«فالنتاين» النازحين.. حرب لا تبدّد الحبّ

عروسان في مخيم إبل السقي للنازحين (طارق أبو حمدان)
عروسان في مخيم إبل السقي للنازحين (طارق أبو حمدان)


مرجعيون -

«أنا والحب توأمان، منذ أن نظرت في عيني حبيبتي الساحرتين، اعترفت بالقدّيس الجميل الساحر فالنتاين. لا أفارقه ولا يفارقني مهما اشتدّت الحرب السوريّة، سيبقى حبّي لحبيبتي الحسناء داليا أشدّ من أزيز الرصاص وأقوى من دوي القذائف، وأمضى من الدمار والحقد».

بهذا الإحساس المرهف، يواجهك النازح من ريف حلب سالم أبو السمرا في عيد العشاق: «تعلّمت من هذه المناسبة القراءة في كتاب الحب والسلام والطمأنينة، الحبّ غذاء الفقراء والمحتاجين، يعطينا قوّة كمجتمع نازح، يجمعنا على الخير والتعاون». يقول: «لقد انزويت مع حبيبتي في خيمة معزولة عند الطرف الغربي لمخيّم سهل الوزاني، نسينا النزوح.. تبادلنا القبل. كانت لحظات عشق لا تنسى، قبل أن يهرب كلّ منّا إلى خيمته، على أمل أن نحتفل بالعيد المقبل، في ربوع بلدنا».

تحت أشعّة شمس شباط الدافئة، تجلس النازحة السوريّة سمر أبو العزي عند مدخل خيمتها في مخيم إبل السقي. فتاة لم تتجاوز العشرين من عمرها، قُتل خطيبها منذ حوالي عام ونصف العام في معارك حلب، بعد أسبوع من عيد العشاق: «قضى بقذيفة لعينة وهو في عز شبابه، تلك لحظات مسمّرة في ذاكرتي».

«باقة صغيرة من الورد الأحمر، جمعها بصعوبة وتحت القصف من أحد حقول حلب، جاءني بها في يوم عيد العشاق. أمضينا فترة قصيرة رائعة، فكانت وشوشات وهمسات حبّ لا تنسى، لكن الحرب اللعينة قضت على أحلامنا، هو لاقى حتفه وأنا هربت من تلك الحرب إلى دنيا النزوح اللعين، القدر جمعني مع حبيبي الغالي، وجاءت الحرب لتفرقنا وإلى الأبد»، تقول سمر.

عمل النازح العشريني من ريف دمشق حسان اللقيسي، في جمع باقة من شقائق النعمان الأحمر، والتي تكثر في هذه الفترة بين الصخور في الحقول المجاورة لمخيم نزوحه في سهل سردة. حملها خلف ظهره وذهب بها إلى خطيبته شادية: «هذا كل ما يمكنني تقديمه لها في العيد. هدية متواضعة أعرف، لكن في ظلّ الفقر والعوز والمآسي التي نعيش، لا بد من فسحة أمل صغيرة ولحظات حب، نواجه فيها جحيم الغضب والبغض، والحقد المخيم منذ خمس سنوات في بلدنا». يقول: «بصعوبة تذكّرت عيد الحب، فمثل هذه المناسبة اختفت على ما يبدو من نفوسنا، لكن العشق بدا وكأنَّه أقوى من حقد وظلم تلك الدول التي فرضت الحرب على بلدنا، إنَّها فرصة تعيدنا إلى أيام العز والسلام والازدهار والأمن والأمان، في بلدنا حيث كان لمثل هذه المناسبات رونقها السحري المميز».

«نحن بحاجة كل يوم إلى عيد الحب في نزوحنا وفي بلدنا سوريا، الحب أقوى وأمضى من كل أسلحة الدمار التي يستخدمونها في حربهم العبثيّة»، يشير النازح من ريف حلب مالك المجدي، والذي كان قد فقد زوجته وطفليه بقذيفة «داعشية» قبل عامين. يضيف «ربَّما وصل عدد الضحايا في سوريا إلى حوالي المليون. الحقد ولّد هذه المأساة، وأمام هول ما يحدث، من حقّ الجميع أن يحبّ، فالحبّ هو المدخل الرئيسي لكل تفاهم ووفاق، فليكن عيد الحب مناسبة جديدة لوقفة ضمير توقف الحرب الدائرة».

من جهتها، تقول جميلة النازحة إلى مخيم الوزاني: «ليس باليد حيلة، حبيبي لا يزال في ريف حلب، عمله هناك ومصالحه التجارية لا تسمح له بالنزوح والالتحاق بنا في لبنان.. من المستحيل تقديم هدية له حتى وإن كانت متواضعة، لقد استعضت عن ذلك بهمسات عبر الهاتف الجوال، أمضينا دقائق عدة نتبادل عبارات الحب».

«لون الحب الأحمر، هو ذاته لون دماء ضحايا الحرب السورية»، يقول النازح عادل أبو الهميني، قبل أن يضيف «لن تكسرنا تلك الدماء الحمراء التي تسيل يومياً، ولن تنسينا الورود الحمراء، لن نستسلم للبغضاء يوماً، سنبقى نقاوم بالأحمر القاني ليبقى الأحمر شعار الحب».


تعليقات: