مَنْ ينقذ سهل الخيام من منافسة منتوجاته ويعزز التمسك بالأرض؟


القطاع الزراعي في الجنوب صامد رغماً من معاناة إهمال الدولة

المزارعون: على الدولة وضع خطة إنمائية لرفع زيادة الإنتاج 

يعيش القطاع الزراعي في الجنوب حالة إهمال منذ سنوات من قِبل الدولة، حتى إنّه  لم يشهد أي تحسّن أو يلحظ وزراء الزراعة المتعاقبون أي مشروع زراعي يليق بمُزَارع يعمل من شروق الشمس إلى مغيبها، آملاً أنْ تنظر الدولة إليه بعين الرحمة والرأفة، لكنها على العكس تكافئه برفع أسعار الأسمدة...

يعيش مزارعو سهل الخيام، السهل الأكبر في جنوب لبنان، حالة من اليأس والعوز، وكأنّهم يشحذون في هذا البلد، رغم أنّ السهل يمتد على مساحة 10 كلم مربّع، وتحتل مساحته المزروعة 600 دونم، وشهد مؤخّراً توسّعاً ملحوظاً مع عودة عدد من المزارعين إلى الأرض، في ظل انعدام فرص العمل في بلد يكاد يكون فيه القطاع الزراعي آخر أولوياته...

ويعاني القطاع الزراعي الإرشاد والتوجيه للمزارع، والمنافسة في المنتوجات، حيث تسمح الدولة باستيراد منتوجات من الخارج ما يشكل منافسة للمزارع اللبناني، رغم أنّ الزراعة تشكّل مصدر الرزق الوحيد لعدد من الأهالي، وأيضاً يواجه الأهالي مشكلة تلوّث المياه من الآبار الارتوازية المحيطة بالنبع، ما يعني أنّ مصير عشرات العائلات بات مهدّداً...

«لـواء صيدا والجنوب» حطَّ رحاله في سهل الخيام - قضاء مرجعيون وشاهد بأم العين ما يعانيه المزارع الجنوبي من إهمال...

سهل الخيام

كان سهل الخيام شاهداً على تدمير المقاومة دبابات الـ»ميركافا» الإسرائيلية خلال عدوان تموز 2006، وهو السهل الذي يطل بحسرة على مستعمرة «المطلة» في فلسطين المحتلة، حيث يبدو بوضوح جلي نمو القطاع الزراعي والمصانع الزراعية والمعامل، أما حاله فبالكاد يلتقط أنفاسه الزراعية ليقاوم الحياة، لكن أين الاهتمام بالقطاع الزارعي من قِبل الدولة؟، أليس المفروض أنْ تضع خطة انمائية تعمل على رفع معدلات الإنتاج، وتعويض المزارع الذي قاوم العدو وصمد بأرضه بحياة كريمة، بدل أن يكون نصيبه من قبل الدولة الإهمال؟!.

{ وفيما كان المزارع أبو حسين يعمل في أرضه قال: «كنّا في السابق رقماً صعباً في معادلة الاقتصاد اللبناني، وكانت لنا قوّتنا الخاصة في سياسة الإنماء الزراعي والنمو، أما الآن فهي غير موجودة، لقد غُيّبت المصانع الزراعية، وحُرمنا من إنشاء «حسبة» لتصريف الإنتاج والبضائع المكدّسة بسبب غياب التمويل».

وأضاف: «للأسف لقد كافأتنا الدولة بمزيد من الإهمال ضريبة التمسّك بالأرض، وكما تشاهدون كساد المواسم بسبب سماح الدولة باستيراد المنتوجات المضاربة من الدولة، أيعقل أنْ تحاربنا الدولة بإنتاجنا بدلاً من حمايته ودعمه لصالحنا ولصالح البلد؟».

كسر السعر

{ وقف المزارع يوسف الخوري، وهو ينظر باتجاه مستعمرة «المطلة» داخل فلسطين المحتلة، وقال بحسرة: «للأسف أحلامنا طارت، لأنّ هناك مشاكل من الدولة حول كيفية تصريف الإنتاج، فأنا أزرع حوالى 100 دونم، تتوزّع بين مزروعات مروية وأشجار مثمرة وزيتون، لكن يوجد غياب لخطة النهوض الزراعي، والزراعة العشوائية مسيطرة، ولا يغفل أحد غياب أسواق تصريف للإنتاج تسهم في تشبث المزارع بأرضه بدلاً من حثه على تركها».

وأضاف: «الدولة بخيلة على المزارع، ولا أحد يقف معنا، فنحن نطالب مد يد العون والمساعدة، لأن القطاع الزراعي مهم جداً، وهو عصب اقتصاد البلد، وكل بلدان العالم تهتم بالقطاع الزارعي، وتجهد الحكومات على دعمه ومؤازرته بمعامل ومصانع، وتحرص على تصدير الإنتاج، عدا عن رفده بشبكات ري متطوّرة لضمان جودة الإنتاج، أما نحن فنعيش في المقلب الآخر، تحرص الدولة على ضرب القطاع الزراعي بشتى الوسائل، لقد كان إنتاجي جيداً من القمح، ووعدتنا وزارة الاقتصاد بأخذ المحصول، لكن توقف المشروع فوقعنا فريسة كسر السعر، أيعقل أنّ سعر كلغ القمح وصل إلى 325 ليرة، مَنْ يعوّض خسائرنا، وأيضاً لدينا خسارة في الجوز وغيره، مَنْ يسدّد ديوني؟».

في الأدراج المنسية

{ وبينما كان أبو علي يعمل قال: «يوجد في السهل عشرات المزارعين، كل يهتم بإنتاجه، سواء من الحبوب إلى الخضار والأشجار المثمرة والأفوكادو، وأيضاً توجد زراعات مستحدثة بدأت تأخذ طريقها نحو السهل، الكل يحاول أنْ يطوّر سهله، لكن أين الدولة؟، أليس المفروض أن تعطينا الإرشادات والتوجيهات وتهتم بنا؟، لا توجد وزارة تسأل عنّا، بل توجد نقمة من الدولة علينا لا نعرف ما سببها، هل أصبحت خطة النهوض بالقطاع الزراعي في الأدراج المنسية؟، ويجب علينا أن نتحمّل غلاء الأسمدة والأمراض التي تضرب الموسم وغضب الطبيعة؟، وإذا حضرت التعويضات تذهب مع الهواء ولا نرى منها شيئاً».

وأضاف: «نحن شعب قاومنا الاحتلال بصمودنا وما زلنا نقاوم، ولن نترك أرضنا رغم كل شيء، ورغم الإجحاف من الدولة  تجاهنا وإهمالها لقطاع الزراعة في السهل، كان من المفروض أن تهتم بنا أكثر من أي قطاع آخر».

تلوّث... وخطر

{ من مشاكل السهل التي تبدأ بأزمة تصريف الإنتاج ولا تنتهي عند خطر غور مياه الدردارة وتلوّثها بسبب الآبار التي حُفِرت على مقربة منها، وأيضاً المنتزهات التي تهدّد بتلوّث النبع قال رئيس «جمعية التعاونية لإدارة مياه نبع الدردارة» جهاد الشيخ علي: «إن الغياب شبه الكلي لوزارة الزراعة، مضافاً إليه غياب الارشاد الزراعي الذي يؤثر على الأمن الزراعي ومعهما مشكلة تصريف الانتاج، كلها تضع السهل على المحك، فكيف سيصمد المزارع الجنوبي في مواجهة الظروف الطارئة؟».

وأضاف: «أيضاً كان هناك مشروع «حسبة» وبرّاد لحفظ الخضار، للأسف توقفت كل الأحلام لدى المزارعين، فغياب التمويل يحول دون تنفيذه، وأيضاً لدينا مشكلة مستحدثة، وهي الجمعيات الزراعية الوهمية التي تأخذ الأموال وتحرم المزارع من مشاريع زراعية، فهذه الجمعيات لها سند سياسي، وإلا كيف تضمن استمرارية أخذها الأموال، لأن غياب السياسة الزراعية العامة هو أحد أبرز معوّقات تطوير ونهوض الزراعة التي يفترض أن تحميها الدول لا تقتلها، وما زال لدينا أمل بسيط بأن تلتفت الدولة وتشفق على المزارعين».

وتابع: «منذ تأسيس الجمعية عام 2010 عملت على تمديد شبكات مياه تحت الأرض بسعة «10 إنش» ليمد المزارعين بجرعة «قوة»، لا سيما أن المياه عصب الزراعة، لكننا نواجه خطر تلوث نبع الدردارة بسبب جشع أصحاب الأملاك الخاصة دون رادع يذكر، وأيضاً هناك الكثير من التعديات على النبع، وهذا الأمر بات يشكل خطراً كبيراً، إذا لم تجر معالجته، وهذا التلوث يعني تلوث الزراعة، ما يعني أن مصير عشرات العائلات بات مهدداً، وما زاد الطين بلة الآبار الارتوازية المحيطة بالنبع، الذي نخشى أن يغور ويصبح في خبر كان، لا سيما وسط تراجع نسبة المتساقطات، ما يعني أن الزراعة على المحك، والمسؤولية مضاعفة، نسعى قدر الإمكان إلى حماية الزراعة، لكن يداً واحدة لا تصفق، فنتمنى من الجميع، وخاصة الدولة أن تهتم بنا وبالزراعة لأننا في خطر».

يوسف الخوري بانتظار الأملإهمال متعمّد




تعليقات: