معلومات تنشر لأول مرة وصور نادرة لفريد الاطرش

فريد الأطرش مع الرئيس الراحل جمال عبج الناصر
فريد الأطرش مع الرئيس الراحل جمال عبج الناصر


في الذكرى السنوية لوفاة الموسيقار فريد الاطرش:

في السادس والعشرين من شهر كانون اول كل عام، تمر ذكرى عزيزة علينا وعلى الوطن العربي .... ذكرى وداع الموسيقار الكبير والمطرب المبدع فريد الاطرش .... الذي رحل بجسده .... ولكنه يبقى صوته وفنه في السمع والقلب والوجدان وتظل موسيقاه خالدة على مدى الازمان.

يقولون في الامثال: رب صدفة خير من ألف ميعاد ....

نعم وعلى هامش مؤتمر اللاهوت والذي عقد بمبادرة مركز لقاء مع مطلع هذا الشهر في مدينة بيت لحم، كان لنا الشرف العظيم انا وصديقي المهندس محسن شنان، ابناء قرية حرفيش الجليلية ان تعرفنا اكثر على صديق عزيز، يقطن في بيت لحم وعمل ثلاثة عقود في مستشفى الحسين في المدينة وكان مديره.

الحديث هنا عن الطبيب الجراح بيتر قمر (ابو لطفي) حيث اصطحبنا مشكورا في جولة في بيت لحم وبيت ساحور وبيت جالا ... اينما نمر نلقى اوسع ترحاب، وصلنا الى مقهى قريب من كنيسة المهد يدعى "كازانوفا"، نرتشف القهوة وفي الخارج مطر وضباب، يطيب لنا الحديث الى ان وصل بنا الى الموسيقار فريد الاطرش ....

الدكتور يروي لنا بعض سيرته وسفره المبكر الى مصر ويقول:

عرفته، كما عرفه الشرق والملايين من العرب، قبل أن أراه شخصيا، عرفته منذ أن تذوقت اللحن والأداء وأنا لم أتعد العاشرة من عمري، منذ أن ابتدأت أتفاعل مع الأغنية العربية وأحس بالطرب وأعيش محلقاً مع كل موّال يرتجله فأصيح ... آه يا فريد. كنت أرصد البرامج الإذاعية كي أستمع لأغنياته وأنتظر الإعلان عن حفلاته كي أسهر ، أنا الصغير البعيد جداً عن مكان الحفلة الغنائية التي يقيمها هذا المطرب والفنان والموسيقار وعازف العود المميز، كنت أحس ، كما يحس الملايين من العرب الذين يستمعون غليه في تلك الأمسية أن الفنان والمطرب فريد الأطرش يغني خصيصاً لكل واحد منهم رجلاً كان أم سيدة، شاباً كان أم فتاة وأن الكلمة المُغناة واللحن الجميل الذي يخرج من حنجرة فريد هو بلسم حياة ودواء للروح إذ يلامس غناؤه أحاسيسك دون موانع ز هكذا عرفت فريد الأطرش قبل أن أراه شخصياً وأُسعد بالجلوس معه والاستماع إليه. دارت الأيام وحبي لهذا العظيم يزداد يوما بعد يوم ومع كل أغنية أسمعها له وكل كلمة تخرج من فمه وكل لحن تعزفه أنامله على العود يزيد حبي له ويزداد إعجابي بمن رسمتُ له صورة حقيقية في مخيلتي وفي قلبي، صورة شكلت بمجملها دفقاً من نبض الحياة حيث أن ما كنت أقرأه عنه في المجلات المصرية واللبنانية، عن حياته وشخصيته وإنسانيته واقتداره الفني جعلني أختار مصر لتكون البلد الذي أدرس فبه الطب بدلاً عن أي مكان آخر وهذا الاختيار كان بدافع واحد هو أن الراحل فريد الأطرش يعيش بها، وهذا ما كان.

جئت مصر وأنا متشوق لها مندفع لرؤية من أحمل لشخصه كل المحبة ولفنه كل التقدير. قصدت بيته دون موعد فاستـُقبلت به، ومن قِبل فريد الإنسان والمضياف، كأني صديق قديم أو كأني صاحب البيت. ابتدأت العلاقة بيننا من حينها ورسختها بعض الأحداث الطارئة وتوطدت وتفتحت ورودها بحيث أصبحت أحس أني، فعلاً، واحد من أهل البيت المكون من صاحبه الفنان العربي الأصيل ومن أصدقائه المقربين. كان فريد يكره الوِحدة بل يرفضها بالمطلق يبادر كل ليلة بالاتصال بأصدقائه ليجمعهم في بيته ويصر على بقائهم معه حتى مطلع الفجر ليستأنس بهم وبآرائهم ويتبادل معهم الحديث والنكات إذ كان صاحب نكتة محباً للحياة لكن وضعه المتميز في المجتمع كان يدفعه للحرص، كان، ومن شدة محبته لأصدقائه، يشترط على صاحب كل دعوة له على العشاء أن يصطحب أصدقاءه معه وكان صاحب الدعوة هذا يقبل بشرط فريد دون تردد لأن الجميع كان يعرف مقدار إخلاص فريد ومحبه أصدقائه. كان الراحل العظيم صادقاً جداً وكارهاً للكذب وللتملق والرياء وكان ومؤمناً بقول السيد المسيح له المجد:" أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله " لم يحاول أن يخدع أحداً أو أن يتهرب من واجب حتى في أحلك الأيام، كان كريما جداً إلى حد الجنون وما عرف الـبـُخل يوماً أو التقتير، كريما معطاء إلى أبعد الحدود ولكل من عمل معه لذا كنت ترى الجميع يتسابق ليعمل معه إن كان في السينما أو في الحفلات الموسيقية أو في تسجيل الأغاني، كان ما في جيبه ليس له، أليس هو ابن جبل العرب أولاً وابن آل الأطرش ثانيا! أليس هو الأمير فريد الأطرش ابن الأميرين، فهد الأطرش وعلياء المنذر! لقد جمع فريد المجد من ناصيتيه ناصية الانتساب لآل الأطرش ولجبل العرب وناصية تربعه على عرش القلوب بفنه واقتداره ز كان شديد الإيمان بالله وبالقضاء والقدر وكثيراً ما كان يردد عندما كنا ننصحه في أمر ما ... الرب واحد والعمر واحد. كان عروبياً فخوراً بانتمائه لأمة العرب متغنياً بهذا الانتماء، كان قومياً حتى نخاع العظم، وحدوياً فيما آمن به من منهج حياة وهدفٍ وسعيْ.

عاش فريد من أجل فنهوها هو فنه يتحدث عنه في كل يوم، إن كنا ندري أو لا ندري. وكيف لا ندري وصوره مطبوعة في القلوب وعلى الصدور وألحانه تعدت كل الحُجُب واقتداره الفني يعيش معنا في أعماق الروح. كان فريد في حياته دفقاً من اللحن ومن الإنسانية والكرم ودفقاً من الوفاء الذي شق له دروب الأزل. قابَلـَنا بحبه لنا، أصدقاء ومريدين بل وجماهير الشرق جميعها، وغنى لنا جميعاً لحن الوفاء فغنى له الشرق لحن الخلود، كان فريد الأطرش بلحنه وفنه وإنسانيته وانتمائه واقتداره لكل الأمة فهل تدلل الأمة التي أحبها فريد وافتخر بالانتماء إليها على مبادلته هذا الحب؟

وفاء فريد واحترامه وتقديره لمعجبيه كما واحترامه لكافة العقود التي يبرمها دفعته لآن يرفض كل رجاء، بأن لا يخرج إلى المسرح ليغني أغنية زمان يا حب في حفل بيسين عاليه في لبنان وفي ليلة ماطرة جداً وهبوط في درجة الحرارة وعلى مسرح مكشوف ، قائلا ... ما ذنب الناس الين اشتروا تذاكرهم وسيحضرون ولن يجيدوني على المسرح لأغني لهم؟ ومالا ذنب أصحاب البيسين الذين تعاقدت معهم ...... هل أخذلهم؟ أصر فريد على الغناء وغنى تحت المطر، هذا الوفاء تـُرجم، وفي اليوم التالي مباشرة، بالتهاب رئوي حاد لدى صاحب القلب الكبير والعليل التهاب عجز الأطباء عن علاجه ففاضت روحه في 26/12/1974 في مستشفى ديو في بيروت ونقل جثمانه للقاهرة التي أحبها وأوصى أن يُدفن بها إلى جانب شقيقته أسمهان (الأميرة آمال فهد الأطرش) في 28/12/1974 حيث توافد الآلاف من محبيه من كل أقطار العالم العربي للمشاركة بتوديعه الوداع الأخير وفي رحلته الأخيرة ... إلى عالم الخلود. كان لي الشرف أن أكون واحداً من أصدقائه الذين أصرّوا على حمل نعشه على أكتافهم وكنت واحدا من إثنين أنزلنا جثمانه إلى حفرة القبر مودعاً بهذا أوفى حبيب وأعز صديق. فارقنا فريد جسداً وبقي فينا وبيننا روحاً فمثله لا يغيب ونحن نفاخر بأننا عشنا في بعض عصره وبأننا عرفناه وعايشناه، عايشناه حياً وعايشناه راحلاً، حي الجسد والروح وراحل الجسد وحده.

اهنأ أيها الراحل العزيز عنا، أيها العظيم في دنيا قلً فيها العظماء، بل انعدموا، لأنك الوحيد الذي عرفناه تتمثل به كل الصفات من الحب والإنسانية والعطاء والكرم والإخلاص والاقتدار والوحيد الذي أسمع الشرق لحنا وعزفاً فتمايلت معه الرؤوس طرباً والأجسام انسجاما.

فريد .... أيها العزيز الراحل عنا، أنت الوحيد الباقي خالداً في روح الشرق لأنك الباقي ملازماً له والحي في ذكراه ما دام الوجود.

وبما اننا نقترب من ذكرى وفاته رأيت لزاما على ان احضر هذه المواد واجمعها لكي انشرها لذكراه عسا ان اكون قد قدمت ولو جزءا من الخدمة والوفاء: للكبار من ابناء العروبة اللذين عاصروه وأحبوه وللأجيال الصاعدة لكي تستمع لأغانيه وتحفظه في وجدانها.

نعم انه انسان عظيم وصاحب موهبة نادرة، احبة الملايين من ابناء هذا الوطن عشق وطنه وغنى له وتغنى بأمجاده، صاحب الصوت الموسيقار فريد الاطرش نجم جميل اهدته روابي جبل العرب الخضراء لامتنا العربية حنون والابتسامة الخجولة الشخصية الوقورة والمعطاءة.

الموسيقار فريد الاطرش نجم جميل أهدته روابي جبل العرب الخضراء لامتنا العربية.

ولد عام 1917 في القريا، ومن ثم انتقلت به والدته الى لبنان ومن ثم الى مصر عام 1925.

عاش معظم حياته في بلاد الكنانة حيث روىب عصامية انه اصبح مصريا قلبا وقالبا , وكان دائما يقول :لحم اكتافي منك يا مصر ....

غنى لفلسطين قائلا انها قلب العروبة النابض

لحن للأطفال قائلا انهم سر الحياة وامل الغد

وإذا عزف على العود فهو ينقل إحساسه اليك وكأنه يتحدث اليك

كل ذلك في صدق وروعة خاصة زعم انه ملك العود وبلا منازع.

توفي في القاهرة في 26121974 عن عمر ناهز الـ 57 عام. ودفن بجانب شقيقته اسمهان في القاهرة.

رحمة الله عليهما رحمك الله يا فريد، لمحبيه وعشاقه التحية.

وفي الختام لا بد من كلمة شكر وتقدير للصديق الوفي والطبيب الانسان على كلماته الرقيقة والوفاء بعهده لصديقه المرحوم فريد الاطرش نعم أنك يا دكتور بيتر صديق وفي بكل ما تعنيه الكلمة من معان.

ارشيف: الطبيب بيتر قمر – بيت لحم

* تقديم: الكاتب فواز حسين - حرفيش

فريد الأطرش مع الأومباشي أنور السادات
فريد الأطرش مع الأومباشي أنور السادات


فريد الأطرش مع الراحل الملك حسين
فريد الأطرش مع الراحل الملك حسين


فريد الأطرش مع الرئيس الراحل جمال عبج الناصر
فريد الأطرش مع الرئيس الراحل جمال عبج الناصر


طوابع بريدية اسبانية لفريد واسمهان
طوابع بريدية اسبانية لفريد واسمهان


فريد واسمهان يشاركان في مراسم دفن شخص عزيز - ااا
فريد واسمهان يشاركان في مراسم دفن شخص عزيز - ااا


فريد الأطرش والوسام اللبناني
فريد الأطرش والوسام اللبناني


فريد الأطرش مع والدته
فريد الأطرش مع والدته


فريد الأطرش مع والدته
فريد الأطرش مع والدته


فريد الأطرش طفلاً
فريد الأطرش طفلاً


تعليقات: