تعامله مع الاحداث ونقله لها كما وردت في بعض وسائل الاعلام دون الأخذ بابعادها وتحليلها ووضعها في مكانها الصحيح ضمن السياق العام للاحداث والواقع السياسي لها، مما اوقع المقالة عن غير قصد في فخ التبسيط ومصيدة الدعاية السياسية التي تواظب وسائل اعلام فريق الموالاة عليها، بهدف طبع الاحداث بطابع تضليلي وتفسيرها على غير حقيقتها

فالمعارضة لم تطرح حكومة الوحدة الوطنية الا على قاعدة المشاركة في اتخاذ القرارات الهامة والاساسية في البلاد، والذي نص عليها الدستور صراحة واشترط تصديق معظمها باكثرية الثلثين من اعضاء مجلس الوزراء، وتسامحت المعارضة في ذلك مع باقي القرارات الادارية العادية، ولم تطرح المعارضة الانتخابات النيابية المبكرة بهدف الغاء نتائج الانتخابات في العام 2005 لأن السيد نصرالله أعتبرها عملية خداع سياسي، بل هي طرحت الانتخابات المبكرة كإستفتاء شعبي ودستوري على الازمة السياسية التي افتعلها فريق الموالاة نتيجة ممارساته التفردية والاستئثارية والتي تهدد باغراق البلد بآتون حرب اهلية مدمرة

أما بالنسبة الى اعتبار التمديد لرئيس الجمهورية بأنه دفع بلبنان الى اتون ازمة سياسية...ودفع الولايات المتحدة الى المبادرة بهجوم سياسي ادى الى اصدار القرار الدولي 1559 انما هو تبرير غير منطقي لتسلسل الاحداث وتصاعدها، فالولايات المتحدة لم تكن في شهر عسل سياسي وامني مع لبنان قبل تاريخ التمديد لرئيس الجمهورية بسنوات تعود الى ما قبل التحرير الكبير في العام 2000، بل هي اعتبرت التحرير كما اعتبرته اسرائيل بأنه صفعة يجب الرد عليها بأحسن منها، لذلك فهي تعد العدة منذ فترة طويلة لقلب الاوضاع التي كانت قائمة في لبنان من ضمن السياق العام لمشروعها الاسترتيجي في لبنان والمنطقة باسرها، ومن اولويات هذا المشروع انهاء المقاومة الوطنية والاسلامية في لبنان، وضرب حصار جغرافي واقتصادي على سوريا بعد الحصار السياسي، والدليل المباشر على ذلك هو تسارع الاحداث بدءاً من اغتيال الرئيس رفيق الحريري وسلسلة التفجيرات والاغتيالات المتعاقبة ، والتي كانت تحدث في كل مرة يراد فيها اعادة تسريع وتزخيم اندفاعة المشروع الاميركي، وانتهاءاً بالحرب الاسرائيلية - العالمية الكبرى على لبنان في تموز من العام 2006، وما تلى هذه الحرب الفاشلة من تصعيد سياسي غايته تحقيق ما عجزت الحرب العسكرية عن تحقيقه، لذلك من غير الجائز اعتبار الحرب الاسرائيلية علينا بأنها ردة فعل على العاصفة السياسية الهوجاء في لبنان ومن غير المقبول التسليم باعتبار ان سلسلة التفجيرات والاغتيالات انما جاءت لخفض عدد الاكثرية النيابية الحاكمة في لبنان... وتغيير التوازن السياسي القائم منذ الانتخابات النيابية في العام 2005، كما ورد في المقالة، فإسرائيل عودتنا ان تكون هي المبادرة في الحرب وفي تنفيذ مخططاتها ، وهي لم تفتقر يوماً الى مخزون هائل من الحقد والكراهية ورغبتها الدائمة والمستمرة في التدمير والقتل والتهجير، وما يميز حربها الاخيرة الا اندفاعتها وانسياقها الى القرار الاميركي بالحرب واستسهال شنها علينا، بعد ان كانت هي التي تجر الولايات المتحدة ورائها في كل مرة كانت تأخذ القرار بالحرب

وفي مكان آخر تستسهل المقالة إعادة اسباب الأزمة الى اعتبار المعارضة لحكومة السنيورة بانها حكومة السفير الاميركي، وبالتشكيك في ولائها الوطني، بالاضافة الى اعلان السيد نصرالله عن اعادة بناء قوته العسكرية، وزيادة قدرته الصاروخية، وصياغة النص بشكل يفهم منه وكأن الاضرابات والمظاهرات التي قامت بها المعارضة هي المسؤولة عن التهديد بتفجير الحرب الأهلية، بينما الحقيقة تكمن في ان الذي يدفع نحو اشعال الحرب الاهلية هم أولئك الذين يريدون اغراق المقاومة بحرب أهلية داخلية تفقدها قدسيتها وقدسية قضيتها ونظافة سلاحها، وتضيع عليها جهدها وكفاحها ودماء ابنائها التي بذلت في سبيل السيادة والحرية والاستقلال، ويأتي في هذا السياق كافة المحاولات المحلية والاقليمية والدولية تحت اكثر من ستار، مرة تحت ستار حرب البارد ضد الجيش اللبناني، ومرة تحت ستار الانتخابات الرئاسية، وغداً تحت ستار الحكومة وبيانها الوزاري....بينما الهدف الاول والأخير هو سلاح المقاومة وكسر عزيمة أهلها

ليس الهدف من وراء ما سبق كتابته تحميل المقالة غير ما تحتمل بل الغاية محاولة توضيح الامور وقول الحقيقة كما نراها، لأن ذلك أمانة امام كل من يقرأ ما نكتبه ومنعاً لالتباس الامور... وعذراً على اي إساءة غير مقصودة،

تعليقات: