جريدة السفير بعد رأس السنة: لا صوت لمن لا صوت لهم !


حزنت كثيراً أمس لصوت البلبل المفعم بالتفاؤل، خافتاً. نصري الصايغ صديقي الدائم ولو اختلفنا في وجهات النظر الى ملفات وأمور. اتصلت اسأله عن "شائعة" قرار جريدة "السفير" بالاقفال النهائي نهاية السنة الجارية اي بعد نحو ثلاثة أسابيع. أدركت من نبرة صوته ان الشائعة صارت خبراً. ترددت في السؤال. تراجعت لعلمي بحجم الألم. ليس بالطبع ألم فقدان الوظيفة لأن نصري لم يكن يوماً موظفاً، لكنه ألم الفراق، ألم خسارة "صوت الذين لا صوت لهم"، ألم فقد "السفير" الذي نتشارك فيه.

فـ"السفير"، وقبلها "النهار" طبعاً، طبعتا وجه المدينة بحداثة الصحافة، وبوجهها المهني، وبالسبق الصحافي الموثوق. لم تتحولا يوماً صحافة صفراء كزميلات اخريات سبقهن او جاءت في وقت متأخر.

ان تتخذ "السفير" قراراً نهائياً بالاقفال، وان تعيش "النهار" ازمتها الخانقة التي تشكل خطراً على استمرارها، فهذا دليل على وهن في الجسم اللبناني كله، على تراجع فاضح في وطن القراءة (!) والثقافة(!). وطن يتهافت الى الربح السريع، الى الابتذال، الى السطحية، غير آبه بما يعتبر ثروة وطنية، وواجهة للبنان على العالم.

هل يمكن ان تصدق ان يكون صباح لبنان بلا صحيفة محترمة؟ هل يمكن لدولة، اي دولة في العالم، ان تفرط بهذه الصناعة الوطنية، وبهذا الارث الوطني؟. كل دول العالم سارعت الى دعم الصحافة الورقية عندها، فيما دولتنا تركز على دعم التبغ، وسابقاً الشمندر السكري، وغيرها من المواد العضوية، لأنها ربما لم ترتقِ بعد من مستوى الاعضاء، الى المستوى الفكري الثقافي.

نخاف كثيراً من اقفال "السفير" لأننا نفقد معها منافساً شريفاً، ومهنياً، ونخاف الا تتولد ردة فعل وطنية، فنصير أمام مصير مشابه، فلا نقول للسفير "وداعاً" بل ربما "الى اللقاء"، وعساه لا يأتي قريباً.

تعليقات: