عيون تبنين وعديسة تروي بنت جبيل

زحمة عند عين المزراب
زحمة عند عين المزراب


أمطار تشرين الثاني لم تسعف عيون الماء الجافة في مختلف القرى الجنوبية. وبانتظار أن تتفجر الينابيع، يعمد أهالي القرى الجنوبية إلى شراء المياه، وخاصة في البلدات البعيدة نسبياً عن نهر الليطاني.

ويعتبر شراء المياه يومياً أمر مكلف للكثير من أبناء الجنوب المحدودي الدخل، أما مياه الليطاني التي لا تصل إلا في أوقات قليلة إلى المشتركين، فهي ليست صالحة للشرب، وأغلبها ملوث، لذلك فهي تستعمل للتنظيف وخلافه.

عيون الماء القديمة رغم قلّتها، هي الملجأ الأساسي للأهالي لتأمين حاجاتهم من مياه الشرب. وتنتشر عيون الماء بكثرة في القرى، والبلدات الجنوبية لم تعد كذلك. فأغلبها لم يعد له وجود أصلاً وبعضها يجف باكراً، فلا يستفاد منها كثيراً، باستثناء عين المزراب في بلدة تبنين (بنت جبيل)، وعين بلدة عديسة (مرجعيون) الشهيرة المسماة حديثاً عين الشهيد ابراهيم رمال.

عين المزراب التي سميت بهذا الاسم كونها نبعاً ينساب من سفح جبل صدّيق، تتجمع مياهها في خزان باطن الأرض وتخرج بواسطة مزراب حجري لتصب في الجرار، حافظة نكهتها وصفائها ولذة طعمها. اعتمد عليها سكان المنطقة حين شحت المياه ولا تزال مياهها جارية. حالياً تجددت معالمها وأصبح لها بناء جديد من الحجر الصخري. موقعها قرب الطريق العام في أول البلدة على مثلث تبنين ـــ السلطانية ـــ صفد البطيخ يعرف بجسر العين. وهذه العين اليوم هي ملاذ أغلب أبناء منطقة بنت جبيل، حيث تجد الناس ينتظرون دورهم أحياناً لملء حاجتهم من المياه، وقد استعانت بلدية تبنين بموظفين اثنين يتناوبان على حراسة العين وتنظيفها وتنظيم الأدوار.

يقول الموظف هناك ويدعى ابراهيم «تزداد الزحمة كل يوم فيتم ملء أكثر من 200 غلن يومياً، ورغم ذلك تبقى العين قادرة على تلبية احتياجات الناس، رغم أنها تجف قليلاً عند الاستهلاك المتواصل. ولشهرة العين وعذوبتها، وقلة العيون الأخرى في الجنوب، تجد العديد من أهالي قضاء صور يأتون إلى هنا لملء الماء». أما عين الماء في بلدة عديسة وكما يقول عضو البلدية محمد رمال «يزيد عمرها على 200 عام، ومياهها تنبع من مكان عميق تحت الأرض بعمق 30 متراً، ما جعل أهالي البلدة منذ حوالى 60 سنة يحفرون نفقاً من مكان النبع لجرّ المياه إلى مكان يوازيه ارتفاعاً ولكن على سطح الأرض، بعد أن حفروا النفق بالصخر على شكل قناطر حجرية. فأصبح المكان الجديد ملجأ أهالي البلدة والبلدات المجاورة لملء المياه العذبة»، وقد عمدت بلدية عديسة عام 2004 إلى بناء محيط العين بالحجر الصخري على شكل قلعة حجرية قديمة، وتم مدّ أنابيب المياه النحاسية إلى المبنى وتوزيع المياه على 6 حنفيات لتخفيف زحمة الناس. وأخيراً تم تأمين فيلترات مياه ضخمة مع موتور كهربائي لتكرير المياه وتأمينها للأهالي نقية وخالية من التلوث، كما يشير محمد رمال وذلك بالتعاون مع بعض الجمعيات الأهلية، ويقول رمال «يستفيد جميع أبناء المنطقة هنا من هذه العين، وقد أنشئ بالقرب من العين خزان مياه يتسع لـ1200 برميل، يستخدمه المزارعون لري الأراضي، ويملأ من المياه الفائضة من العين، وتحصل البلدية مقابل ذلك على رسم بسيط لا يتجاوز الخمسة آلاف ليرة عن كل نقلة مياه». وقد عمدت بلدية عديسة بعد الحرب الأخيرة إلى تسمية العين باسم أحد شهداء الوعد الصادق ابراهيم رمال، كما سمت الحديقة العامة ومدينة الملاهي الحديثة والرصيف العام بأسماء الشهداء الآخرين الذين فقدتهم البلدة في الحرب الأخيرة.

تعليقات: