ما بين الذكرى والوفاء


الدنيا حكايا , بعضها ينسى وبعضها ترافقك حتى الرمق الأخير...

من القصص ما يؤلم ومنها ما يسر الافئدة !

لكن بعد كل ما يحدث معك ,لا بد من قصة او اخرى ان ترسّم في ذهنك وتأبى مغادرة مخيلتك.

الانسان يكبر وينمو فكره ويعي الاحداث ويفهمها كلما كبر, ويراجعها من حين الى اخر كلما طال عمره.

القصة حدثت معي وانا شاب في مقتبل العمر 19 عاما فقط.

كتمتها سرا عشرات السنين رغم اني عشت وكبرت في ظلها.

القصة نشرتها ولأول مرة قبل عدة سنوات وارسلتها الى موقع "خيام دوت كوم" وتفضلتم بنشرها في 15/4/2013

تحت عنوان "انها جثة".

بعد النشر ,تنفست الصعداء, لكن تمنيت ان اصل الى اسرة ذلك الفدائي او ان اسرته تقرأ القصة وتجد الطريقة للاتصال بي,

نعم لم تتم الفرحة بعد...

اما مكان الحادثة فانه مكان عزيز علي وازوره من فترة الى اخرى.

والسنة وبعد مرور 44 عام على الحادثة, خطرت على بالي فكرة غرس شجرة زيتون على مقربة من المكان.

انوه ان موقع الحدث الحقيقي يقع على مقربة من الشريط الحدودي مع لبنان بين مستوطنتي برعم ودوفيف قبالة جنوب لبنان.

يوم الثلاثاء الموافق 28/2/2016 , يوم مشمس وبارد نوعا ما مع احتمال سقوط مطر في اليوم التالي, رافقوني ي المشوار ابنتي البكر وحفيدتي, لم اعلمهم اتجاه المشوار ولا الهدف منه إلا بعد ان وصلنا المكان ذاته .

في جعبتي غرسة زيتون وفأس وجرّة ماء.

اخترنا البقعة الملائمة, حفرنا, غرسنا, رويناها بالماء واخذنا الصور.

نعم انها غرسة زيتون على امل ان تنمو وتكبر ومع الوقت نأتي لنجلس حولها ونتناول اطراف الحديث ونحتسي الشاي والقهوة والمتة.

على امل ان تعيش وتكبر وتعطي الاثمار ويزورها كل عابر سبيل ويصدح على اغصانها الطير,

شجرة زيتون, مباركة من الخالق, ترمز للعطاء والسلام والمحبة .

تذكرنا بذلك الشاب الفدائي الذي روى بدمائه ارض الآباء والاجداد .

نعم انه من انبل بني البشر, شاب في مقتبل العمر, راح ضحية لقضية عادلة ولمأساة, مثله مثل ابناء جلدته الكثر.

بقي ان اذكر اني وانا اغرس هذه الشجرة ارتعشت مفاصلي وتذكرت القصة وما رات عيناي آنذاك .

وفي الحال تذكرت البنت البكر القصة التي سمعتها مني من قبل, طأطأت برأسها وفي عيناها تأثر وإقرار, اما الحفيدة الصغيرة فكانت ترى ما قم بفعله جدها ولا ندري ما يجول في ذهنها . وانا من جهتي اصلي وآمل ان يعم السلام ارض السلام ويعيش الأبناء والاحفاد بامان وطمأنينة .

ما قمت به, فيه بعض من رد الجميل وحفظا للذاكرة وتخليدا للقصة وراحة ضمير.

وصيتي, لكل من اعز عليهم ولكل عابر سبيل ان يحافظ على هذة الغرسة ويسأل عن السر ويجلس في ظلها ويصلي للعدالة والسلام ووقف الحروب والعيش بكرامة وهداة البال ولينعم الجميع وخاصة الجيل الناشئ بالحياة الرغيدة .

موضوع ذات صلة للكاتب (انها جثة)


تعليقات: