المطبخ النباتي أوسع مما نتخيل


يحول المكونات المألوفة الى أطباق جديدة

نيويورك:

حسب جمعية «فجتيريان ريسورس غروب» Vegetarian Resource Group هناك 4.7 مليون أميركي راشد نباتي (لا يأكل اللحوم) أو نباتي مطلق (فيجان) حيث لا يأكل هؤلاء مشتقات الحيوانات أيضا بما فيها الجبن والبيض.

مع ذلك فإنه في سان فرانسيسكو المدينة المعروفة بتقاليدها في مجال الطعام الطازج هناك واحد في المائة من المطاعم النباتية بحسب استطلاع الرأي الذي قامت به «زاغات». وبينما ظلت مطاعم نباتية تفتح في نيويورك ولوس انجليس، فإن التطور في هذا المجال قد اتسع في سان فرانسيسكو بشكل مختلف مع بدء المطاعم المحببة بفتح مواقع جديدة لها.

وقالت اورليا داندريا المحررة الإدارية في «فيج نيوز» المجلة النباتية المتمركزة في سان فرانسيسكو:«ليس لدينا مطاعم نباتية جيدة حقا ومثيرة. أنا ضاق صدري مما هو معروض هنا». وتعاني المدينة بشكل خاص من غياب مطاعم نباتية قادمة من جنوب الهند.

مع ذلك فللنباتيين بشكل مطلق (الذين لا يكتفون بالامتناع عن اللحوم بل عن مشتقاتها أيضا) مثل داندريا معايير عالية. وهذه المعايير سيأخذ بها أي مطعم في المدينة، حيث تتجاوز حدود الفطر المشوي. وهناك مطاعم كثيرة جديدة تقدم عروضا نباتية كثيرة والطهاة الذين يعدونها يحترمون المبدأ بدلا من التعامل معه باعتباره عصابا مثيرا للضجر.

وإذا كان ذلك يقلل من الطلب على مطاعم نباتية تماما فإنه يعني أيضا أن هذه المؤسسات لا تستطيع أن تأخذ الزبائن النباتيين باعتبارهم متوفرين دائما. ففي ذلك الوسط التنافسي السائد هناك أشخاص بارزون قادرون على رسم الحدود للمطبخ النباتي.

أصبح مطعم «غرينز» الذي يديره «مركز شينتو» في سان فرانسيسكو مؤسسة اجتماعية منذ افتتاحه عام 1979. فهو المطعم الذي أخرج الأطعمة الصحية من محلاتها وحولها إلى مطبخ في أميركا. وهو في مكان مبهج بمركز فورت ميسون، في شارع SAN FRNCISCO BAY والجلوس بجانب النافذة يمنح الفرصة لمراقبة غروب الشمس عبر «البوابة الذهبية».

حينما ذهبت إلى المطعم بصحبة زوجتي بدأنا الأكل بطبق من فاكهة الخوخ المشوي واسم الوجبة «BLOSSOM BLUFF» (11 دولارا) وهي وجبة حلوة المذاق ودافئة ويتوازن معها طعم أوراق الخس المعروفة باسم «اروغولا» مع بقلة الماء وجبنة الـ «ماسكربون» الايطالية المعروفة بقشدتها ومع عسل زهور المريمية. وتحت يد رئيسة الطهاة آني سومرفيل مزرعة عضوية (اورغانيك) يديرها مركز شينتو. لكن بعض الوجبات غير مضبوطة تماما. فوجبة رافيولي ريكوتا السبانخ (23 دولارا) لها ذائقة أرضية وثومية لكنها غير مركزة –الصلصة فوق الباستا نصف الناضجة. أما أسياخ المسكيت المشوي (19 دولارا) فهي غير مستقيمة. والذرة مطبوخة بشكل تام لكن القرع الصيفي غير ناضج. مع ذلك فهو لذيذ، مع التشارمولا الحادة وغنية بالتوفي وتقدم فوق الكسكسي بالفستق والكرز الجاف.

كذلك أصبح مطعم Millennium ذا سمعة كبيرة بين المطاعم التي تقدم وجبات نباتية وهو مشهور في مطبخه الموجه للنباتيين بشكل مطلق (فيجان). ويعتبر رئيس طهاته اريك تاكر من الأشخاص المتميزين في مجال تعدد المذاقات في وجباته فهو يجمع ما بين المواد الأولية والأساليب المتبعة التي تنتمي إلى عدد واسع من المطابخ المختلفة. وقائمة هربيفور واسعة تضيع طريقها خارج الأطعمة البسيطة المفضلة. ولهذا اخذنا قطعة من الفطيرة المحلاة بالسمنة والتوت مع الموز المقلي. والتقاليد النباتية من الشرق الأقصى تتجلى بصورة جيدة في سان فرانسيسكو. ومن بين المطاعم المعروفة Golden Era و Bok Choy Garden.

وجربنا المطعم النباتي الياباني الذي يحمل اسم Cha-Ya في ظهيرة مشمسة عندما كان المكان مليئا بالعوائل والمجموعات المبتهجة من الأصدقاء.

وقد بدأنا بسلطة شيرا آي وهي سلطة خضار مع فول الصويا. وهناك قطع من جذور اللوتس ويام كيك ونكهة من الأطعمة البحرية للفاصولياء والسبانخ والرابيني. ومطعم تشايا خبير في اعطاء نكهة الذوق الياباني من دون المكونات المألوفة المعتمدة على الأسماك. وحساء ميسو لذيذ المذاق، ولفة تشا- يا وهي مكونة من نبات الهليون والجزر مع صلصة حلوة كثيفة.

ويعد كل طبق بصورة مثالية. والخضار في لفة السوشي، ولفة الافوكادو والفطر أعدت بصورة مثالية. وهناك طاسة من حساء كينوكو ايدون التي نجد فيها كثيرا من الفطر.

ومما يثير الغرابة ان خبرة تشايا قد تصدعت وبدت بقية أجواء المطعم فكرة متأخرة. وكان الديكور متسما بالبساطة والاقتصاد على الطراز الاسبارطي ويمكن ان تكون الخدمة فظة. وجلبت لنا النادلة الفاتورة وحاولت ان تدفعنا باتجاه الباب قبل ان تتوفر لدينا فرصة طلب الحلوى. بل انها رفضت في البداية أن تعد الفاتورة وأخذت وقتا اطول من ذلك لابقاء نينا بعيدا عن قطعة كيك شوكولاته نباتية مطلقة. كما أخذنا آيس كريم من فول الصويا. مع الشاي الأخضر الحلو والمركز مما دفعنا الى التسامح مع الموقف.

وكانت محطتنا الأخيرة في ستيكهاوس اسمه Café Gratitude حيث فيه أجواء مطعم تسلية يحتفي بالنماذج التقليدية من نورثرن كاليفورنيا. المكان حميم وفيه مناضد كبيرة مما يشجع على المشاركة وسط حشد من الناس الحيويين. ويستمد ديكور المطعم من لعبة واسعة أنشأها اصحابه وثبتت في كل منضدة. وهي تشجع متناولي الطعام على التعبير عن الامتنان لبعضهم بعضا. وبعد اجلاسنا نظرت المضيفة في عيوننا وسألتنا «ما هو الشيء الرائع في هذا اليوم؟». ومن اليسير تماما أن يستمتع المرء. وأطباق هذا المطعم تسمى بصفات رفيعة منعشة، وبينها «أنا كريم» و«أنا غني» و«أنا مبتهج». وكل الطعام فيه غير مطبوخه مما يعني أن المطبخ يعرف اسرارا حول الفواكه والخضار مخفية عن معظمنا. ومن المواد غير المطبوخة المألوفة العصائر والسلطات. وقالت نينا «انه من الصعب ان يعرف المرء ما الذي يتناوله».

انه طعام محير يحول المكونات والمواد المألوفة الى أطباق جديدة مختلفة. وقد تناولت وجبة هي قطعة كريم من جوز الهند، وكانت حلوة المذاق. وعندما وصلت الحلوى التحق بنا المخرج السينمائي موريزيو بينازو، الذي تحول مؤخرا الى الطعام غير المطبوخ. سألته «ما رايك بهذا؟» وقد دفعت اليه بملعقة من النعناع الطازج وكيكة الجبن بالكاكاو. وأضفت «هل تبدو خضراء اللون بسبب النعناع؟».

أجابني بلكنة ايطالية «لابد أن يكون الأمر على هذا النحو». وقدم لي وجبته التي كانت تحمل اسم «أنا رائع» وكانت وجبة موجيتو شهية قائلا «انها خيالية!».

* خدمة «نيويورك تايمز»

تعليقات: