عادت الخلافات بين أهل الحكم لتطفو على سطح الحركة السياسية ويتقدم التباعد على ما عداه وخصوصاً عشية مؤتمر بروكسيل الذي ينعقد اليوم في ظل تقصير لبناني عن اخراج موقف موحد، كما تفيد معلومات "النهار"، وخصوصاً بعد تعيين رئيس الجمهورية مستشاراً لشؤون المنظمات الدولية وبدء التضارب في الصلاحيات بينه وبين وزير الدولة لشؤون النازحين ومستشار رئيس الحكومة لهذا الملف.
كذلك احتدم الخلاف حول بعض التعيينات الامنية، ما حدا الثنائي الشيعي الى فتح المعركة على المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان الذي أجرى تشكيلات اعتبر الثنائي الشيعي انه جاء بموجبها بكل "جماعته في فرع المعلومات" في مراكز قيادية دون التشاور مع "حزب الله" وحركة "أمل".
وعلم ان اجتماعاً عقد أول من أمس بين الفريقين، وتقرّر ان يكون الردّ في وزارات المال والزراعة والشباب والرياضة. وجاءت الخطوة الأولى نقل مسؤوليْن اثنين في مركزين مهمّين في وزارة المال، وستتبعها خطوات مماثلة.
كما تقرّر وقف كل المعاملات المالية المتعلقة بمديرية الادارة في قوى الامن الداخلي.
أما في ملف قانون الانتخاب، فتكرس التباعد الذي يسبق الانفصال، فالنائب ابرهيم كنعان صرح بعد لقائه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع: "أكّدنا في قانون الانتخاب ان التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية متفقان على الاقتراح الأخير الذي تقدم به الوزير جبران باسيل، إلى جانب بعض المقترحات التي كنا توافقنا عليها ونحن في صدد أخذها في الاعتبار". فيما أبلغت مصادر "حزب الله" "النهار" ان الحزب متمسك بالنسبية الكاملة وانه على استعداد للبحث في حجم الدوائر بما يطمئن الافرقاء الآخرين ومنهم النائب وليد جنبلاط حول اعتماد الشوف وعاليه دائرة واحدة اضافة الى طمأنة قوى اخرى. وأضافت ان "الحزب تبلغ من تيار المستقبل خلال المناقشات الرباعية وأيضاً خلال اللقاءات الثنائية موافقة الاخير على النسبية مع تسجيله بعض الملاحظات على الصوت التفضيلي وكيفية احتسابه اضافة الى حجم الدوائر".
لكن كتلة "المستقبل" لم تؤكد الامر ولم تنفه بل شددت في بيان على "تأمين صحة التمثيل، والمحافظة على العيش المشترك، واعتماد وحدة المعايير، ورفض اقتراحات القوانين التي تكرّس المذهبية والطائفية".
الضمان الاجتماعي
وفيما يلهي السياسيون المواطنين بجلسات مساءلة وبيانات وتحركات غير مجدية، تتعمق المشكلة الاجتماعية لتطاول اللبنانيين في حياتهم وصحتهم، وآخرها ما حذر منه وزير الصحة غسان حاصباني من انهيار النظام الصحي التابع للضمان الاجتماعي في السنوات المقبلة ما اأثار مخاوف المعنيين والمستفيدين من تقديماته. وكتب النقابي فضل الله شريف عبر "فايسبوك" ما يؤجج هذه المخاوف بقوله: "حكومة الرئيس سعد الحريري تقفل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بطريقة غير مباشرة بتمريرها المادتين /54 / و/68 / من مشروع قانون الموازنة الذي اأقرته. الاولى تتعلق ببراءة الذمة، والمادة الثانية تتعلق بتقسيط ديون الدولة من دون فائدة... وأترك للعمال والمختصين الدفاع عن الصندوق".
فهل ينهار الضمان الاجتماعي؟ نبدأ من كلام الوزير حاصباني الذي جاء على خلفية ما تتكبده وزارة الصحة من تكاليف تدفعها عن مرضى الضمان الذين يلجأون اليها للحصول على ادوية الامراض المستعصية والمزمنة المرتفعة الثمن أو الاستشفاء على نفقتها لعدم وجود أسرة في المستشفيات على نفقة الضمان. وقال لـ"النهار" أن "ثمة مضمونين وبسبب عدم قدرتهم على دفع تكاليف بعض الادوية سلفاً وخصوصاً أدوية الامراض المستعصية والمزمنة والادوية غير المدرجة على لوائح الضمان أو حتى تلك المدرجة، يأتون الى وزارة الصحة للحصول عليها من دون مقابل، لذا من الضروري أن يعمد الصندوق الى ايجاد آلية تخول المرضى المضمونين الحصول على الدواء عبر دفع النسبة التي تتوجب عليهم أي 5%". وإذ أثار تساؤلات عن مسألة عدم وجود اموال كافية في الضمان وضعف قدرته على التغطية الصحية، أكد ضرورة "أن ننظر جدياً في تنظيم الجهات الضامنة وتوحيد معايير تقديماتها الى أن نصل الى توحيد هذه الجهات على نحو أشمل".
وفيما لم يشأ حاصباني أن يفهم من كلامه أنه تهويل بقصد إخافة اللبنانيين، أصر على ضرورة التحذير من هذا الوضع "الذي سيؤدي لا محالة الى انهيار النظام الصحي إذا استمر الوضع كما هو من دون تصحيح المسار وخصوصاً حيال النظر في مسألة تأمين التمويل اللازم للضمان".
في المقابل، جاء كلام المدير العام للضمان الدكتور محمد كركي لـ"النهار" ليؤكد صوابية كلام حاصباني وخصوصاً حيال توحيد معايير الجهات الضامنة. إذ شدد كركي على أهمية الطرح وضرورة التنسيق مع وزارة الصحة في هذا الاطار، مشيراً الى "أن ثمة مرسوماً صدر قبل أعوام يتعلق بتأليف لجنة تنسيقية لكل الجهات الحكومية الضامنة برئاسة وزير الصحة". وبعدما وضع الكرة في ملعب حاصباني لكون المبادرة في يده لتفعيل هذه اللجنة ودعوتها الى الاجتماع، أكد استعداد الضمان للتعاون لكي تصبح لغة الجهات الضامنة واحدة.
وفي مسألة أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية، أشار كركي الى أن مجلس إدارة الضمان كان قد قرر في جلسة عقدت في شهر تشرين الاول الماضي رفع مساهمة الصندوق بنسبة %100 بدلا من %95 في أدوية الأمراض المستعصية: السرطان، التصلّب اللويحي، الضغط الرئوي والتليف الرئوي، وأحال المرسوم في تاريخ 13/10/2016 على مجلس الوزراء بواسطة وزارة الوصاية (وزارة العمل) لإصداره. وهذا المرسوم يؤكد في رأي كركي أن الضمان مدرك أهمية ما طرحه حاصباني، وذلك على رغم العجز في فرع المرض والامومة الذي بلغ في نهاية 2015 نحو 1200 مليار ليرة، لاسباب منها عدم دفع الدولة مستحقاتها التي ناهزت الـ 1900 مليار ليرة في نهاية 2016، مشيراً الى أنه في الاعوام الثلاثة الأخيرة كان يفترض أن تدفع الدولة نحو 1000 مليار ليرة، إلا أن الصندوق لم يحصل سوى على 150 مليار ليرة.
وفي انتظار اقرار المرسوم في مجلس الوزراء، يعكف الضمان كما أكد كركي على ايجاد آلية تخفف عن كاهل المضمونين دفع تكاليف الدواء عبر دفع الصندوق التكاليف للموردين مباشرة على أن يحصل المضمون على الدواء من الصيدلي من دون مقابل أو على الأكثر دفع 5% من ثمنه في انتظار اقرار المرسوم في مجلس الوزراء.
أما شريف، فصرح لـ "النهار" بأن "خطر اقفال الضمان أصبح أمراً واقعاً، بدليل اعفاء ديون الدولة من الفوائد، وحصر اعطاء البراءة بالمؤسسات التي هي قيد التصفية أو البيع بما يشجع المؤسسات على عدم دفع اشتراكاتها، والاخطر هو ما يحاك في الكواليس حيال قانون التقاعد الذي يجري اعداده، إذ يحكى عن توجه الى الاستعانة بأموال نهاية الخدمة في الضمان، علماً أن فرع المرض والامومة يستدين من هذا الفرع لتغطية المضمونين. وهذه الامور كفيلة بإفلاس الصندوق".
تعليقات: