ماعز العرقوب برعاية الطبّ البيطري الهندي


العرقوب ـ

منذ مشاركتها في قوات حفظ السلام في جنوب لبنان عام 1998، أخذت الكتائب الهندية المتعاقبة، ومقرها في نقار كوكبا-قضاء حاصبيا، على عاتقها تقديم خدمة مجانية تعتبر ذات قيمة واثر كبير في منطقة عملها في العرقوب، تتمثّل في معالجة مختلف انواع الماشية والحيوانات الأليفة، ما أسس لعلاقة متينة وود وصداقة بين رعاة الماشية والأطباء البيطريين الهنود.

واليوم رئيس قسم الطب البيطري في الكتيبة الهندية -دوغرا الثامنة المقدم غوتام شارما يعمل بجد واجتهاد واخلاص لتوطيد تلك العلاقة وتقديم المساعدة لرعاة الماشية ومربي الأبقار خصوصا التي تشكل لهم مصدر الرزق الوحيد في قرى العرقوب وحاصبيا وفيها نحو 35 الف رأس من الماعز والأغنام والفي رأس من الأبقار، وهي بحاجة الى عناية باستمرار وعلاجات دوائية مكلفة في ظل غياب شبه تام للجهات المعنية لدعم هذا القطاع وارشاد الرعاة، باستثناء تقديم «طعم الجلاخ» مجانا من قبل وزارة الزراعة.

ويقول الطبيب شارما انه وفريق عمله «نقوم بزيارات يومية الى حظائر الماشية والأبقار في قرى العرقوب ونقوم بالكشف عليها وتقديم الطعوم والأدوية اللازمة مجانا، اضافة الى استقبال ومعالجة الحالات المرضية واجراء العمليات الجراحية لها إما ميدانيا أو في مستشفى الطب البيطري في مقر الكتيبة، ونستقبل في المستشفى أي حالة مرضية من أي مكان أتى اصحابها«.

ويعبّر شارما عن سعادته لما يتركه من «أثر طيّب لدى رعاة الماشية وعامة الناس في هذه المنطقة، رغم اني هنا وفريقي الطبي منذ شهر كانون الثاني 2016، فقد تم تقديم المعالجة لنحو 11500 رأس من الماشية والأبقار وغيرها من الحيوانات الأليفة، تراوحت بين تقديم الطعوم والشربات وادوية الإلتهابات واجراء عمليات جراحية والكسور«.

ويرى الطبيب شارما «ان قطاع تربية الماشية على انواعها من اهم القطاعات في هذه المنطقة بسبب طبيعة اراضيها الشاسعة ومراعيها الخصبة، وتربية الماعز تعتبر الأفضل لأن كلفة الإعتناء بها اقل وامراضها قليلة وانتاجها المادي جيد»، مؤكدا انه وحتى انتهاء مدة خدمته في لبنان نهاية العام الحالي، «سأبقى اقوم بواجبي أمام هؤلاء الناس الذين باتت تربطنا بهم علاقة طيبة تقوم على الإحترام التام والتقدير لما نقوم به تجاههم«.

وبالإضافة الى تلبية الحالات الطارئة ومعالجتها في اي وقت كان، يقوم الطبيب شارما كل ثلاثة اشهر بعقد اجتماع موسع لمربي الماشية في مقر الكتيبة يتم خلاله ارشاد الرعاة وتوعيتهم على كيفية مواجهة الأمراض الموسمية وسبل الوقاية منها.

اصحاب الثروة الحيوانية عموما ورعاة الماشية خصوصا يقدرون كثيرا ما تقدمه لهم الكتيبة الهندية والأطباء البيطريين المتعاقبين، خاصة الطبيب شارما «الذي رغم تعرفنا عليه منذ بداية العام إلا ان هناك علاقة صداقة وود وتقدير لكل ما يبذله من جهد ووقت وتوفير مادي لنا في سبيل مساعدتنا لمعالجة ماشيتنا»، هكذا يصف يوسف العقيبة (ابو نزار) من كفرشوبا وصاحب قطيع من الماعز، علاقته بالطبيب شارما ومن سبقه، مؤكدا «ان الطبيب شارما لا يتأفف ابدا وهو يقوم بمعالجة ماشيتنا ويقدم الأدوية اللازمة دون منّة او تأخير ويوفر علينا ما لا يقل عن الألف دولار سنويا«.

ويؤكد «ان زيارة الطبيب البيطري اللبناني مكلفة جدا وهو غير متوافر باستمرار في منطقتنا، فيما الجهات المعنية لا تقدم لنا اي شيء لا استشارة ولا ارشاد ولا ادوية«.

واعتبر الراعي ابو اسماعيل زغلول من كفرحمام، «ان ما يقوم به الطبيب شارما وفريقه من خدمة مجانية للعناية ولمعالجة ماشيتنا لا يقدر بثمن، خاصة قطاع تربية الماعز في منطقة العرقوب، لأن اكثر من 250 عائلة تعتاش من هذا القطاع والعمل فيه»، لافتا الى صعوبة تربية الماعز والأغنام ومشقّة رعيها في البراري.

ويؤكد مالك خليفة، صاحب قطيع من الماعز، بدوره، «ان وزارة الزراعة قدمت طعم الجلاخ للأبقار ودواء لتنظيف امعاء الماعز، لكن ذلك غير كاف لأن هذا الأمر بحاجة الى استمرارية ومواكبة دائمة لمواجهة الأمراض التي تصيب الماشية والأبقار وغيرها، والتي تكلفنا الكثير في حال وقوعها، ولكن الطبيب البيطري شارما والفريق العامل معه، لم يشعرونا يوما بالقلق تجاه ما قد يصيب ماشيتنا من امراض لأنهم حاضرون دائما ويساعدونا في مواجهة الأمراض وعلاجها«.

هذه المنطقة المميزة باراضيها الشاسعة والخصبة اشتهرت على مدى العقود الماضية بتربية الماشية وانتاجها من الحليب ومشتقاته، وبسبب غياب الدعم الكافي لهذا القطاع بات الكثير من الرعاة واصحاب الثروة الحيوانية يفكرون مليا بترك هذه المهنة المليئة بالتعب والمشقة والبحث لأبنائهم عن عمل بديل يؤمن مستقبل افضل لهم ولعائلاتهم.

تعليقات: