الأصوات تُبعد النوارس عن الطائرات.. نكتة أم كذبة؟


الأصوات تُبعد النوارس عن الطائرات.. نكتة أم كذبة؟ من الخرافات التي تروج أن أصوات النسور تخيف النورس (Getty)

منذ بداية أزمة النفايات في لبنان، تموز 2015، والريبة تتفاقم من مضاعفاتها، ومما يمكن أن يتطور من تراكمها وتحللها. إنتظرنا الكوليرا والبرغش الأزرق، وأنواع حيوانات وتماسيح ستتطور من حال إلى حال بفعل النفايات العضوية، إلى أن ظهر أخيراً طير النورس الذي حل ضيفاً على أزماتنا الخرافية.

ظهرت أزمة طيور النورس في مطار بيروت منذ أشهر، عندما تزايد الخوف من دخول الطيور المتكاثرة بفعل مطمر كوستابرافا، في محركات الطائرات وتعطيلها، كما حصل مع الطائرة الأردنية التي دخل في محركها أحد الطيور وتجنب لبنان بالصدفة كارثة، لأن الطائرة ببساطة لم تكن قد أقلعت بعد.

في العادة، تتم إزالة الأشجار من محيط المطارات، كي لا يكون هناك سبب لاقتراب الطيور. أما في لبنان، فيبدأ العمل بمطمر قرب المطار، يجذب أعداداً كبيرة من طيور النورس المعروفة بأنها لا تخاف الإقتراب من الطائرات، بدون اجراء دراسة أثر بيئي أو الإكتراث بالمشاكل التي بإمكان هكذا مطمر أن يؤدي إليها.

كان الحل العبقري لمجابهة النورس، عوضاً عن استئصال سبب تكاثرها الأصلي، هو مكبرات صوت ضخمة توضع في المطار لإبعادها عن مسار إقلاع الطائرات. الحل متبع في مطارات أخرى من العالم، لكنه صمم في الأصل لموجة عابرة من هذه الطيور، كما أن نتائجه تعتبر نسبية ويمكن تلمسها، فقط، لأسابيع قليلة قبل اعتياد الطيور على تلك الأصوات وعودتها مجدداً.

قيل أيضاً إن إدارة المطار ستضع آلات Ultrasound، أي آلات تصدر أصواتاً لا يمكن للإنسان سماعها (فوق 20 ألف Hz) وبإمكانها أن تزعج الطيور وتبعدها. لم يخطر في بال مروج هذا أن الآلات الصوتية التي يتحدثون عنها أُثبت عدم فعاليتها، خصوصاً أن طيور النورس، كما الإنسان، لا تستطيع سماع هذا المستوى الصوتي المرتفع.

يظهر من التعامل مع ملف طيور النورس، أن القوى السياسية تحاول إسكات الإعلام بقصص خرافية، كالحديث مثلاً عن أصوات نسور مفترسة تخيف النورس، وتكون بديلاً من مناقشة جدية لكيفية إنهاء أزمة تتفاقم يوماً بعد يوم، أو التحدث عن أن مصب نهر الغدير ومصبات مياه الصرف الصحي هي الجاذب الأساسي لطيور النورس، ومطمر كوستابرافا بريء من كل إتهام موجه إليه.

الآلات الوحيدة التي أثبتت بعض الفعالية في مجال إبعاد الطيور هي آلات "الصوت اللوني" التي لم يتحدث عنها أحد. وهي آلات تنتج أصواتاً تكون مزيجاً من موجات ضجيج صوتي مع أصوات طبيعية تختلط ببعضها لتشكل مسارات متعارضة، تمنع الطيور من السماع بشكل جيد، وتجبرهم على الإبتعاد عن مكان وجود تلك الأصوات. وهذه الآلات بإمكانها على كل حال أن تكون حلاً موقتاً ليس إلا، قبل إيجاد حل لمصيبة كوستابرافا.

* المصدر: المدن

تعليقات: