عبدالعال: النكبة فعل مأساة مورست ضدي شخصياً..

مروان عبد العال: أنا الطفل الذي يدهشه الجمال في هذا العالم، المخيم ذاكرتي الأولى والوطن خيالي المسافر
مروان عبد العال: أنا الطفل الذي يدهشه الجمال في هذا العالم، المخيم ذاكرتي الأولى والوطن خيالي المسافر


مروان عبد العال الحائز على جائزة القدس للثقافة والإبداع يتحدث من بيروت عن اللجوء والهوية والثقافة وصناعة الوعي.

هو كاتب وروائي وفنان تشكيلي فلسطينيّ لاجئ، ولد في مخيم نهر البارد شمال لبنان عام 1957، له مسيرة فيها يندمج الأدب والفن والنضال السياسي والعمل الفكريّ والثقافي معاً، مسيرة زاخرة بالعطاء والعمل والحب

فمن هو مروان عبد العال الذي لا نعرفه؟ من هو بعيداً عن الكتب والمنابر والنضال؟

"أنا الطفل الذي يدهشه الجمال في هذا العالم، المخيم ذاكرتي الأولى والوطن خيالي المسافر.. كنت اكتب على الهواء ولم اصدق ان ما كتبته كبر معي وسافر الى الناس وسبقني إلى وطني. أنا ابن الحرب كنا نفضل بالمخيم لعبة "وقعت الحرب "ونحن صغار، وعندما كبرنا أدركنا أننا نحن لعبة الحرب. فأنا ابن الحرب الذي لا يهدأ في البحث عن الوطن وليس اي وطن، عن وطن بلا نقصان وطني الكامل، عن حلم جيل وعن قيم الإنسان وكرامة وحق بل عن اكتمال الفن في هذه الحياة."

كثيراً ما يخال الفلسطيني المقيم في الوطن أن اللاجئ بطل خارق، أو فقير معثّر فحسب، لكن مروان عبد العال في أعماله الأدبية يتحدث عن المنفى كمنفى، أو كمنافي متعددة، فالهروب من البحر يلحقه الضياع في رواية زهرة الطين، ثم فقدان جزئي للذاكرة ومحاولات لاستعادتها ثم نفي آخر إلى مخيم للمبعدين الفلسطينيين؛ وهذه رمزية عالية للضياع الفلسطيني، لمحاولة البقاء على قيد الحياة وعلى قيد التاريخ والذاكرة، إذ أن بطل الرواية تتعدد منافيه بتعدد المنافي الفلسطينية في كل مكان وزمان، فالمنفى هو المنفى الذي لن ينتهي إلا بعودة المنفيين إلى موئلهم الأول، إلى وطنهم فلسطين، الذي لن يتمّ دون اشتباك تاريخي وثقافي يحفظ الذات والحلم والوجود.

"كأني أعيش هنا بعيداً عنها ولكن معها، عن الصباح الذي يستيقظ عابساً ويراها تخرج من الغرفة وتسافر بين رملنا الأصفر وغبار المدينة الرمادية".. فأقول لها إني حصان يصهل في منفى بعيد وهي هديل حمام يهرب من السماء الرمادية لمدينة ميلانو" – زهرة الطين

مروان عبد العال أيضاً فنان تشكيلي له عدة معارض، ولا ينفكّ عن كونه سياسياً مناضلاً ومنظراً من أجل النضال، لا يتوقف عمله بل يستمر ويتفرّع ويتزايد؛ وهكذا يقول مروان عبد العال: "حلمي هو الاستمرار فيالاشتباك التاريخي الشامل في معرة الحياة وحفظ الذات والوجود والحلم وبوسائل ابداعية مثل الكتابة؛ ومن مشاريعي أن استعيد حصتي من الوقت كي أعود الى الرسم. أما حلمي القريب جداً فأنا بصدد نشر رواية جديدة وهي روايتي الثامنة في مشروعي الروائي، أتمنى أن تصل رسالتها وأن اكون قد أوفيت الامانة لبطلها وهي تجسد ملحمة شخصية تؤرخ المنفى بتفاصيل سريالية وواقعية أسمها: الزعتر الأخير."

فإن كان التاريخ واجب حفظه، وإن كان الأدب والفن وسيلتان لذلك، والثقافة الجسر الذي يربط أبناء الوطن في بلدهم ومنافيهم باكتمالهم وتكاملهم سوياً ككلّ فلسطيني؛ يرى مروان عبد العال أنه من المفترض أن تكون الثقافة هي جسر المنفى نحو الوطن، وهي تكتمل عندما تكون بالوطن وتفكر بالمنفى او تكون بالمنفى وتكتب الوطن، والشباب الفلسطيني في لبنان مستهدف بوجوده أولاً، ويتعرض لتشويه هويته الوطنية ثانياً وهذا ليس شيء عبثي، ولذلك هو مهمش اقتصادياً واجتماعياً وثقافيا بسبب هذا الاقصاء والعزل، وبفعل "الغيتو" الذي يعيشه الشباب في لبنان، هناك الكثير من المبدعين، لكن غياب المؤسسات الثقافية التي ترعى المواهب هي ما يجعل هذه الابداعات الفردية تتلاشى احيانا واحيانا تنمو على الهامش .او بفعل التحدي وقوة الارادة، ومعاندة السياسة السائدة والممارسة، لإثبات جدارته بالحياة الكريمة، واعتزازاً بهويته الوطنية وحفظ وجه فلسطين الجميل الذي يليق بها، النقيض للممارسات الخاطئة وثقافة الكراهية."

لكن التاريخ والثقافة ليسا واحداً، فيقول مروان عبد العال: "الثقافة جزء من التاريخ، غير أنه الجزء الذي يحفظ ويستمر ويبقى خالداً ويصبح مادة صلبة او ثروة تبحث عمن يستثمرها ويبني المستقبل، لكن الثقافة الجديرة بالتاريخ هي التي تصنعه، وحتى تكون تستحق التاريخ وتكون فيه وليس خارجه ان لم تكن ثقافة تمتلك روح الارادة، وعمادها المقاومة والفعل الإرادي كنزعة إنسانية. والثقافة تصنع الهوية أيضا، لأنها رحلة طويلة تجيب سؤال من نحن. لأن هويتنا الثقافية في صيرورة دائمة، تخاطب الآخر وتخاطب الجيل الجديد."

ويتابع: الثقافة تعني صناعة الوعي. من يبني وجودنا وهويتنا بل هي مصدر انتاج الفكر، الذي هو العيار الثقيل للسياسة، والسياسة تتحول الى فعل ناقص بدون الفكرة، وهي مكون رئيسي للقوة التي تعزز الانتماء والهوية الوطنية والسياسية. ونحن في قلب الصراع وامام مواجه حقيقية لاحتلال ارادتنا وعقولنا وذاكرتنا وروايتنا، ولكن ومثلما يقول فيكتور هيغو: أعتى الجيوش لا تقوى على هزيمة فكرة آن أوانها..... لا يوجد سلاح أكبر من سلاح الوعي. كيلا نضيع البوصلة، دور الثقافة هو بناء هذه الرؤية لا تصنعها إلاّ القوّة العقليّة والقوّة الفكريّة والقوّة الثقافيّة، ليس هناك حركة يكون لها القدرة على الفعل دون أن يكون لها عقل قادر على تحريكها، بالضبط مثل العلاقة بين الرّوح والجسد، فالمجتمعات هي الجسد والثّقافة هي الرّوح في هذا الجسد.. هناك علاقة جدليّة قويّة بميزان الربح والخسارة، لأن خسارة المعركة تبدأ من اللّحظة التي يُصادر فيها السّياسي دور ومكانة الفعل الإبداعي ويحوّله إلى ملحق أو ذنب للسّلطة. أعتقد أن المبدع الشامل هو الذي يجيد استخدام كلّ الأسلحة.. المباشرة وغير المباشرة، المرئيّة وغير المرئيّة.

وعن هذا هناك شواهد في روايات عبد العال، نذكرها منها مثلاً:

• الوطن يدنو منا كلما اقتربنا من أنفسنا وتصالحنا مع ذواتنا.. فكيف يبقى وطن إن كان هناك سوء تفاهم مقيت مع الذات ومن حولها؟!– إيفان الفلسطيني

• دائماً هناك متسع للجوء وإلى مخيم جديد، تشرّد جديد ولنكبة جديدة، ولمن يصفق خلفك بوجهٍ ساخر: لاجئ لاجئلاجئ– إيفان الفلسطيني

• الوطن حيث تكون فضيلة الحياة– إيفان الفلسطيني

وكان مروان عبد العال قد تسلّم جائزة القدس للثقافة والإبداع الأسبوع الماضي تزامناً مع إحياء ذكرى النكبة وزيارة اللجنة الوطنية للقدس عاصمة دائمة للثقافة العربية للعاصمة اللبنانية بيروت، فقال: "أن تكون القدس عاصمة دائمة للثقافة العربية فهو انجاز مهم ومعنوي يحفظ مكانتها في المشهد الثقافي والحدث الثقافي بل في حفظ مكانتها في نطاق الاستراتيجية الثقافية، وهذا يسهم في حماية هويتها ومقاومة سرقة التاريخ وطمسه وتزويره وعبرنته، وعندما تكون القدس اصل الصراع ومحوره تصبح معركة الوعي الذي تقودها الثقافة اولا من روح فلسطين لتعبر عن انتماء لا ينفك يبتعد ويغترب.

ومن ثم من مساحتها الابعد، اينما وجد كل مثقف لا يبرر ثقافته دون عاصمة السماء والروح والوطن.. النقص هو ان هذا كله لا يكفي؟ هل حقاً هي محور للصراع؟؟اين مكانتها في استراتيجية الصراع؟ هل نمتلك استراتيجية ثقافية وطنية بمكانتها ومساحتها! الاجابة تحتاج لتخصيص وقت وزمن وشحذ همم وادوات وعقول وهنا يمكن البناء...دور كبير ملقى على عاتق هيئات القدس المقيمة فيها اولا كما المؤازرة لها، وفي مقدمتها المؤتمر الشعبي واللجنة الوطنية وغيرها..

جائزة القدس للثقافة والإبداع لعام 2016 تم إعلان الفائزين بها في تشرين الثاني الماضي، حيث استحقها مروان عبد العال وأحمد قعبور وأنيسة درويش، واستحق الجائزة التقديرية خليل حسون ورشدي الماضي وعبد الفتاح القلقيلي وشفيق حبيب، كما استحدثت جائزة عثمان أبو غربية للإبداع المقاوم واستحقها الأديب الدكتور المتوكل طه.

وفي حفل التسليم قال مروان عبد العال: "النكبة ضدي شخصياً، منذ أن وقعت عام ١٩٤٨م وهي يوم بشع، ولكنها اليوم تمتزج بلحظة جميلة، لعلها دعوة كي نقاتل البشاعة ولكن بسلاح الجمال.

إن منحي لجائزة القدس هي اضاءة على وجه المخيم الجميل والحقيقي، ضد التشويه والمزيف والقبيح... لذلك هي وسام على صدر المخيم، وصدر الفلسطيني البسيط والفقير والطيب والمقاتل والصابر والعائد الى حيفا.. المخيم الذي أنجب ناجي وبطله حنظلة وغسان كنفاني وابطال رواياته، الذين نعرفهم..

جائزة القدس للثقافة والإبداع هي جائزة الابداع ولأن الفلسطيني في كل مناسبة له حصة من الابداع، اليوم وبهذه اللحظة هو المبدع الاكبر، من يستحق المجد هم الاسرى الابطال في سجون النازية الصهيونية، هؤلاء صورة فلسطين الحقيقية، فلسطين الكاملة وليست الناقصة، فلسطين المكتوبة في ذاكرتنا وضمائرنا واحلامنا ومرسومة في تجاويف قلبنا، انها تشبه جوع الاسرى للحرية، كل بطل من الاسرى هو الذي يستحق أثمن وأغلىدرع، لأنه عنوان الحرية والبطولة..

أشكركم واتمنى ان اكون بحجم هذا الحس العميق والجميل والكلمات الكبيرة التي اغدقتموها علي واتمنى ان استحقها، مع درع القدس الذي هو امانة غالية وثقيلة على اكتافنا ومن الاخ اللواء بلال النتشة رئيس المؤتمر الوطني الشعبي للقدس ومعه حضرت روح الصديق الشهيد اللواء عثمان ابو غربية رحمه الله. وتحية لكل الاصدقاء العاملين معه والشكر لوزير الثقافة الفلسطيني المثقف الحاضر من الحقل الثقافي وعلى ما قال شاعرنا محمود درويش: "ما أكبر الفكرة ما أصغر الدولة"، حيث نعتبر حدود فلسطين اين تصل حدود مثقفيها واحلام مناضليها.. الذي يؤمن ونحن معه بالرؤية الثقافية والمؤسسة الثقافية التي تجتمع فيها فلسطين الكاملة.

والشكر الى حضرة السفير الصديق أشرف دبور على كلماته الطيبة، ولكل فرد فيكم شاركنا اللحظة واقول لكم افتخر أنى معكم واني اناضل بينكم وأنتم الجائزة الاكبر، التي انالها حين تنتصر الرواية وينتصر ابطالها.. تعود فلسطين التي تستحق الحرية. كنت اكتب على الهواء ومن ثم اقوم بمحي ما كتبت.. لم أكن اعرف ان الكلمات ستسافر في المدى وتعبر القلوب والحدود..

ونرفق هنا نص "في النكبة تحترق أصابعي كي تكتبك" لمروان عبد العال:

يمتدّ فيك البعيد لأقترب أنا، وفي النكبة تحترق أصابعي كي تكتبك. أحسد صوتي العائد بصوتك وهو يناديني: عد إلى همسك الأسطوريّ، عد إلى آهات تاريخك، إلى قمر يقطر من نهد الليل كي يرضعك. لتكللني بالصّلاة وتحرقني بالياسمين، في بحر من الرّغبة.

عد إليّ ولتقل الريح ما تشاء.

أنت يا فلسطين دمعة، تمتدّ فيك نكبتي. بل أنت طعنة تلد توأمين.

أنت وشقائي. طعنة أني لم أولد قبل النّكبة، كي أنتشي بمعنى البقاء، الذي لم يكتشف يومًا نفسه في قاموس الفراق، وطعنة أنّي ولدت بعدها، على فراق ما عرف يومًا معنى اللقاء.

أولد تحت صقيع بعيد كي أكون أنتِ، نصف رئة تتنفس هوائك، وتنتشي بأريج البراري في خوابي القرى المهجورة، حزينة لغيابي أسمع نحيبها وهي تنصت إلى وقع خطاي تدبّ في تلالها وهمس قديم يداعب أعشابها. حيث كان والدي يلعب طفلاً هناك، وروح سلالتي التي انجبتني كفرح مليئًا بشموخ الرّوح والتي تغرّد حولك، تتسلّل خيوطاً من نور خلف ستائر نافذتك، أنتظر بصيصها كلّ صباح، حتى أدخل معها إليك، متدثرًا في شعاع الشمس، حينما ترمي ببعض عطشها المسافر على وسادتك

هل رأيت شكل الشمس وهي تذوب من العطش؟

حدث يوماُ، منذ قدر من النّكبة، يوم واقعة الاقتلاع التي ما صدّقنا أنّها ستدوم ستون عاماً وعام..

لم نعد نرى الشمس وهي تلتحم بينبوعها في أفق بحريّ يداعب عيون عكّا. ورمل ساخن يقطر دمعاً على أسوارها.

هي أنا يا أنت. شامخة منذ النكبة على مفارق الصّبر وترهن المساء لكأسها الباردة، تتكئ على أعمدة الدخان الصّاعدة من رئتيّ حتّى التعبد.

هل وصلتك أخباري؟ ما أحدثه سكّين النّكبة في جسدي، تمزقني على موائد الدّول الرحيمة واللئيمة وتحولني لقطع من دم ولحم، وتبقين أنت وحدك حلمي.

هل رأيت ما فعلته قساوة الغياب في وجهي؟

الهزيمة العالقة كندبة على جبيني، دمغة النكبة التي تطارد وجنتاي كي لا تبتسم، حتى لا يعود وجهي يشبهها. ولكنّي مازلت على الوعد أزحف على رؤوس العواصم ولا تقطفني شوارعها، حتى أمحو أثر النّهار عن تضاريس جسدك وأغسل أقدامك عند كل حدود ومطار وحاجز وجدار ومركز تموين وهيئة إغاثة.

وعدك القدسيّ أن نلتقي في مركزنا الروحي يوماً، حيث تدورالأرض وتنطق بسلامها وتستعيد شجرة "السدرة" هيبتها وتزغرد وريقات الحنون، تبوح بسرها في قطعة سقطت من فردوس السّماء كي تستقر في الجليل، وحتى تلك اللحظة ستبقى مخيماتنا متكئة على كتف الذاكرة والحلم.. كلّما تمرّ سحابة تطلق أغاني الجفرا والدلعونا وظريف الطول.

ستحمل إليك مطراً من أحلامي وإن سقط على ثيابك لعاب السّماء أكون قد بللت الجفاف وغسلت أغبرة الشّوارع.

فرس جدّي الأبيض ينام خاشعًا هناك، قرب طاحونة البلدة، يستريح من تعب اللجوء عند حافّة الليل. وحكاياته تدغدغ الغفوات وتضرب عري الجرن مدقّّة، لتحيل عظامي مرهماً وتدهن وجه القمر. قمر فلسطين الذي يتمرّغ برملي السّاخن يغسل وجه الليل ويسرق من غابات روحها سرها الكرملي.

يعلن النهر هيجانه الوحشي ويستفيق على وقع شهوته الخضراء، وكلّما سقطت من جسدي قطعة ستولد لك زهرة تفيح بأريج البرتقال وذراع النّجم إن التوى سيكون صدرها حتى الرّكوع يفيض بطعم يحتوي مرارة السؤال!

سؤال متى نعود إلى فلسطين ؟ وهي تصرخ من أعماقها كي ندعها تعود هي إلينا وفينا، تتجدّد داخلنا ذاكرة وحلم وقضيّة. تذكّرنا كلّ يوم أن الجهل والتخّلف والتّعصب أيضًا نكبة وأنّ الخنوع نكبة وأن الذلّ والنسيان والانقسام والتمزق أيضًا نكبة.

تدعونا كي نستحقها حتّى تستحقنا. أن نكون عشّاقها حتّى الدّم، يهون أمام جلالها أي هوى ونزوة ومصلحة ومنصب ومنفعة.

هنا وهناك، هكذا هم أبناؤك، أولاد التراب وحفيف الأوراق، ننشد حضنك هروباً من ريح باردة. تعصف بإحساسنا على مدار النّكبة. تزفّك على وهج الغياب نحو حضن يقيّدنا إلى الأبد.

حرارة الأنفاس تمسّني كتيار من عشق يدخل الأوردة يبحث عن مجراه، يفيض بماء الحياة . كي يقاوم الموت الفاغر الفاه على أبواب مدارس غزة.

أنتِ فلسطين، أمّي التي أنجبتني من عهد الحكايات القديمة، ترقص على طرف شفرة،وتبحر بالسكين.

أنت حبيبتي الكنعانية تمارس السّحجة في ضوء الشّهب وتفتح صدري لبيادرالقمح، وتصنع من زفة العرس أرغفة. تجوب المخيمات، بشتى الأنواع ومن الطراز القديم والحديث والمعدّل والمحسّن ولكنّها حافية في الشوارع، تنهشها أنياب البؤس وهي تحمل شالها الفلسطينيّ درعاً من الذكرى التي تأبى النسيان.

* الحدث - حاورته/ نداء عوينه

تعليقات: