كيف تمّ الإيقاع ببلال بدر؟


شكّل مخيّم عين الحلوة الحدث الأبرز نهاية الأسبوع الذي تجاوز بأهميته قانون الانتخاب والبحث والطرح والقسمة فيه. ماذا جرى في المخيم؟ رواية "ليبانون ديبايت" تؤكد أنَّ المعارك الحاليّة مُعَدّ لها سلفاً.

ليس صحيحاً فقط أنَّ تهديداً أطلق نحو القوّة الأمنية المشتركة لفرملة انتشارها في مناطق سيطرة التكفيريين (انطلاقاً من معقل بلال بدر في حي الطيرة) وتالياً إطلاق النّار على مجموعةٍ من القوّة، هما اللذان تسبّبا في الاشتباك المستمر منذ ٤ أيّام والذي حصد ٧ قتلى ونحو ٣٠ جريحاً. القصة هي وجود نيّةٍ لتطهير المخيّم خاصّةً بعد مشاهد القتل والاغتيال الهادئ التي دأب الإسلاميون على تنفيذها.

مصادر أمنيّة مطّلعة تؤكد لـ"ليبانون ديبايت" أنّه وخلال زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس إلى بيروت، كان هناك هَمٌّ لبناني طُرِحَ على بساطِ البحث متعلّق بمخيّم عين الحلوة. الهمّ لاقاه عباس الذي وعد بحلّ المشكلة فاتحاً نافذةً للتنسيق بين رام الله وبيروت. غادر، وبعد أيّام وقعت معارك عنيفة انتهت بهدنة. قيل حينها أنَّ الاشتباكات أتت في إطار الردّ على مضامين زيارة عباس، لكن الوقائع الحاليّة والسابقة وتحليل لغة الأحداث في الميدان تكشف أنَّ قراراً اتّخذ بتطهيرِ المُخيّم من الجماعات الإرهابية في حينه، لكنه ترك يأخذ وقتاً تمهيداً لتوفير العوامل الموجبة.

حيي الصفصاف والطيرة والشارع الفوقاني وكلّ ما يتعلّق بهما يرتبط بسيطرةٍ تكفيريّةٍ. شرارة المعارك في نسختها الحاليّة بدأت حين عزمت القوة المشتركة على الانتشار في المناطق آنفة الذّكر. عارض التكفيريون ذلك، وكون بلال بدر هو الأداة التنفيذيّة لهم، عُهد إليه إرسال عبارات التّهديد متضمّنةً مواجهة القوة بالنار فعقدت العزم على الدخول رافعةً السّقف موصلةً رسالة أنّها ستنتشر ولو تطلّب ذلك سقوط شهداء. توافرت الذّريعة إذاً وبقي استغلالها لفتحِ أبواب جهنّم على بدر ومجموعته وتفعيل الخطط المعدّة سلفاً. اللافت هو الفترة التي سبقت مرحلة التهديد، إذ تشير معلومات "ليبانون ديبايت" أنَّ بدر فاوض القوّة الأمنيّة حول دخولها واضعاً شرطاً للموافقة وهو تأمين بدلٍ ماليٍّ شهريّ (خوّة) لقاء الانتشار على أن يكون مشروطاً! رفضت القوّة ذلك كليّاً فأعلن بدر بأنّه "سيطلق النار على رؤوس من يدخل".

يكشف مصدر أمني لبناني مُطّلع، أنَّ "الفلسطينيون من المخالفين لرأي الأصوليين، التمسوا نوايا للتوسّع من أجل تطويق مفاعيل زيارة الرئيس الفلسطيني، والخطّة كانت تنفيذ عمليات قضمٍ للمخيّم عبر إشعال فتيل أحداثٍ مفتعلة، وهذا ما يفسّر الارتفاع الملحوظ بعمليات الاغتيال منذ مغادرة الرئيس عباس والتي ترافقت مع رصد حراك نشط أكثر من ذي قبل شدّ أنظار العاملين في المجال الأمنيّ نحوه.

هذا يقود إلى تحليل تقاطع معلومات محليّة مع غربية تكشف عن نيّةٍ لـ"إعلان إمارةٍ إسلاميّةٍ" إذ كان يتواتر بشكلٍ دائم معلومات عن اجتماعات تعقد في حي الصفصاف ويشارك فيها أصوليون من خريجي مدرسة القاعدة على رأسهم المطلوب الأبرز أسامة الشهابي، بالإضافة إلى هلال هلال وجمال رميض فارس عن داعش، وبجوارهما مسؤولي مجموعات مبايعة للتنظيم كـ"عبد فضة وهيثم الشعبي وشقيقه محمد"، توفيق طه ورائد جوهر وزياد بونعاج" وأخرى مبايعة او تدور بفلك جبهة النصرة يمثلها "بلال بدر معه أبو جمرة الشريدي وساري حجير وشادي المولوي"، إذ اتفق الجميع على التكاتف لدرء أي سوء، ومضاعفة الجهود ونيل بركة الدعم الجهادي، فيما لم يغفل المصدر تقاطع هذا الأمر مع الحراك التكفيريّ على مستوى الإقليم وتهديد معاقل التنظيمات "الجهادية" في سوريا والعراق.

وعلى ذمّة المصدر: "القرار بمنع إقامة الإمارة قد اتّخذ على مستوى أمني لبناني - فلسطيني تُرجم من خلال إطلاق يد عملية أمنية تطال سيطرة المسلحين التكفيريين وتفكيك مجموعاتهم"، كاشفاً أنَّ "الهجوم الذي شنته فتح مدعومةً بالقوّة المشتركة جاء بعد ضغوط من الجهات اللبنانية"، وبعد "توافر عوامل تفيد في إطلاق العملية".

لكن العمليّة واجهت مطبات، فبان عقم "فتح"، وطوال ٧٢ ساعة من المعارك، لم تستطع مع من يعاونها أن تحسم عسكريّاً على الرغم من استقدام تعزيزات، وجل ما استطاعت القيام به هو السيطرة على الجزء الأكبر من حي الطيرة وترك بلال بدر يفر حيث تحتشد كل المجموعات والحركات التكفيرية!

ويلفت المصدر الأمني، إلى أنَّ عقم حركة فتح بان في مستويين، الأوّل خطط التّقدّم التي ثبت أنّها عشوائية غير منسقة؛ ما خلق ثغراتٍ عديدةٍ استغلها التكفيريون المدافعون في إيقاع الخسائر وتسديد الرميات المؤذية التي حدّت من نجاعة تقدّم العناصر، والمستوى الثاني في إطلاق النار، واستخدمت "فتح" عشوائية وكثافة نيران غير مجدية، مدعومةً بغطاء مدفعي من تلّة الحليب، بينما كان الإسلاميون فعّالون في تصويباتهم التي وعلى قلّتها كانت دقيقة ما يدلّ على القدرات التي يتمتعون بها.

تعليقات: