«التلّي» يتمسك بالانتقال إلى تركيا جواً


بقيت الاتصالات حول آلية تنفيذ اتفاق جرود عرسال، طيّ الكتمان لضمان سلامة تنفيذ بنوده، في ظل سريان وقف النار بين حزب الله و جبهة النصرة، وتولى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بالتنسيق مع الجهات الأمنية في سورية استكمال الترتيبات اللوجستية لترجمته عملياً. وترجّح مصادر مواكبة أنها باتت في مراحلها الأخيرة. فيما تشير المعلومات الى أن عملية إعداد قوائم بأسماء الراغبين في الانتقال الى إدلب من المسلحين والمدنيين مستمرة، في موازاة تجهيز وسائل النقل التي سيتم استخدامها والطرق التي ستسلكها للانتقال من لبنان الى سورية.

وعلمت «الحياة» من مصادر معنية بالتنفيذ أن الاتفاق يقضي بأن يتم انتقال المسلحين التابعين لـ «النصرة» وعائلات النازحين، على 5 دفعات وأنه مقابل كل دفعة يتم الإفراج عن واحد من الأسرى الخمسة لحزب الله لدى النصرة. وأوضحت المصادر أن 2 من الأسرى جريحان، كانا تعرضا لإصابات بليغة في معارك في سورية. كما يشمل التبادل الجثث الثلاث لعناصر الحزب الذين قضوا بانفجار لغم لهم الأسبوع الماضي في المعركة الأخيرة في جرود عرسال.

وذكرت المصادر لـ «الحياة» أن المفاوضات لم تكن حسمت حتى قبل ظهر أمس، الموقف من مطلب مسؤول «النصرة» في القلمون أبو مالك التلي وإصراره على أن ينتقل إلى تركيا إذ إنه يرفض الانتقال براً كسائر عناصر «النصرة»، وأن اللواء ابراهيم يتابع هذه المسألة. وكان هذا المطلب طرح خلال المفاوضات قبل وقف النار، وتردد في حينه أنه ينوي الانتقال جواً (من لبنان) إلى تركيا ومنها إلى إدلب.

وقال مصدر عسكري لـ «الحياة» إن «عدد النازحين السوريين داخل بلدة عرسال الراغبين في الانتقال إلى إدلب بلغ 6 آلاف و100 نازح وأن عدد النازحين السوريين خارج عرسال (وادي حميد والملاهي) الراغبين في العودة إلى الرحيبة في القلمون بلغ 3500 نازح»، مؤكداً أن «توقيت رحلة العودة يتطلّب وقتاً لم يحدد بعد، لأنها تترافق مع عمل لوجستي وإجراءات تقنيّة تتطلب جهوداً وتنسيقاً بين الجيش اللبناني والأمن العام والنازحين لجهة مكان تجمّعهم وانطلاقهم والطريق الذي سيسلكونه إذا كان معبّداً أو وعراً». لكنه أكد أن «الأمور سالكة وتتطوّر إيجاباً».

وعن تولّي الجيش عملية إخراج «داعش» من جرود القاع ورأس بعلبك، كشف المصدر العسكري لـ «الحياة» أن «توقيت المعركة يحدده المسار الميداني بانتظار انتهاء كل تجهيزات الجيش المطلوبة ولا يمكن أحداً أن يدفعنا إليها». وقال: «ليس لدى الجيش ساعة صفر للبدء بها ولا حتى توقيت محدّد لنهايتها إذا بدأت مع تنظيم إرهابي يملك تجهيزات متطورة ومواقع محصّنة ومغاور كبيرة تضاهي مساحتها تلك التي كان مسلّحو «النصرة» يسيطرون عليها في جرود عرسال»، كاشفاً أن «عناصر تنظيم داعش الإرهابي (حوالى 750 مسلحاً) ينتشرون على مساحة 190 كلم2 ضمن الأراضي اللبنانية». وأشار إلى أن «أقرب مركز لمسلحي داعش يبعد من مراكز الجيش في جرود رأس بعلبك نحو كيلومتر واحد».

وقال: «لا يقارننا أحد في المعركة التي سنخوضها ضدّ هذا التنظيم الخطير بالمعركة التي خاضها «حزب الله» ضد مسلّحي «النصرة» في جرود عرسال، فالمعركة ضد داعش ليست سهلة ولن تنتهي خلال 48 ساعة أو 72 ساعة كما يُقال». وأضاف: «لا أحد يستسهلها… هم اليوم يحضّرون أنفسهم لهذه المعركة وسبل التفاوض معهم مقطوعة، وأصلاً الجيش لم يطلب ذلك». وكشف المصدر نفسه لـ «الحياة» أن «هناك مسلكين باتجاه سورية ما زالا مفتوحين يسمحان لداعش بالمناورة بسهولة هما معبرا مرطبيا والدكانة، ما يصعّب على الجيش اللبناني المهمّة».

وأفاد مصدر من «اتحاد جمعيات الإغاثة» «الحياة» عن بدء عودة جزء من العائلات التي نزحت من وادي حميد إلى عرسال، إلى وادي حميد مجدداً تمهيداً للانتقال عبر الباصات إلى الداخل السوري وأن عدد الذين سجلوا أسماءهم في ارتفاع مضطرد وبلغوا حوالى عشرة آلاف شخص وسط حال أخذ ورد وتردد وتجاذب حتى بين أفراد العائلة الواحدة. ودخلت أمس 14 عائلة إلى وادي حميد لغاية الثالثة ظهراً.

الى ذلك، نظم «حزب الله» أمس جولة لعدد كبير من وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية، في جرود عرسال، شرح فيها قادة عمليات «الحزب» للإعلاميين، تفاصيل المعركة وتنقلوا معهم بين تلال ومواقع وتحصينات «النصرة». وقالوا: «دحرناها من كامل الجرود وحصرناهم بمساحة تقدر بنحو 5 كيلومترات مربعة شرق عرسال»، وأكد «حزب الله» أن «معارك الجرود امتداد لمعارك بدأتها المقاومة في القصير عام 2013».

وأشار أحد القادة الميدانيين إلى «أننا التحمنا مع العدو من مسافات قريبة جداً وقاتلنا رجلاً لرجل وواجهنا انغماسييهم في أكثر من مكان وقضينا عليهم»، وقال: «قاتلنا في طبيعة جغرافية صعبة جداً، وكسرنا خطوط دفاعهم، ونفذنا مناورات قتالية هجومية خلف خطوطهم»، وأكد أن «وجود المدنيين في الملاهي والمخيم سبب محدودية في مناوراتنا القتالية، ولم نستفد من مميزات الأسلحة وقدراتنا النارية». وقال: «أقفلنا كل غرف العمليات القتالية، ولم يتبق لهم سوى غرفة واحدة كما فجرنا أكثر من سيارة مفخخة واكتشفنا عدة مخارط لتصنيع العبوات والصواريخ، احتوت على أطنان من المواد المتفجرة».

* المصدر: الحياة

تعليقات: