أميركا بلا السي آي إي.. أكثر راحة للعالم


ليس مهماً رأي الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب في الممثلة الاميركية ميريل ستريب. وصفه اياها بأنها "خادمة" منافسته الديموقراطية الخاسرة هيلاري كلينتون لن ينتقص من قيمة "الاسطورة الحية" التي عشقها الملايين. الأخطر في المواقف الجديدة للقائد الأعلى العتيد للقوات المسلحة هو الحرب التي يشنها على أجهزة الاستخبارات لبلاده، في ما يشكل سابقة في تاريخ هذه البلاد التي طالما تباهت خصوصاً بوكالة الاستخبارات المركزية "السي آي إي"، معتبرة اياها عينها الساهرة على العالم.

لا يشكل رفض ترامب استنتاج "السي آي إي" أن روسيا تدخلت في الانتخابات الرئاسية التي أوصلته الى البيت الابيض، تحدياً سياسياً لا سابق له لمؤسسة الأمن القومي فحسب، وإنما أيضاً قد تكون له انعكاسات خطيرة على أمن بلاده ومواطنيه على السواء.

ليست المرة الاولى تواجه الوكالة انتقادات، في الداخل والخارج معاً. فهي ذات سمعة سيئة في العالم بسبب تنفيذها سلسلة طويلة من العمليات السياسية والعسكرية في عدد كبير من الدول، وخصوصاً في أميركا الوسطى والجنوبية وغرب إفريقيا والشرق الأوسط ، ولها بصمات واضحة في الكثير من الانقلابات العسكرية والتصفيات الفردية والجماعية.

وفي الداخل، كانت الوكالة هدفاً لسهام عدة بعد هجمات 11 أيلول 2001 لاخفاقها في احباط ذلك العمل الارهابي الذي خُطط له ونُفذ على الاراضي الاميركية. ومن المؤكد أن العالم لم ينسَ قصة أسلحة الدمار الشامل العراقية والصور التي أبرزها وزير الخارجية الاميركي سابقاً كولن باول في الامم المتحدة ليدين بها النظام العراقي والتي تبين أنها من فبركة "السي آي إي". لكنّ الوكالة خضعت مذذاك لاصلاحات كبيرة وأُنفقت عليها مبالغ طائلة. وفي أي حال، وأياً يكن وضع "السي آي إي" خصوصاً وأجهزة الاستخبارات الاميركية عموماً، وسواء أكان تقويمها للتدخل الروسي في الانتخابات الاميركية مستنداً الى معلومات استخبارية صرفة أم كانت مزيجاً من الاستخبارات والتحليلات السياسية، فان الانتقادات العلنية التي يوجهها اليها ترامب يلحق ضرراً بهيبتها وقد يقوض قدرتها على الاضطلاع بمهماتها الاساسية في دولة كالولايات المتحدة تتجسس على حلفائها كما على خصومها.

أعاد التوتر المحموم بين ترامب والاستخبارات الاميركية الى الأذهان حادثة حصلت في عهد الرئيس الاميركي سابقاً جيمي كارتر. في حينه، رأى مدير "السي آي إي" أن التكنولوجيا تجعل المعلومات الاستخبارية التي يجمعها البشر، بالية، الامر الذي دفع مئات من عملاء الوكالة الى الاستقالة احتجاجاً. وعندما شكك آخرون في مقاربته، طردهم، مما أضعف الوكالة كثيراً، اقتضاها وقت لاستعادة قوتها. ومع وصف ترامب التقارير الاستخبارية عن روسيا بأنها "مطاردة ساحرات" لم يعد التمرد مستبعداً . تمرد قد يريح العالم من مآثر "السي آي إي"، الا أنه بالتأكيد يلحق ضرراً كبيراً بأميركا.

تعليقات: