التخطيطُ للتقاعد... بوسائل عدّة




التقاعد أحد أبرز المراحل في عمر الإنسان التي تفرض عليه التعامل مع متغيّرات كثيرة سواء مادية أو اجتماعية أو نفسية أو صحية. وقد لا يكون بمقدور الإنسان التنبؤ بالمستقبل، لكنّه حتماً قادر على التخطيط والاستعداد له. فالتقاعد أمرٌ أساسيٌّ، والتحضير له يستند إلى تحديد الإمكانات الحالية والتخطيط للمستقبل، عبر خطط ادّخار أو استثمار تسمح للمستفيد بتأمين مبالغ مالية تؤمّن له استقراراً مالياً واجتماعياً عندما يتقاعد

كيف تخطّط للتقاعد؟

قد يكون من الصعب تصوّر كيف تريد أن تحيا مرحلة التقاعد وما الذي تريد القيام به خلالها. لكن يبقى بالإمكان وضع لمحة تقريبية عن الحياة التي تطمح لعيشها، وذلك وفقاً لوضعك الاجتماعي، لشخصيتك، نمط حياتك، هواياتك...

أهمية تحديد الأهداف المستقبلية تكمن في أنها البوصلة التي تساعدك على التخطيط لتقاعدك بشكل سليم بعيداً عن العشوائية. فعلى سبيل المثال يشير الخبراء إلى أنّ المتقاعد يحتاج إلى 70% على الأقل من مدخوله قبل التقاعد ليتمكّن من الحفاظ على نمط الحياة عينه. بالتالي فإن تحديد الأهداف يؤثر على قرارك في تأمين المبالغ المالية التي تحتاج إليها عند التقاعد، ويمكن الحصول عليها بالوسائل التالية:

1 - الادّخار

يعتبر الادّخار صمام أمان للمستقبل، وبمثابة قرشك الأبيض ليومك الأسود. والادّخار هو اجتزاء قسم من المعاش الشهري لتوفيره في حساب خاص لدى المصرف أو ضمن برنامج معيّن لدى شركة التأمين. فوائد الادّخار متعدّدة ومنها طبعاً تحصينك في عمر التقاعد. وبشكل عام هناك حسابان ادّخار محدّدان يقدمهما المصرف:

- حساب الوديعة غب الطلب:

يُعرف هذا الحساب بحساب التوفير، وهو مناسب في حال كنت تملك مبلغاً من المال لست في حاجة إلى استخدامه ويمكنك وضعه جانباً.

- حساب الوديعة لأجل:

ينشأ هذا الحساب لمدّة معيّنة ولا يمكن سحبه إلا عند انتهاء هذه المدة تحت طائلة دفع مبلغ جزائي. لذلك فمن يفتح حساب وديعة لأجل يملك مالاً يدرك جيداً أنه لن يُضطر لاستخدامه، فيفضّل أن يستفيد من الفوائد العالية التي يوفرها. وبالتالي من المهم أن تقدّر قيمة المبلغ الذي تريد ادّخاره في هذا الحساب.

2- الحدّ من المصاريف

كلما اقتربت من سن التقاعد يصبح من الضروري أن تتحكم أكثر بمصروفك وخاصّة بالأمور التي لا تحتلّ الأولوية وتعتبر من الكماليات. لذلك حاول ضبط نفقاتك قدر المستطاع، فالمبلغ المالي الذي قد تجده بسيطاً ومن دون أهمية تُذكر في مرحلة معيّنة قد يشكّل فارقاً كبيراً في مرحلة التقاعد.

3- التخلّص من الديون

اسع لأن تدخل سن التقاعد وأنت غير مديون كي لا تستنزف تعويض نهاية خدمتك، أو راتبك التقاعدي في حال كنت موظف قطاع عام. ويُنصح في حال كانت لديك موجبات مالية متعدّدة أن تبدأ بتسديد الديون الأكبر حجماً أولاً.

4- الاستثمار

من المهم أن تحاول تأمين مصادر دخل إضافية خلال مرحلة التقاعد. لذلك لا تتردّد في الاستثمار وتنويع محفظة استثماراتك سواء في سوق الأوراق المالية، أسهم بعض الشركات الناجحة، العقارات وغيرها. لكن لا تتصرّف بتهوّر، وادرس جيداً خياراتك قبل الإقدام على أيّ استثمار.

5- بيع أو إيجار المنزل

يمكن أن يكون منزلك وسيلة دخل إضافية لا تهملها. في حال كان المنزل كبيراً جداً عليك ولم يعد أولادك يسكنون معك مثلاً، يمكنك بيع المنزل وشراء منزل أصغر وأرخص سعراً يناسبك وقد يكون مريحاً أكثر مع تقدمك في العمر تقوم بادّخار المبلغ الفائض. كما بإمكانك التفكير بإيجار منزلك بمبلغ معيّن والبحث عن منزل آخر إيجاره أقل.

إذا كان التخطيط للتقاعد همّاً يجب أن يشغل بال كلّ إنسان حول العالم، فللبناني أسباب كثيرة تدفعه إلى إيلاء موضوع التقاعد أولوية قصوى، وذلك في ظلّ عدم وجود نظام حماية اجتماعية متكامل يؤمّن بشكل أساسي تعويض نهاية خدمة و/أو معاشاً تقاعدياً.

طبعاً، كثر يستفيدون من أنظمة حماية تابعة للشركات التي يزاولون العمل فيها، ومن هذه الأنظمة تغطيات عند التقاعد ومعاش تقاعدي. وبعض المهن الحرّة المنضوية ضمن نقابات أيضاً يستفيد أعضاؤها من حماية بعد التقاعد. إلا أن عدم وجود ضمان للشيخوخة بشكل عام، والمساوئ الكثيرة لنظام تعويض نهاية الخدمة وفقدان مضمون التغطية الصحية عند التقاعد، كلّها عوامل توجب التفكير جدياً في الوسائل البديلة التي تكفل المواطن عندما يصبح غير قادر على العمل.

تعليقات: