«عبدة الشيطان»: 8000 شخص وإحياء رأس السنة بحفلة ماجنة وعلنية!

ملصق دعوة حفلة «عبدة الشيطان».. «قنبلة موقوتة» متنقّلة تهدّد لبنان إذا لم يتم ضبطها قبل فوات الأوان
ملصق دعوة حفلة «عبدة الشيطان».. «قنبلة موقوتة» متنقّلة تهدّد لبنان إذا لم يتم ضبطها قبل فوات الأوان


في حدث غريب عن المجتمع اللبناني، وبيئته الأصيلة، وفي ظل غياب الوعي والسمع بين الأهل والأبناء حول شؤونهم وشجونهم، برزت معلومات عن 8000 قنبلة موقوتة بدأت تهدّد المجتمع اللبناني بأكمله... إنّهم «عبدة الشيطان»، الذين عاد الحديث عنهم ليأخذ حيزاً واسعاً، خصوصاً مع اختيار مجموعة من الشبان لأحد منتجعات جبل لبنان مسرحاً لشعوذاتهم وطقوسهم الشيطانية، وذلك بعدما غُضَّ النظر عن ممارساتهم العام الماضي، حيث أُقيمت حفلة مرخصة في وادي بزبدين في المتن الأعلى استمرت على مدى 3 أيام متواصلة.

هم حركات وجماعات تهدف إلى بث الانحراف وإباحة تعاطي المخدّرات، وممارسة الجنس الجماعي والشذوذ، بما في ذلك «اللواط» وما شابهه من المحرّمات...

ولعل التحضيرات لهذا العام تشير إلى أنّهم قرّروا الخروج مجدّداً إلى العلن، لكن هذه المرّة في بيصور، حيث تبين بعد تقصّي المعلومات، أن حفلة «عبدة الشيطان» كانت ستقام ليلة رأس السنة بدءاً من الساعة 6 مساءً حتى الخامسة من مساء اليوم التالي، تحت غطاء حفلة موسيقية صاخبة تحمل عنوان: «The psycnedelic new year party»، ويحييها أحد أشهر الموسيقيين العالميين «Pantelis Kontodimos»، يوناني الأصل.

وفقاً للطقوس في هذه الحفلات، فإنّه غالباً ما يتخلّلها إقامة ما يعرف بـ«القداس الأسود»، حيث يتم استحضار الشيطان والأرواح الشريرة، وممارسة الشعوذة وطقوس خاصة بهم، فضلاً عن تقديم قرابين بشرية والتمثيل بدمائها أو نحر حيوان واستخدام دمائه على وقع موسيقى «البلاك ميتل»، «الهيفي» و«الديث ميتل»، ناهيك عن تعاطي المخدرات وممارسة الجنس الجماعي مع قاصرات وغيرها من الأعمال الشاذة واللااخلاقية.

ونتيجة لتحرّك مهتمين بأمن البلد وسلمه وسلامة أبنائه، أُلغيت الحفلة من بيصور إلا أن هناك معلومات شبه مؤكدة بأنّها لا تزال قائمة ونقلت إلى وكرٍ آخر، والبحث جارٍ من أجل معرفته، في ظل مخاوف من عدم انحسار هذه الظاهرة، بل أخذها بالتوسّع.

فبعنوان «سهرة التخدير» انتشرت الدعوة على مواقع التواصل الاجتماعي وبين الشبان، في حدث لا أخلاقي علني، يتخذ من الإباحة والأفعال الشاذة عنواناً عريضاً، ما حدا بأهالي وسكان بلدة بيصور - التي اختيرت كموقع للحفلة - إلى الامتعاض من الشعارات التي ترافقت مع الدعوة وصورة «عبدة الشيطان» - وعلى الأثر اتخذ رئيس جمعية «جاد» لمكافحة المخدرات جوزيف حواط المبادرة واتصل برئيس بلدية بيصور وليد العريضي لتحذيره من إقامة هكذا حفلات في البلدة.

وحرصاً على الشباب والحد من انتشار هذه الظاهرة بعد تناميها في لبنان، اتخذ العريضي قراراً يمنع بموجبه إحياء هذه الحفلة، معمّماً إياه على صاحب الـمجمع، الذي كان قد أعطاهم الموافقة المسبقة، جاهلاً الهوية الحقيقية لهؤلاء الشبان، وما كان سيجري في أروقة منتجعه من مناجاة للشيطان وشتم للخالق.

حواط

{ وأشار حواط في حديث إلى «اللـواء» أنّ منظمي الحفلة عمدوا إلى تهديده بعد منعهم من إقامتها، زاعمين أنّ الشعارات المرافقة للإعلان ليست سوى خطأ في التصميم، ومضمونها يقتصر على السهر والرقص فقط.

واعتبر حواط أنّ «مضمون الحفلة يكشف من عنوانه»، شارحاً «أن عقار الـ«Lsd» يُستعمل بكثرة من طرفهم كونه نوع من المخدّر الذي يُفقد المرء الإدراك السليم ويصيب متعاطيه بالهلوسة لعدة ساعات»، ومستنكراً «إهانة المقدسات المسيحية التي رافقت المنشور بشكل وقح وفاضح، بحيث يظهر رسم «الصليب» بين حاجبَيْ الشيطان، ناهيك عن ارتداء أحذية وألبسة وضعت عليها صور العذراء والقدّيسين بطريقة مشينة تعكس صورتهم وأفكارهم»، وكاشفاً عن «عمليات ترويج وبيع للهيرويين وللكوكايين داخل هذه السهرات، إضافة إلى أعمال الفحش والجنس الجماعي».

وتمنّى حواط على الأجهزة الأمنية «أن تعمد إلى مراقبة هذه الظاهرة، وهذه السهرات حتى لو كانت ستتحوّل إلى صلاة في النهاية»، متسائلاً: «أين الدولة والأجهزة الأمنية ورجال الدين من هكذا دعوات؟»، متوجهاً بالشكر إلى رئيس بلدية بيصور لاتخاذه قرار المنع.

العريضي

{ بدوره، أكد رئيس بلدية بيصور وليد العريضي في حديث إلى «اللواء»، أنّه «لن نسمح بإقامة هذه الحفلة في البلدة تحت أي ظرف، حتى ولو حصل المنظّمون على ترخيص من قبل أي جهاز أمني كان»، مشيراً إلى أن صلاحياته كرئيس للبلدية وأخلاقه وواجبه تجاه شباب لبنان دفعوه إلى اتخاذ قرار يمنع إقامة السهرة للحد من انتشار هذه الظاهرة، ومحذّراً «الأجهزة الأمنية والمسؤولين من تناميها وتفشّيها بشكل كبير بين الشباب».

ولفت العريضي إلى «أن أصحاب المنتجع الذي حُجِزَ لإقامة «سهرة التخدير» ضُلِّلوا من قِبل المنظّمين، وليس لديهم علم بنواياهم، وإنهم كانوا يعدّون العدة لإقامة حفلة لعبدة الشيطان، متمنياً على الاجهزة الامنية بقاء عين المراقبة ساهرة خلال ليلة رأس السنة وغيرها من الليالي.

البداية في لبنان

وعودة بالذاكرة، ظهرت هذه المجموعات في لبنان للمرّة الأولى في العام 1995، ولكن قامت أجهزة الدولة آنذاك بحملة واسعة، وختمت مراكزهم بالشمع الأحمر، وجرى سجن الكثير منهم، ولكن كل ذلك لم يحل دون إقدام شبان وفتيات على الانتحار جراء عبادتهم للشيطان، بعدما انغمسوا في الشهوات.

وفي منطقة الجنوب وُزّعت في منطقة الصرفند - قضاء صيدا بيانات أعلن فيها «عبّاد الشياطين» في الجنوب عن عزمهم على غزو منطقة الصرفند، وجاء تهديدهم في بيان جرى توزيعه بتاريخ 13 آذار 2006 وحمل الرقم (1)، انفردنا بنشره في «اللـواء» بتاريخ 14 منه، في الصفحة الأولى، ما أثار اهتماماً كبيراً، بهدف تدارك الموضوع قبل تفاقم الأمر، حيث لا ينفع عندها الندم.

وجاء في البيان: «نظراً لتزايد عددنا في جنوب لبنان، إلا في الصرفند، لقد قرّر «عبّاد الشياطين» غزو المنطقة من قِبل عناصرنا، عظّم الشيطان أجورهم، لتحريض أبنائكم على الفسق والعربدة والدعارة والجنس الجماعي».

وختم البيان بملاحظة: «نرجو تجاوبكم، ونأسف لمَنْ لا يتبع درب شيطاننا!».

ولوحظ أنّ البيان صُفَّ على الكمبيوتر، وظهرت فيه بعض الأخطاء اللغوية، وعدم تناسق انسياب الأسطر، وحمل شعار «عبّاد الشياطين» (666) وصليباً مقلوباً.

وقد أولت الأجهزة الأمنية في الجنوب كل اهتمام لمعرفة مَنْ يقف وراء إصدار هذا البيان، ومَنْ قام بتوزيعه، وخصوصاً أنّه أثار ضجّة بين أبناء المنطقة الذين أبدوا استياءهم مما تضمّنه، واعتبروه غريباً عن العادات والتقاليد والأعراف، وبعيداً عن الالتزام الديني.

وتبيّن من التحقيقات الأمنية أنّه جرى توزيع البيان فقط في بلدة الصرفند بواسطة سيارة، حيث اتضح أنّ وراء البيان أشخاص قاموا بذلك لمآرب خاصة بهم، وإيجاد بلبلة، وتوجيه رسائل الى البعض في هذه المنطقة، التي تعتبر منطقة اسلامية، وتحيط بها بلدات مسيحية، وفي ظل ما يجري من محاولات لإثارة النعرات المذهبية والطائفية.

وأفاد أهالي المنطقة بأنّه «في كل عام يمر عدد من الأشخاص داخل سيارات ويقومون بحركات غريبة، وزيارة بعض الأماكن والكهوف والمقابر وينفذون طقوساً خاصة، وهؤلاء يُعتقد بأنّهم من «عبدة الشيطان»».

وعندما برزت حالة «عبدة الشيطان» في لبنان، فإنّها لم تُلحظ في الجنوب بشكل فعّال، وكانت تتواتر أخبار ومعلومات عن تواجدهم في الكهوف والمقابر، خاصة المقابر المهجورة، فكان يُصار الى التأكد من هذه الأماكن، فتبيّن أنّ بعض الأشخاص يمضون سهرة ويتناولون مشروبات كحولية، ثم يقومون بممارسة الجنس مع فتيات ساقطات، وممارسة الشذوذ، بهدف فقدانهم المروءة والضمير، وقد تم توقيف بعض الأشخاص في منطقة صور، حيث تبيّن أنّ لا علاقة لهم بهذا الموضوع.

وسُجِّلت أكثر من حالة وفاة في السابق بسبب ظاهرة «عبادة الشيطان»، منها عدة حالات انتحار تبيَّن لاحقاً أنّ أصحابها كانوا على صِلة بـ«عَبَدَة الشيطان»، حيث طلبوا منهم تنفيذَ الأمر بالانتحار، ليكونوا قرباناً وشفاعةً له، كما تعرّض ذوي البعض منهم للضرب على أيدي أولادهم المدمنين على المخدرات، والذين تبيّن أنّهم من «عبدة الشيطان».

وظاهرة «عَبَدة الشيطان» ظهرتْ في لبنان عن طريق بعض المغترِبين، الذين عادوا إلى بلدهم، وجلبوا هذه العاداتِ، وهي حالات غربية، تسعى لبثِّ السموم عبرَ أجيال الشباب، وخاصَّة مع وجود أجيال يمكن أن تَنساقَ حولَ مثل هذه الأمور.

وضبطت في منازل بعض المشتبه بهم بالانتماء إلى «عبدة الشيطان»، زجاجةٌ فيها أفعى ميتة، ومجسَّم لمدفن، عليه صورة للشاب، وصور ورموز شيطانية، وجمجمة لبقرة مغروز في قرنيها الدبابيس، وجمجمة بشرية، ورأس شيطان، كما سجلت اغتصاب جُثَّة فتاة في المتن.

وتبيّن أنّ العديد من العائلات تكتّمت على انتماء أبنائها إلى «عبدة الشيطان»، لأنّها أسر معروفة والبعض من هؤلاء الأبناء كانوا في مدارس مشهورة، وكان خيار التكتّم على ذلك خوفاً من الفضيحة وتشويه السمعة.

وكان أوَّل المنتحرين (م. ج – 14 سنة) في العام 1992، الذي بعث برسالة إلى صديقه، طالباً منه دفنَ أشرطة «الروك أند رول»، التي كان مولّعاً بها معه، ثم توالتْ بعدها حوادث الانتحار المماثلة.

وتعمد هذه المجموعات إلى الخروج في فترات محدّدة إلى المقابر، حيث يُقدِم الشبان على نبش القبور، وتشويه الجثث، وممارسات شاذّة مع الموتى، كذلك السكر الشديد حتى الثمالة، ولا يكتفون بالخمر، بل يتناولون المخدّرات بكميات كبيرة تجعل أشكالهم تبدو بصورة غريبة وفظيعة، ويُقدِمون على ذبح القطط وشرب دمائها ودهن الأجساد بها.

والغريب في الأمر أنّ هؤلاء يعبدون الشيطان وهو ما يُعتبر الأكثر حماقة عبر التاريخ، لأنّ الشيطان كان أعدى أعداء بني آدم منذ أنْ طُرِدَ إبليس من الجنة ومُنِعَتْ عنه الرحمة الإلهية، وحُكِمَ عليه بالخلود في جهنم، ومنذر إلى يوم القيامة، وقد بدأ الإغواء والإضلال، فأغوى آدم وحواء، فأكلا من الشجرة التي نُهيا عنها، وأُخرِجا من الجنة، ولكن الله تاب عليهما. ثم توالت الأحداث فقتل قابيل إبن آدم شقيقه هابيل، وبعدها عُبِدَتْ الأصنام، ومن ثم ذهب الإنسان ليعبد الكواكب والنار ولكن الغريب هو «عبادة الشيطان» التي بين الله سبحانه وتعالى لنا هذه العداوة الشيطانية: «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ» فاطر، الآية 6.

تعليقات: