فصول أخرى من التزوير: مرشحون لكتّاب العدل يغشّون بوضع سماعات في آذانهم!!

الطلاب أثناء اجراء أحد الامتحانات الرسمية
الطلاب أثناء اجراء أحد الامتحانات الرسمية


حماية المستهلك تدّعي قريباً على الكهرباء والاتصالات

تكاد حكايات الفساد الطاغية في مختلف المجالات والمؤسسات والادارات، تشبه "قصص ألف ليلة وليلة"· نتعرف الى بداياتها، ولا يسمح رحيلنا الأبدي ان نعيش نهاياتها· لعل آخر ظواهرها ما حصل من تزوير في احد الامتحانات المدرسية الرسمية من ناحية، واكتشاف مرشحين لاختبارات كتّاب العدل يتلقون اجوبة على الأسئلة المطروحة بواسطة سمّاعات يخفونها في آذانهم· يعكس ذلك للأسف ما افرزته الخلافات السياسية المتواصلة منذ بداية الاستقلال عام 1943، من دولة: "تكاد تشبه الدولة"، لأن التشنج القائم والمتواصل منذ ذلك الوقت قد "فرّخ" ادارات رسمية عاجزة طغى عليها، ولا يزال، الفساد والإفساد، كما يجمع على القول رئيس "جمعية المستهلك" الدكتور زهير برو، والمدير التنفيذي لـ"الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية" خليل جبارة· فأين الفساد في لبنان؟ ومن هم الفاسدون والمفسدون؟ يجمع د· برّو وجبارة على القول في لقاءين خاصين اجريناهما معهما، على القول بأن الفساد "كلمة عامة"، وتعني: "كل شيء يضرّ بحماية المستهلك ويسيء إليه"، لذلك تدخل في اطارها مختلف أوجه المجالات والاحتمالات والوقائع، ومنها ما يتعلق خاصة بالتزوير، والتهريب والاحتيال، والغش، والتواطؤ، والسلب، والتلاعب، والبطالة، والصرف التعسفي··· وما الى ذلك!· ومن جهته يضيف جبارة أنواع أخرى من الفساد، منها كما يقول: "الكذب، السرقة، الرشوة، استغلال النفوذ، الاختلاس، التهرّب من الضريبة، سوء استعمال السلطة، استغلال الآخرين، هدر المال العام، سوء الأمانة، الوساطة، عدم التقيد بمعايير الصرف، توظيف الأموال العامة لمصلحة فرد أو مؤسسة، تسريب المعلومات من أجل خدمة مصالح الآخرين من دون مقابل بدل ما، أو نسبة من الأرباح المحصّلة، الحصول على نسب من العقود أو المناقصات الرسمية، قبول الهدايا باهظة الأثمان، "الزبونية"، تفضيل ذوي القربى، أو الصلة في العقود والتعيينات، التلاعب بالأرقام والبيانات المالية، فرض الضرائب والخوّات من دون وجه حق، أو مرجع قانوني··· الى ما يشبه ذلك من حالات كثيرة ومماثلة"· كما يؤكد على ان الفساد لا يقتصر على شخص واحد، بل يتعداه الى مجموعة أشخاص، أو الى "شبكة" قوامها 3 أشخاص، أو جهات، على الأقل: جهة خارجية مستفيدة، موظف متعاون معها، اضافة الى "زبون" مستفيد، وفي هذه الحالة تقوم الشبكة بممارسة الفساد منطلقة من عدة أسباب تؤهلها لذلك، ومنها: 1 - الصفقات الشخصية، إذ قد يكون الفرد ضعيفاً امام المغريات والحاجة· 2 - النزوات الفردية مثل الجشع والطمع، أو ما شابه· 3 - الحاجة والاضطرار الى اقتراف الخطأ لتلبية ضروريات معيشية وحياتية، مثلاً!· معالم فضائحية لقد أدت تلك المسببات الى انتشار "فاقع" في تزايد الفساد وانتشاره، الأمر الذي ترافق مع ظهور معالم فضائح منها فضيحتان يتوقف عندهما جبارة بقوله: "ثمة معالم فضيحة بدأت تتضح في قطاع التعليم، وهي ناتجة عن احتمال حصول تزوير في اسماء الطلاب الناجحين، او الذين تم انجاحهم وهم راسبون أساساً، في الامتحانات الأخيرة لشهادة القسم الثاني من الدراسة· أما معالم الفضيحة الثانية فتتعلق بالامتحانات التي جرت لكتّاب العدل مؤخراً، إذ نجح فيها الذين لا يستحقون، حيث اكتشف المراقبون مرشحين يضعون سماعات في آذانهم، ويتلقون بواسطتها الأجوبة على الأسئلة المطروحة من الخارج"· وفي ما يشير جبارة الى ان هذا النوع من الفساد يتم كشفه في الدول الخارجية، ومحاسبة المرتكبين، إلا أن هذه المحاسبة لا تحصل في لبنان!· إلا أن الدكتور برّو يناقض هذا الأمر، مؤكداً ان لجمعية حماية المستهلك وحدها الحق بالإدعاء على الدولة، ولهذا فإنها "سوف تتقدم قريباً بدعوى قضائية ضد مؤسسة الكهرباء، بعد دراسة أجريناها على كيفية توزيع التيار الكهربائي، والتقنين الحاصل فيه، والذي ألحق ويلحق الكثير من الأضرار بحق المواطنين المستهلكين"، كما يقول· ويتابع برّو مضيفاً: "سنتقدم بالدعوى الى "لجنة حل النزاعات" ضد مؤسسة الكهرباء لعدم التزامها بالتوزيع العادل للتيار الكهربائي بما يضر، وبشكل خاص، بمصالح أصحاب المحلات والشركات والمؤسسات العامة والخاصة، وعلى الأخص السياحية منها· وتتألف تلك اللجنة من ثلاثة اعضاء هم رئيستها القاضية كارلا قيس (من الدرجة الرابعة)، ومندوب عن "غرفة التجارة والصناعة" هو الدكتور نبيل فهد، والمحامي وجدي الحركة عن جمعية المستهلك"· ويتابع رئيس الجمعية ان ثمة دعوى أخرى سيتم تقديمها ضد وزارة الاتصالات، بسبب الكلفة المرتفعة في أسعار المخابرات الهاتفية الخليوية، ويضيف: "كذلك تستعد جمعيتنا لتقديم دعاوى ضد وزارات ومؤسسات أخرى في القطاع الخاص، تضر بمصالح المستهلكين، وتخالف القوانين، ونركز في المرحلة الراهنة على كلفة الاتصالات الخليوية التي أثبتت إحدى دراساتنا أنها من الأغلى في العالم· وكنا قد بدأنا التحضير لحملة من أجل خفضها منذ ايلول 2001، وقد شكلّنا، سعياً لتحقيق هذا الهدف، تحالفاً ضم 23 نقابة وهيئة اقتصادية، تولى التفاوض مع شركتي الخليوي خلال ربيع 2002، ثم مع وزارة الاتصالات· كما قام بحملة شهرية لمقاطعة الخليوي ليوم واحد بدءاً من 15 تموز 2004، وحتى الآن، لكن الوزارة لم تتجاوب بعد مع مطالب الهيئات والنقابات المتحالفة، بالرغم من عشرات البيانات والتحقيقات، وعشرات آلاف التواقيع التي تم جمعها خلال السنوات الثلاث الأخيرة"· وقد تكرر إصرار الوزارة على التمسك بسلبيتها خلال شهر شباط الماضي 2007، بعدما جرى التجديد لحملة تخفيض كلفة الخليوي بالتعاون مع الهيئات الاقتصادية والنقابات، خاصة مع توجه الحكومة نحو بيع الاحتكار الى القطاع الخاص، تحت مظلة الخصخصة، وقيام وفود من تلك الهيئات بزيارات الى مسؤولين في الحكومة، ورؤساء الكتل النيابية، والاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي، والدول المانحة وفق مؤتمر باريس - 3، وذلك للمطالبة بإصلاح قطاع الاتصالات وتعزيز المنافسة، ووقف الاحتكار· لكن ثمة نقطة ايجابية حصلت في ذلك السياق، في شهر حزيران 2006، عندما نجحت الحملة آنذاك، في توقّف السوق السوداء، ما أدى الى خفض اسعار بطاقات الاتصالات الخليوية، ومنع استمرار الموزعين الكبار والصغار في استغلالهم موسم السياحة برفع تلك الأسعار بصورة غير قانونية· إنما لا يكفي أن تكون هنالك نقطة ايجابية "يتيمة" في وقت تتوالد فيه فضائح التزوير بمختلف أنواعه· فالفساد يبقى قائماً ودائماً ومستمراً، لا يمكن الغاؤه، بل، على الأقل، مكافحته وضبطه، والحد من انتشار فضائحه وأضراره، وذلك بعكس ما هو حاصل في لبنان، حيث فشلت كافة المحاولات الباحثة عن إلغائه·

تعليقات: