معوّقو ومرضى النزوح.. ومعاناة العلاج


حاصبيا ـ

كأنه لا يكفي النازحين السوريين، الى حاصبيا والعرقوب، ما يعانونه من شظف العيش ومرارة النزوح وما يترافق معهم من همّ تأمين متطلبات الحد الأدنى من العيش الكريم واللائق، لتزدداد الهموم في كيفية رعاية ذويهم وأبنائهم من ذوي الإحتياجات الخاصة، العقلية والجسدية، وما تتطلبه من علاجات فيزيائية وادوية مزمنة ورعاية، في ظل غياب أي جهة أو منظمة محلية أو دولية تقدم لهم يد العون للتخفيف عنهم وعن هؤلاء الذين لا ذنب لهم في الحياة سوى انهم خلقوا بأمراض واعاقات جسدية أو عقلية أو أمراض تحتاج الى عمليات جراحية تفوق قدراتهم وأوضاعهم المادية. لذلك كل ما يمكنهم فعله هو رفع الصوت بوجه المعنيين علّ هناك من يسمع صرختهم.

«لم اعد أشكو همّي إلا الى الله لأن ليس هناك من يسمع أو يستجيب «، هوذا حال أم علي الحوراني، من إدلب، مضيفة، «فقدت إبنتي ياسمين بعمر الـ 22 عاما في العام الماضي والتي كانت تعاني من تخلف عقلي، حيث جاء في تقرير الوفاة ان سبب الوفاة هو «الصرع». أما إبنتي الثانية نسرين، فهي تعاني ايضا من تخلف عقلي ونطق بعض الأسماء فقط. صحيح انها لا تحتاج الى أدوية لكنها لا تستطيع خدمة نفسها وبحاجة الى من يساعدها في المشي وفي تلبية حاجاتها اليومية، وأنا يجب أبقى الى جانبها. وزوجي عمره 70 سنة ولا يمكنه القيام بأي عمل، لذلك حياتنا متوقفة على ما يصلنا من مساعدات»، مطالبة الجهات المعنية إيلاءهم اهتماما خاصا، وتقديم الرعاية لابنتها.

من جهتها، أم أديب رجب من ريف دمشق (70 سنة)، تعيش مع إبنتها بشرى (26 سنة)، من ذوي الإحتياجات الخاصة، وتعاني في بعض الأحيان من تشنجات في القولون، وهي بحاجة الى من يبقى بجانبها طوال الوقت. «يعني إبنتي بحاجة للمساعدة الدائمة، وكل ما نتمناه وجود مراكز تهتم بحالتها أقله لتعليمها في كيفية الإعتناء بنفسها».

وحال ميادة موسى، (45 سنة من دمشق)، لا يقل صعوبة وألما عن سابقاتها، فهي تعاني من شلل نصفي ولا تستطيع المشي، وبحاجة دورية الى علاج فيزيائي ومن يساعدها في خدمة نفسها ونحو 200 دولار شهريا لشراء الأدوية. وهي تتنقل بين منازل أشقائها الذين يعانون من ظروف النزوح المادية.

الى ذلك، هناك حالات صحية أخرى، يعاني أصحابها من آلام حادة. وجلّ ما يحتاجون اليه هو عملية جراحية، دونها عدم قدرتهم على تأمين الكلفة. يتحملون الألم «بانتظار الفرج»، حسبما تقول منال الكيلاني (37 سنة من إدلب)، والتي كانت أجرت قبل ست سنوات في سوريا عملية تركيب فقرة إصطناعية في العمود الفقري. وخلال الحرب في سوريا كانت إنزلقت ما أدى الى انحلال أحد البراغي في تلك الفقرة، «لذلك، اليوم أعاني من آلام مبرحة وأعيش على المسكنات التي لم تعد تنفع. وبعد استشارة الأطباء في لبنان، قالوا إني بحاجة الى عملية جراحية ليس بمقدورنا دفع كلفتها الباهظة خاصة»، آملة من أي كان مساعدتها في إجراء العملية للتخفيف عنها وعن عائلتها.

وما يحزن أكثر ان هناك العديد من الأطفال الذين يعانون من أمراض وتشوهات جسدية، يمكن علاجها ولو نسبيا، ولكن بسبب الوضع المادي والإقتصادي يقف ذووهم حائرين متأملين من الجهات المعنية الإلتفات الى هذه الحالات ومعالجتها رأفة بهؤلاء الأطفال. إذ أن محمد العمار (عمره سنتان من إدلب)، يعاني من تقوس في القدمين، «وهو بحاجة الى فحوص وصور مخبرية وعملية جراحية كلفتها نحو 4 آلاف دولار، ونحن بانتظار رحمة الله»، حسبما يقول والده بشير.

كذلك موفق رجب (11 سنة من ريف دمشق)، لديه تشوه في الوركين والقدمين، وتأمل والدته أم مفيد «أن نجد من يساعدنا لإجراء عملية جراحية له تساعده في ممارسة حياته بشكل أفضل في المستقبل».

عمر عبد العظيم (ست سنوات من بيت جن)، لم تستقبله المدرسة كونه يعاني من صعوبات تعلمية كقلة التركيز وضعف في النطق وحركة زائدة، وتقول والدته أم محمد: «زرنا طبيباً متخصصاً في الأعصاب، فأكد أنه يعاني من تخلف ونشاف في الدماغ وهو بحاجة الى جلسات علاجية لمدة سنتين ولكن لم نعالجه بسبب ظروفنا المادية. وزوجي يعاني هو الآخر من ماء الزرقاء في عينه وكلفة العملية نحو الف دولار».

حالات مماثلة عديدة بين النازحين في قرى حاصبيا والعرقوب، حيث يقطن نحو 8 آلاف نازح، تحتاج الى الرعاية والعلاج، ولكن حسبما يقول ذووهم، فإن الجهات التي تهتم بالنازحين تعتبر ان هذه الحالات ليست طارئة ولا تشمل المساعدات والمهمات المكلفين متابعتها في ملف النازحين. لكن هؤلاء النازحين يعتبرون ان حاجاتهم لا تقتصر فقط على المواد الغذائية والصحية الأولية فقط، «إنما أولئك الذين في مرضهم تمرض العائلة كلها»، وأكثر من ذلك يمكن علاجها والتخفيف من وطأتها عليهم.


تعليقات: