لغتنا ولغة الحمير

الفنعصة واللبيط هي البديل
الفنعصة واللبيط هي البديل


بتنا الآن بحاجة ماسة الى معاهد لنتعلّم فيها لغة الحمير.. وللأسف ان تكون هذه اللغة هي اللغة المتداولة والأكثر استعمالا الآن عندنا في لبنان.

لغة القدح والذم والاكراه والشتيمة والتجريح والتخوين والعربدة.. انها لغة الشهيق والنهيق. هذا النهيق السياسي الذي سوف يدمّر كل اللغات الوفاقية. هذه اللغة الجديدة التي استبدلها سياسيونا بلغة الحب والتسامح، لغة الالفة والصفاء والعيش المشترك. لغة جبران وايليا ابو ماضي وميخائيل نعيمة، بل لغة وفلسفة كمال جنبلاط وعبقرية وعظمة حسن كامل الصباح. هؤلاء بعض رجالاتنا العظام وأمثالهم الذين نهلنا من معينهم وتربى أولادنا على لغتهم بكل ما تحمله من معان انسانية. أمثال هؤلاء الذين أوصلوا لبناننا الجميل قديما الى ما يطمح اليه كل مرهف الاحساس، وكل متذوق للجمال والحرية، وجعلوا منه محجا ومزارا لكل مصطاف ينشد الامان والاستجمام...

وتدور السياسة دورتها فنجدها اليوم سياسة حمّارية اذا استفحلت وتشبّث بها من ينصّبون أنفسهم رموزا للطوائف والاحزاب ستعيد هذا البلد الجميل أزمانا الى الوراء والى ما هو أبعد من عالم الحمير.. هذه المواقف المتشنجة التي يرفضها ويعافها المواطن، هذه اللغة التي استجدت على ألسنة السياسيين في لبنان، وهذا العداء الذي لا حدود له، وهذا الاستسلام المخزي والمزري للآخرين وللأجنبي، وهذا الانقسام الخطر في وطن انتُزع منه قراره، كل ذلك لا يمكن ان يُنتج إلا في بيئات هي أقرب الى بيئات تسودها المعالف والاسطبلات، وليست بيئات شعب لبنان الذي لم يكن يجيد من اللغات سوى لغة الشعر والأدب والموسيقى والاغنية الحلوة، فلا قدّر الله ان تكون «الفنعصة» السياسية و«اللبيط» بديلا من صوت وديع الصافي الذي تترنح الجبال طربا وعشقا له.

لم يعد لبنان بلد الوئام والعيش المشترك، كلا، لم يعد لبنان جنات عا مدّ النظر، لبنان اليوم هو بلد الخوف على المصير، والخوف من العرقنة، بلد المخاطر الأمنية، بلد الويلات، بلد الفقر المدقع. لبنان اليوم تنعق فيه الغربان وتنهق فيه الحمير وتنقّ فيه الضفادع.

أيها اللبنانيون العاجزون عن استيعاب أسباب أزمتكم، أيها العاجزون عن ابتداع مخارج حلها، أيها اللبنانيون: من يشوّه العلاقة بينكم، وفي أي زمن تعيشون اليوم؟!! عودوا الى اصالتكم، الى وحدتكم وانسانيتكم قبل ان تعصف بكم العواصف فربما يأتي يوم تعون فيه تفاهة هذه اللغة الحمّأرية!

* خيامي

تعليقات: