سهل الخيام تحت تهديد النفايات الخطرة


يبدو أن الأبنية السكنيّة التي تحيط به من الجهات الأربع، وتسليط مياه الصرف الصحي في مرجعيون عليه، واختلاطها بمياه الينابيع المستخدمة في ريّ الأراضي، ليست العوامل الوحيدة التي تهدّد سهل الخيام.

قبل يومين، اكتشف مكبّ جديد للنفايات الخطرة، في خراج بلدتي الخيام وإبل السقي في المنطقة المعروفة بـ»الوطى والسرداب»، ما يزيد المخاطر على هذا السهل، الذي يزيد طوله على 6 كلم وتبلغ مساحته نحو 25 مليون متر مربّع.

استحدث هذا المكبّ منذ أكثر من سنة، بحسب أحد أبناء المنطقة، و»تُرمى فيه أطنان من الأدوية والنفايات الطبية المختلفة في الليل، حيث يعمد إلى إحراقها بعد تراكمها». تنتشر صناديق الأدوية المنتهية الصلاحيّة في هذا المكب، ويؤكّد أبناء المنطقة أن «مصدرها المستوصفات الطبيّة والمستشفيات التي اختارت هذا المكان البعيد عن الوحدات السكنيّة لرمي نفاياتها، من دون مراعاة خطورتها على صحّة السكّان وعلى البيئة والمياه الجوفيّة والمزروعات التي ترتوي منها».

المكبّ الجديد هو واحد من ضمن ثلاثة مكبّات في المنطقة ترمى فيها النفايات الخطرة، لكن أكثرها خطورة، هو المكبّ الموجود في حرج مرجعيون على مقربة من المستشفى الحكومي فيها، هناك أيضاً الصناديق والأدوية المماثلة لتلك الموجودة في مكبّ الوطى (الخيام)، إلّا أن المعتدين على البيئة عمدوا إلى حرقها وتسويتها بالأرض عبر آليات ثقيلة.

أمّا المكبّ الثالث فيقع في محلّة التلّ في منطقة دبّين، الملاصقة للسهل، هناك أيضاً لا يختلف الأمر كثيراً، باستثناء أن النفايات الطبيّة ترمى فيها منذ أمد طويل، ويعمد إلى حرقها دورياً.

يشير رئيس بلدية الخيام علي عبدالله إلى أن المكب في نطاق بلديته موجود منذ فترة طويلة، وأن «المجلس البلدي سيجتمع لمناقشة المشكلات البيئيّة التي تتعرّض لها البلدة والسهل وإيجاد أطر الحل». ماذا عن مصادر هذه النفايات؟ يجيب عبدالله: «مصدرها العيادات الطبيّة ومستشفى مرجعيون الحكومي»، ويتابع: «لقد سبق أن أعدنا إلى المستشفى نفاياتها، وطلبنا من مدير المستشفى وأصحاب العيادات وضع أسمائهم على صناديق النفايات كي تتمكّن البلدية من معرفة مصدرها في حال وجدت فيها أدوية ومعدّات طبيّة. لكن رمي النفايات مستمرّ، وسنتخذ خطوات جديدة لإقفاله».

في المقابل، يشير مدير مستشفى مرجعيون الدكتور مؤنس كلاكش إلى أن «المستشفى يتعامل مع إحدى شركات جمع النفايات ومعالجتها في منطقة صور منذ عام 2011، وهي تعمل على جمع النفايات وفرزها ومعالجتها حسب المعايير الدوليّة. فهي تأخذ النفايات من المستشفى بمعدّل أربع مرّات أسبوعياً لمعالجتها في مركزهم. ما تجمعه بلدية مرجعيون وتعطيه لبلدية الخيام بموجب اتفاقية بينهما هو النفايات العضويّة فقط، علماً بأن مصدر النفايات الطبيّة الموجودة في المكبّات هو العيادات والمستوصفات الطبيّة المنتشرة في البلدات».

يؤكّد رئيس بلدية دبين عزت قمر وجود مكبّ قديم في أراضٍ يملكها أبناء البلدة، وهي تابعة عقارياً لمرجعيون، وكان يستخدمه الجيش اللبناني وبعض اللحامين وآخرون، يقول قمر: «بعد تواصلنا مع الجيش العام الماضي، توقفوا عن رمي النفايات فيه، فيما بقي الآخرون يستخدمونه، ومنذ أيام تبيّن وجود نفايات طبيّة فيه. أبلغنا القوى الأمنيّة، لكن لم يتمّ التحرّك حتى اليوم».

العام الماضي تم رمي أطنان من النفايات، تقدّر بحمولة نحو 150 شاحنة، على مجرى نبع إبل السقي (المورد الرئيسي لمياه الشفة في المنطقة). يقول قمر إنها «لا تزال مكانها، رغم علم المسؤولين في المنطقة بالجهة التي رمتها، وطُلب من البلديات إزالتها فرفض بعضها كون الكلفة تتخطّى الـ500 ألف دولار». وقد اتصلت «الأخبار» برئيس بلدية مرجعيون آمال الحوراني، الذي أشار إلى وجوده خارج لبنان، وعدم علمه بما يحصل.

مخاطر هذه النفايات وحرقها تهدّد البيئة، وتلوّث المياه الجوفيّة وتؤثّر سلباً على الزراعة في سهل الخيام، وبحسب الناشط البيئي حسن اسماعيل، هناك «إحباط من أداء وزارتي الصحة والبيئة، فهما لم تقوما بأي إجراء عند اكتشاف مكبّات أخرى، من ضمنها مكبّ للنفايات الخطرة على إحدى التلال المشرفة على محمية وادي الحجير، إذ أطلق سراح صاحب الشاحنة التي ضبطت ولم تحاسب المستشفيات، وبقي المكب على حاله من دون معالجة، ولا يعوّل على هاتين الوزارتين الآن للتصدي لهذه الكارثة».

تعليقات: