الاستقالات تطيح بقيادة القومي


حوار جديّ مع حردان أو انشقاق؟..

لم يهدأ الحزب السوري القومي الاجتماعي هذا العام، فمنذ ان حاول رئيسه السابق النائب أسعد حردان، في تموز من العام 2016 تعديل دستور الحزب ليتسنى له البقاء في رئاسة الحزب لولاية ثالثة على التوالي، ويشهد الحزب العقائدي خضات داخلية متتالية.

لم يمرْ شهرٌ واحدٌ على ولاية حردان الثالثة حتى أصدرت المحكمة الحزبية العليا في"القومي" قراراً بالغاء التعديل الدستوري بعد دراسة الطلب المقدم من القيادي القومي النائب السابق انطون خليل وبالتالي اعتبار الانتخابات الحزبية التي فاز على اثرها حردان لاغية.

الاّ ان قرار المحكمة الذي استبشر به معارضو حردان خيراً، كممرٍ لعودتهم الى الحزب، أو الى قيادته، ما لبث ان احتواه الرجل الحديدي في الحزب، والذي لا يزال يملك الاغلبية المطلقة في المجلس الاعلى الذي ينتخب الرئيس، وأتى برجل ظله الوزير علي قانصوه على رأس الحزب. وفي رسالة واضحة وقاسية الى معارضيه، تظهره انه لا يزال الرئيس الفعلي للحزب فقد عيّنت القيادة الجديدة في ابرز المواقع الحساسة بالنسبة للسوريين القوميين الاجتماعيين كعمادات الدفاع والمالية و الداخلية ابرز المقربين من نائب حاصبيا-مرجعيون.

قرارات القيادة الجديدة لم تتوقف عند هذا الحد بل قامت بإقالة عضوي المحكمة الحزبية العليا نزيه غنطوس، وجهاد عقل في خطوة بدت وكأنها انتقامية على قرارهما إلغاء التعديل الدستوري، ما دفع برئيس المحكمة ميشال الحاج للاستقالة تضامناً معهم، وبالتالي تكون المحكمة القديمة فقدت جميع افرادها.

القرارات "التفردية"

جميع هذه القرارات "التفردية"، اضافة الى غياب اي نقاش سياسي او أي مراجعة لاداء الحزب، لم تمر مرور الكرام على اعضاء المجلس الاعلى للحزب، وما "زاد الطين بلّة" تقديم عضو المجلس الاعلى للحزب المحامي سماح مهدي أمس والعضوين الرديفين المهندس عبد الكريم عبد الرحمن، وعضوة مجلس الشعب السوري سابقاً بشرى مسوح استقالتهم من عضوية المجلس الاعلى، على خلفية تجاوز رئيس الحزب الوزير علي قانصوه دستور الحزب، وتوليه منصباً وزارياً من دون موافقة المجلس الاعلى، اذ ان دستور الحزب ينصّ بصراحة ووضوح على عدم جواز الجمع بين الرئاسة وأي وظيفة أخرى، أما المناصب السياسية فتحتاج الى موافقة المجلس الاعلى.

وبذلك يكون انضم الثلاثة الى ستة اعضاء آخرين سبق وان تقدموا بإستقالاتهم للسبب ذاته، وهم رئيس المجلس الاعلى الوزير السابق محمود عبد الخالق، ورئيس الحزب الاسبق جبران عريجي، والنائبان السابقان انطوان خليل، وغسان الاشقر، ونائب رئيس الحزب السابق توفيق مهنا، والامين العام للقاء الاحزاب العربية قاسم صالح.

وتأتي استقالة الاعضاء الثلاثة بعد أن تراجع الرجل القوي في الحزب أسعد حردان عن موافقته على الحوار مع الاعضاء المستقيلين الستة، مشترطاً على هؤلاء التراجع عن الاستقالة التي هي بنظرهم "حقاً ديموقراطياً"، في الاعتراض على "الانتهاكات المتتالية للدستور من قبل الاكثرية الموالية لحردان، سواء لجهة تعديله الدستور او لجهة اقالة عضوي المحكمة العليا".

ورغم الضغوط التي يصفهما المستقيلون بـ"الترهيبية"، الّا انهم أصرّوا على موقفهم بصيانة دستور الحزب، انطلاقاً من اعتبار مؤسس الحزب وزعيمه انطون سعادة: "ان اعظم اعمالي بعد وضعي العقيد، هي انشاء نظام المؤسسات".

وأمام تصعيد فريق حردان-قانصوه برفض الحوار، واقدام الأخير على ابلاغ قيادة "حزب الله" عزل قاسم صالح من مسؤوليته في التنسيق بين الحزب القومي و "حزب الله" بعدما تعذر عليه اعفاؤه من مهامه كمنسق للقاء الاحزاب الوطنية اللبنانية وأمين عام الأحزاب العربية بوصفه منتخباً لهذين المنصبين.

ووفق ما تقدم، جدد المستقبليون اصرارهم على موقفهم في الاستقالة، مشترطين بدورهم استقالة قانصوه من رئاسة الحزب قبل بدء اي حوار مع حردان.

ومع هذه الاشتراطات المتبادلة، وفي ضوء الاستقالات الأخيرة تراجع عدد اعضاء المجلس الاعلى الى 11 عضواً فقط وبالتالي يصبح في وضع المنحل حكماً مما يستتبع دعوة المجلس القومي الى انتخاب مجلس أعلى جديد ينتخب بدوره رئيساً جديداً للحزب. ( المجلس الأعلى للحزب مكوّن من 17 عضواً زائد 5 ردفاء، وقد انتخب علي قانصوه رئيساً وعيّن عاطف بزي عميداً، فخسرا عضويتهما في المجلس الاعلى وحلّ مكانهما رديفين، وبقي 3 ردفاء، ومع استقالة 7 اعضاء ورديفين، يصبح العدد المتبقي 11 عضواً، ويؤكد دستور القومي انه اذا تراجع العدد عن 13 عضواً يصبح منحلّا).

وفيما رفض أكثر من مسؤول مقرب من القيادة الحديث في الموضوع بإعتباره شأناً داخلياً، كشفت مصادر مقربة من القيادة ان هناك مبادرات جديّة للحوار مع المستقلين، ويسعى حزبيون قدماء لديهم علاقات مشتركة مع القيادة والمعارضة لرأب الصدع والوصول الى حلٍ يرضي المستقيلين ولا يكسر القيادة قبل انقضاء مدة الـ30 يوماً، واعتبار الاستقالات سارية المفعول، مستبعدة في الوقت نفسه استقالة قانصوه من رئاسة الحزب.

والى ذلك، يرى مراقبون ان الكرة باتت الآن في ملعب حردان الذي لا يزال يستطيع المبادرة في إتجاه فتح حوار جديّ ومعمق مع معارضيه يتجاوز الخلاف المستجد للبحث حول الوزارة، ليركز على أزمة الحزب اذ بات من العبث انكارها، وباتت مصدر تهديد خصوصاً ان الحزب امام استحقاقات داهمة سواء لجهة الانتخابات النيابية في لبنان او الاوضاع في سوريا حيث ينخرط "القومي" في النزاع من موقعه كحليف للنظام.


تعليقات: