انتخابات مرجعيون: بهارات يسارية تعطي الطبخة الانتخابية طعماً

حضور يساري مميز في حولا وتململ في الخيام (مصطفى جمال الدين)
حضور يساري مميز في حولا وتململ في الخيام (مصطفى جمال الدين)


بدت المعارك البلدية في قضاء مرجعيون متشابهة. في التحالفات كما في حيثيات التنافس كانت معركة واحدة وإنما بأسماء مختلفة. فلوائح «الوفاء والتنمية» التي شكّلها «حزب الله» و «حركة أمل» غزت قرى وبلدات القضاء. نافستها لوائح جمعت اليسار بكل أطيافه، أو ممثلين عن عائلات رفضوا اللوائح «المعلّبة» و«المفروضة»، وصمّموا على تثبيت موقفهم بالترشح.

في الخيام وحولا والطيبة كما غيرها من القرى، روى المعترضون «السيناريو» ذاته. قالوا إن تحالف الحزب والحركة خطا خطوة باتجاههم كيساريين ومعترضين قبيل إعلان اللوائح لتشكيل لائحة توافقية. لكنّ الخطوة لم تخل من «الفوقية»، إذ «حمّل المفاوضون السلطويون معهم عدد المرشحين الذين ينوون ضمّهم من المعارضين، وحتى أسماءهم في بعض الأحيان». هكذا روت المرشحة نبيلة غصين في الطيبة والدكتور عمران فوعاني في حولا والمرشّح المنفرد حسين كلش في الخيام. مع هذا بدت الأجواء هادئة في القضاء، حتى أن الشوارع والأزقة البعيدة عن مراكز الاقتراع كانت شبه خالية، ومستسلمة لسكينة لا يقطعها إلا مرور بعض السيّارات.

وحده تحالف اليسار في حولا صمّم على كسر الهدوء، ورفع أناشيده عالياً على مقربة من مركز الاقتراع، حتى بدا سيّد الشارع مع الحضور الكثيف لمندوبيه ومناصريه وأعضاء ماكينته الانتخابية التي حملت شعار «حولا الناس». على بعد أمتار منهم، جلس مندوبو «لائحة التنمية والوفاء» وقد تشابكت أنغام أناشيدهم مع الأناشيد اليسارية. بان التنافس بين اللائحتين من الندّ للندّ. حتى ظهرت في الشكل «حولا الناس» أكثر حضوراً من اللائحة المنافسة. لربما هي القرية الوحيدة في القضاء التي زعزعت التحالف بين الحزب والحركة بقوة قبل أن يعود ويتماسك. إذ كانت الحركة أكثر ليونة في التفاوض مع تحالف اليسار الذي جمع «الحزب الشيوعي» و «الحزب القومي» ويساريين آخرين للمرة الأولى.

أشار الدكتور عمران فوعاني إلى أن ترشّح اليسار أتى من مبدأ الشراكة في التحرير ومن تاريخ «الحزب الشيوعي» في البلدة. يأبى مناصر اللائحة أن تكون الشهادة والمقاومة حكراً على حزب واحد، لا سيما أن الشيوعي ذو باع طويل في مقاومة إسرائيل والحرب عليها. وهو يعوّل على براهين إضافية من شأنها أن تجذب الناخب «يساراً»، ومنها التغييرات الأخيرة في الحزب الشيوعي.

وقد ضمّت لائحة «حــولا النــاس» 14 مرشحاً من أصل 15، لتركها مفتوحة للناخب إفساحاً في المجال للشراكة.

الطيبة

مثلها تركت لائحة «الطيبة تجمعنا» مفتوحة، أيضاً من مبدأ الشراكة. ضمّت تسعة مرشحين من بينهم طبيبان كانا عضوين في المجلس البلدي السابق، وسيّدة هي نبيلة غصين. وقد تحدثت غصين عن محاولات لتشكيل لائحة توافقية لكنها باءت جميعها بالفشل.

وإذا بدت معارك حولا والطيبة وغيرها من بلدات وقرى القضاء واضحة، فإن أهل الخيام تحدثوا عن تشطيب من ضمن اللوائح الثلاث المتنافسة، كما تحدثوا عن خرق محسوم للائحة «الوفاء والتنمية». غير أن هذا لم يتوّج البلدة أم المعارك في مرجعيون، لا بل قيل إنها تشهد عرساً للديموقراطية. رأى المرشح حسين كلش أن لائحة الحركة والحزب لم تشتمل على التلاوين المختلفة في البلدة، لذلك تشكّلت لائحتان في مواجهتها «لكن هذا لا ينفي التنافس الشريف».

الخيام

فيما تحدث آخرون عن تململ من العمل البلدي السابق حتى في صفوف محازبي ومناصري «حزب الله»، وأكدوا أن ناخبيه سيلجأون للتشطيب. من هنا يبني المهندس علي نصرات حسن عبدالله آمالاً كبيرة لخرق لائحته «الخيام مدينتي» للائحة التحالف، معوّلاً على اللوائح الخاصة التي يشكّلها المقترعون، علماً أن «الخيام مدينتي» تضمّ 10 مرشحين من أصل 21.

شبّه ناخبون «الخيام مدينتي» بلائحة «بيروت مدينتي» معتبرين أنها تضمّ كفاءات اختيروا من بين الناس. حتى أن حملتها قامت على بعض التبرعات ولم تتخط كلفتها 3 أو 4 آلاف دولار بينما وصلت كلفة حملة لائحة «الوفاء والتنمية» في البلدة إلى 150 ألف دولار، وفق عبدالله.

من جهته، أشار ممثل «حزب الله» في الخيام المهندس أحمد زريق إلى أنه «حتى يوم الجمعة بقيت اللائحة مفتوحة لاستقبال ثلاثة مرشحين من الجهة المعارضة، إذ قمنا بترشيح ثلاثة احتياطاً كان يمكن أن ينسحبوا في حال التوافق، لكنّ المعارضين أصرّوا على خوض الانتخابات ولم يوافقوا على التحاور إلا بعد تقديم ترشيحاتهم». وقد أكّد زريق أن الحزب لا يظلم المرشحين عند تعيينه الحصص - ولو أن لدى البعض ملاحظات شخصية على عدد من مرشحيه - لأنه يرتكز بذلك على نتائج الانتخابات السابقة و «هي التي تحكم النسب بين الحزب والحركة». كما لفت من جهة أخرى إلى أنه ما من تكليف شرعي للاقتراع للوائح الحزب، «لكنّ السيّد كان واضحاً في كلامه، وقد يفهمه المحازب بالتكليف الشرعي، والمناصر بالواجب الوطني، والأبعد منهما بنوع من إكرام السيّد».

قلّما تحدث الناخبون والمرشحون عن شراء أصوات أو أي نوع من رشى في معارك مرجعيون، لكنّ اليساريين منهم اعتبروا أن « السلطة والمال اللذين يتمتع بهما الحزب والحركة يكفيان لترغيب الناخب وترهيبه».

في قرى وبلدات أخرى بدت لوائح «الوفاء والتنمية» متقدّمة ومحسوماً فوزها منذ انطلاق اليوم الانتخابي، كما في بلدة ميس الجبل، حيث رأى الناخبون أن لائحة التحالف تضمّ مختلف العائلات، ولاقى رئيسها عبد المنعم شقير ترحيباً منهم لما له من حيثية شعبية، أوصلته إلى المجلس بترشيح منفرد في العام 2001.

لم تشهد البلدة معركة انتخابية بل عملية انتخابية عادية، على الرغم من وجود ستة مرشحين خارج إطار لائحة التحالف من بينهم مرشحان ضمن لائحة «مواطنون ومواطنات في دولة». واحد من مرشحيها علي نصرالله، لفت إلى أن ترشيحه أتى كنوع من تسجيل موقف ضدّ مبدأ التزكية، منوّهاً بهدوء المعركة ومؤكداً أن ما تعرّض له الوزير السابق شربل نحاس في ميس الجبل «لا يتعدى كونه حادثاً فردياً لا يمكن تحميله لأهالي البلدة».




تعليقات: