متى يؤخذ القرار السياسي لتطهير عين الحلوة من الارهابيين


لا يُمكن أن يمرّ ما قام به الامن العام من إحباط للعمل الإرهابي الذي كانت تُخطّط له ما سُميت بـ «مجموعة سوليدير» مرور الكرام، وذلك بهدف جمع معلومات عن بعض الشخصيات السياسية والمراكز التجارية السياحية لتنفيذ عمليات إرهابية تستهدفها، ما يوتّر الوضع الأمني في البلاد، ويمنع أي خطوة نحو تطوّرها وازدهارها في وقت قريب، على ما يؤمل من العهد الرئاسي الجديد.

فإذا كان الهدف الأساس لهذه المجموعة، بحسب بعض المعلومات، هو تجنيد لبنانيين لتزويد تنظيم «داعش» الإرهابي بالمعلومات المطلوبة للقيام بضرباته واعتداءاته الوحشية على اللبنانيين الأبرياء، فإنّه أمرٌ في غاية الخطورة ولا يُمكن القبول به حتى وإن جرى إحباط العملية وإلقاء القبض على بعض المتهّمين. فأن يقتل لبناني أبناء شعب بلاده مهما كانت الذرائع والأسباب، أمر مرفوض لا سيما في المرحلة الراهنة التي تحمل عنوان «التسويات والمصالحات والشراكة». والملفت للنظر كذلك هو أنّ موظف «سوليدير» الموقوف، كما انتحاري مقهى «الكوستا» في الحمرا هما من أهالي صيدا، وهذا أمر يثير الجدل بحدّ ذاته. وما يُبرّره، وهو ليس مبرّراً، بحسب بعض المراقبين وجود مخيم عين الحلوة في منطقة الجنوب، وتأثير بعض الفلسطينيين على بعض أصدقائهم اللبنانيين الذين يقطنون في جواره.

والأخطر من ذلك كلّه، على ما تقول أوساط ديبلوماسية متابعة، هو تورّط اللاجئين الفلسطينيين في غالبية العمليات الإرهابية التي حصلت أو أُحبطت في المناطق اللبنانية، وخصوصاً أولئك المقيمين في مخيم عين الحلوة وتلقّيهم الأوامر والتعليمات من قياديي تنظيم «داعش» والتعاون معه على إلحاق الأذى بالبلد الذي شرّع أبوابه لاستضافة الفلسطينيين منذ العام 1948. فأن يُكافىء الفلسطينيون لبنان الذي احتضنهم واستقبلهم على أراضيه كافة إذ يتوزّعون على 12 مخيماً و122 تجمّعاً سكنياً بهذه الطريقة البشعة، لا يقبله أي عقل أو منطق.

ولهذا فإنّ خير ما تقوم به الحكومة اللبنانية إزاء هذه الأحداث هو اتخاذ القرار السياسي الذي يحمي أولاً وأخيراً أمن واستقرار لبنان وسلامة شعبه على حدّ قول الاوساط. ويكون ذلك أولاً بتطهير مخيم عين الحلوة تطهيراً نوعياً، وليس الاكتفاء بإلقاء القبض على المطلوبين المختبئين فيه فقط. وثانياً، القيام بعملية تطهير كاملة تشمل كلّ المخيمات الفلسطينية، لا سيما تلك التي يلجأ اليها كلّ الفارين من وجه العدالة (مثل مخيم شاتيلا)، وخصوصاً أن غالبية الخلايا الإرهابية النائمة، تستقرّ فيها بعيداً عن أعين الدولة إذ تجد من يحميها في داخلها لأيام وأشهر وحتى لسنوات، فلا تخشى من أن يتمّ كشف مواقعها بسهولة.

وإذا كان اللوم والعتب يقع أيضاً على بعض اللبنانيين المتورّطين معهم والذين باعوا ضمائرهم من أجل حفنة من المال، فإنّ تفكيك الشبكات الإرهابية الموجودة داخل المخيمات وبالقرب من منازل هؤلاء الشبّان، من شأنه أن يُبعد تأثيرهم السلبي عليهم. كما على الشباب اللبناني كافة أن يعي أنّ خيانة الوطن هي خيانة عظمى لا يُمكن ارتكابها باستخفاف، كما لا يُمكن المسامحة عليها، لا قانونياً ولا إجتماعياً.

فالمطلوب إذاً فرز اللاجئين الفلسطينيين، كما النازحين السوريين، على ما شدّدت الاوساط، بين صالح وطالح، على غرار ما تفعل الدول الكبرى لقبول طلبات اللجوء لأي غرباء على أرضها. وتكمن الغلطة التي ارتكبها لبنان في أنّه شرّع أبوابه لأبناء هذين الشعبين، الفلسطيني منذ عقود، والسوري منذ سنوات، من دون أن يُجري أي عملية فرز لكي يُبعد عنه خطر الإرهابيين المنضمّين الى صفوف المسالمين الهاربين من واقعهم الأليم.

وتقول الاوساط انّه مهما كانت حياة هؤلاء اللاجئين والنازحين صعبة في لبنان، كما في أي بلد آخر لجأوا اليه ويستضيفهم بصورة مؤقتة، لا يجدر بهم «رمي الحجارة في النهر الذي يشربون منه»، وذلك عن طريق الانخراط في التنظيمات الارهابية والقيام بعمليات إنتحارية تهدف الى قتل المواطنين الأبرياء بحجة الفقر والعوز وجني الأموال. وإذا كانوا من المؤمنين فإنّ أي دين في العالم لا يُشجّع على القتل وإلحاق الأذى والضرر بالآخرين.

وكشفت الأوساط نفسها أنّه بإمكان الاستخبارات الأجنبية الموجودة على الأراضي اللبنانية اليوم التعاون مع استخبارات الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية لإحباط كلّ ما يجري التخطيط له من عمليات إرهابية، وخصوصاً أن مساحة لبنان الجغرافية صغيرة نسبياً، ما يُساعد على تغطيتها بشكل كامل. وأشارت الى أنّ الأمر يبدو أكثر صعوبة في الدول الأخرى، الكبيرة المساحة، مثل فرنسا وألمانيا وبلجيكا وتركيا، وحتى الولايات المتحدة الأميركية وسواها رغم العدد الكبير والهائل لعناصر الشرطة والجيش والقوّات العسكرية العاملة فيها، والتي تنشرها حالياً في خطط الطوارىء التي تعتمدها بعد كلّ عمل إرهابي يستهدفها.

ولفتت الاوساط الى أنّ الحدود المفتوحة، وغير المراقبة بشكل جدّي، هو الذي يُسهّل على الإرهابيين التنقّل من بلد الى آخر، على غرار ما يحصل من لبنان الى سوريا أو العكس بالعكس، إذ انّ الطريقة الدولية تتمّ مراقبتها فقط، في حين أن التسلّل يجري من خلال المعابر الكثيرة المتوافرة وغير المراقبة بشكل دقيق.

ومن هنا دعت الأوساط ذاتها الى تكثيف مراقبة هذه المعابر، وإن كانت كثيرة، من أجل إلقاء القبض على الإرهابيين الذين يتسلّلون عبرها، ليستقرّوا بعدها بالدرجة الأولى في المخيمات الفلسطينية والسورية، وفي أماكن أخرى تعرفها الأجهزة الأمنية دون سواها من خلال عمليات التقصّي والمتابعة.

تعليقات: