تاكسي البحر.. للتخفيف من زحمة السير في لبنان

في اسطنبول أكثر من نصف مليون شخص ينتقلون يومياً في البحر
في اسطنبول أكثر من نصف مليون شخص ينتقلون يومياً في البحر


بحرنا منقذنا من زحمة السير.. يقول الدكتور خالد تقي، صاحب فكرة تاكسي المياه في بيروت، الذي بدأ بتطويرها في العام 2009، وطرحها للمرة الأولى في العام 2010، خلال مؤتمر صحافي توجه فيه إلى معظم السياسيين اللبنانيين، ليعملوا معه من أجل أن يكون البحر بديلاً من الطرق المزدحمة، التي يصعب تحسينها وتطوير بنيتها التحتية.

جاء تقي بفكرته من تركيا، حيث يتنقل أكثر من نصف مليون شخص يومياً في البحر في إسطنبول. فإذا أردت أن تخرج من بيتك في جونية إلى عملك في بيروت، ما عليك إلا أن تستقل مركبة، تحملك من سنسول جونية إلى محطة بيروت. وهناك تستقل باصاً يوصلك إلى مكان عملك. المراكب طبعاً لا تنتقل عشوائياً، بل لها طرق خاصة تُرسم عبر غرس أعمدة مضاءة في البحر.

الفكرة في الأساس كانت تقضي بأن يكون هناك محطة ركاب أساسية في بيروت، ومحطات أخرى في الدامور وصيدا وصور، جنوباً، إضافة إلى جونية وجبيل وطرابلس، شمالاً. لكن المحطة لا تقتصر وظيفتها على أن تكون موقفاً لتاكسي المياه فحسب، بل تتعداها لتكون مجمعاً تجارياً فيه محال مختلفة تؤمن مجتمعة أكثر من 12 ألف فرصة عمل. إلا أن المشروع توقف لسنتين (من 2014 إلى 2016) بسبب “طبيعة السياسة في لبنان، التي تعيق المشاريع الجديدة”، وفق تقي، الذي عاد وأنعش مشروعه اليوم بعد “تشجيع أحد السياسيين لجعل حلمه حقيقة واقعة”.

لكن هذه المرة، العودة كانت أقل توسعاً. فلم تعد المحطات الضخمة موجودة ضمن المشروع إلا في بيروت. وفي المدن الأخرى سيقتصر المشروع على سنسول يمتد قليلاً في البحر لركن المراكب، لا أكثر ولا أقل. وقد صمم المشروع للركاب اليوميين، من موظفين وعمال وطلاب جامعات، ينتقلون في أوقات محددة، بين السادسة والتاسعة صباحاً، والرابعة والسابعة مساءً.

كل هذا التبسيط في نمط العمل، هدفه أن يصبح المشروع سهلاً، أي أن “يتحول من مشروع سياحي إلى مشروع للناس الفقراء”، وفق تقي، الذي يؤكد أن إنشاء محطات ضخمة غير ممكن، خصوصاً أن كل قطعة من الأملاك البحرية على امتداد الشاطئ اللبناني “يحرسها أحد. ولا يمكن تنفيذ هذا المشروع، إلا إذا كان لكل واحد منهم حصته فيه. المشروع بدأ من دون طائفية، لكن عدت ورأيته من دون إرادتي يتقسم طائفياً”.

الفكرة للوهلة الأولى تبدو بعيدة الاحتمال. لكن لا شيء بعيداً من تقي، الذي بنى نفسه في عالم الأكاديميا والأعمال. فهو الأكاديمي الذي أنجز الماستر في الجامعة الأميركية في بيروت عن دور المغترب في إنماء لبنان، ثم أعد الدكتوراه في بريطانيا عن الدين الخارجي والفساد في المكسيك، البلد الذي عاش فيه حتى 12 من عمره. هو أيضاً رجل الأعمال الذي عمل في مكتب للإستشارات وأنشأ مركزاً للتدريب على الإستثمار، وأسس الجمعية العربية لترخيص الإمتياز، وشارك في مشاريع عدة أسهمت في بناء ثروة مكنته من بناء مشروعه هذا على أرضية متينة. تقي كان أيضاً صاحب فكرة إنشاء حلبة فورمولا 1 في لبنان، كادت أن تصبح حقيقة في أواخر التسعينات، لكن بسبب الحرب مع إسرائيل لم يوافق الاتحاد الدولي عليها.

منذ عودته إلى لبنان، لم يتوقف تقي عن طرح المشاريع. وهو يقول إن الإستثمارات ستتدفق إذا ظهرت النية بتطبيق فكرة تاكسي المياه. وهو يثق بأن القطاع الخاص والقطاع المصرفي سيشاركان بقوة. وهو سيستمر بالسعي إلى انجاز المشروع من تلقاء نفسه حتى تحقيقه، “لا لينفع أحداً، بل لأنه أفضل للبنانيين”.

* المصدر: المدن


تعليقات: