طفلة الشويفات المرمية في الشارع... أين ستعيش وكيف ستكبر؟

صورة للطفلة التي وجدت ملقاة في الشارع بالشويفات.
صورة للطفلة التي وجدت ملقاة في الشارع بالشويفات.


رميت على طريق الشويفات- خلدة، ولكن هذه المرة ليس في حاوية او "كرتونة" كما جرت العادة، ولم تلف بشرشف أو تترك عارية، بل على العكس من ذلك، أُلبِست أفخم الملابس، ولُفّت بحرام أنيق لتترك وحيدة لقدرها، بعد ان تخلى عنها أقرب الناس اليها، لا لذنب اقترفته سوى انها كانت ثمرة غريزة.

عناصر من الصليب الاحمر نقلوا الرضيعة إلى مستشفى بشامون التخصصي، حيث أخضعت لفحص الحمض النووي، القوى الأمنية سجلت إفادة بالواقعة وأصدرت النيابة العامة قراراً بتسلميها الى دار الأيتام الاسلامية في بيروت. فوصلت الى الدار قبل يومين لتبدأ رحلتها في الحياة، "وتعامل كأيّ طفلة لديها مشكلة طلاق أو هجر أو مشكلة اقتصادية، وتُتابع من قبل أخصائيين نفسيين"، بحسب ما قالته رئيسة قطاع دار الأيتام الاسلامية سمر الحريري لـ"النهار"، والتي شددت "اننا لا نفرّق بين الاولاد وستندمج معهم، لكننا نكثّف الجلسات لمن يعانون من مشاكل نفسية معينة".

عائلة بديلة

بدلاً من أن تترعرع في منزلها ووسط عائلتها وأشقائها سيكون دار الأيتام بيتها الكبير، الموظفون أهلها والاولاد أشقاؤها، "ستعطى هوية باسم مستعار وستتبع نظام الدار، تستيقظ وتنام في اوقات محددة، تأكل الطعام اليومي، تقصد المدرسة ومن بعدها الجامعة، الى ان تقف على رجليها وتؤمن وظيفة لها وتقرّر الارتباط، عندها سنقيم عرساً لها، لكن ذلك لا يعني نهاية رحلتها من عندنا، بل سنبقى عائلتها التي تقف الى جانبها، وستزورنا ومعها اولادها" دائما بحسب الحريري.

لا يوجد في لبنان مؤسسات اجتماعية تستقبل "اللقطاء" سوى "دار الايتام الاسلامية واللعازرية، يتم نقلهم الى اي منهما على اساس المخفر الذي عن طريقه فقط نستلمهم، بعد ان يتأكد ان لا مجال للعثور على أهلهم، يربى الولد في الدار على الدين الاسلامي وفي اللعازرية على الدين المسيحي".

هوية "مستعارة"

"عندما يتم العثور على لقيط يجب إبلاغ القوى الامنية التي تسجّل إفادة بالواقعة تشير خلالها الى العلامات الفارقة التي تميّزه، ينقل بعدها الى مستشفى لتتم معاينته وإصدار إفادة طبية له، ثم يتم وضعه في مؤسسة ترعاه او يتكفله شخص اذا أراد بعد ابلاغ النيابة العامة كي يتم الحصول على تغطية قانونية"، بحسب ما قالته رئيسة تجمع الهيئات من اجل حقوق الطفل في لبنان المحامية أليس كيروز لـ"النهار" والتي أضافت ان "على المؤسسة أو الشخص الذي يتكفل الطفل اصدار هوية له يسجل خلالها تحت اسم أم وأب مستعارين ويحدد مكان الولادة في المكان الذي وُجد فيه"، لافتة الى أن "اصدار هوية للقطاء أسهل من مكتومي القيد معروفي الأب أو الأم او الاثنين معاً".

كفالة لا تبنٍّ

"حكم تبني هؤلاء الاطفال واضح عند جميع المذاهب الاسلامية" بحسب ما قال المدير العام السابق للأوقاف الإسلامية الشيخ هشام خليفة لـ"النهار" والذي شرح ان "التبنّي بشكله المعروف اي نسبة الولد بالاسم لمن تبناه واعطائه حقوق الولد الأصلي لا يجوز شرعاً، كون هناك نصّ واضح في القرآن الكريم "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله"، أما التبني بمعناه الاجتماعي الانساني الذي يشمل كفالة اليتم او اللقيط اي الاهتمام به وبتنشئته وتعليمه امر يجوز، بل على العكس يحث عليه الاسلام ولذلك قال الرسول "أنا وكافل اليتيم في الجنة".

نعم للتبنّي

أما الدين المسيحي فيسمح بتبنّي الأطفال لا بل هو امر محبّب بحسب ما أكد الأب جورج برباري لـ"النهار" مفضلا "تبني الأطفال من قبل المحرومين من الانجاب كونهم سيمنحون الطفل محبة ابوية حتى لو لم يكن طفلهم، على قاعدة ان الأولاد الذين ليس لديهم أهل هم للأهل الذين ليس لديهم أولاد، شرط أن يكتب على الهوية أن هذا الشخص متبنّى، اذ لا يجوز أن يسمى على اسم الأم والأب من دون ذكر كلمة متبنّى، لأنه يخشى اذا كبر واكتشف الأمر ان يعاني صدمة".

ستكبر الطفلة وتسأل عن والديها حينها ستتلقى صدمة حياتها، فمن مفترض ان تكون أرحم انسانة بها على الأرض تخلت عنها وهي في عزّ ضعفها ووهنها!

تعليقات: