الطبخ المنزلي.. صحة جسدية وعلاج نفسي للأطفال


غيّرت وتيرة الأيام العمليّة والسريعة، من نمط حياتنا اليومية بأدقّ تفاصيلها، وأثّرت على طريقة إختيار مأكولاتنا، التي عكست تداعياتها بالتالي على صحتنا. فعرّضت أجسامنا لشتّى أنواع أمراض القلب، ألسكري وإنسداد الشرايين. جرّاء هذا الواقع، أطلقت بعض الدول الأوروبية دعوة تحفيزية للطبخ المنزلي الصحي والسليم، لفوائده الصحية، النفسية والإقتصادية، لمختلف الأعمار وخصوصاً للأطفال الذين يعانون من مشاكل نفسيّة وصعوبات في الأكل.

المتخصّصون في مجال التغذية في لبنان، يدعمون تلك المبادرة ويشجّعون في حديث لـ greenarea على دعم الطعام المنزلي لما يحتوي من مواد غذائية تحمي الجسم من مختلف أنواع الأمراض، فيقدّمون نصائح متعددة في هذا المجال.

تابت: أهمية مشاركة الطفل في طهو الطعام

المتخصّصة في مجال التغذية باسكال تابت، تشدّد على ضرورة التركيز على الحملة الصحية لتشجيع الطبخ المنزلي، لما له من تأثيرات إيجابية في علاج سوء التغذية عند الطفل،فضلاً عن الحد من تداعيات إستهلاك الوجبات السريعة بشكل كبير. فتقول: ” أهم ما يجب القيام به بالدرجة الأولى، هو إقناع الناس بأهمية الطبخ المنزلي وصحّته، لأن اختيارنا لمكوّنات الطبخة يكون صحياً من الأساس. فمعرفتنا بمصادر اللحوم أو الدجاج، وطريقة غسل وطهي الخضار، إضافة إلى استعمال المقادير اللازمة، أمور تجعل طعامنا أكثر أماناً وفائدة من أكل بعض المطاعم”.

فضلاً عن الثقة بطعامنا، فإن للطبخ المنزلي إنعكاسات إيجابية إجتماعية ونفسية على الأطفال، فتؤكّد تابت، أن مشاركة الاطفال في عملية تحضير الطعام، تعزّز لديهم الروابط العائلية. بالتالي فإن تناول هذا الطعام معاً على طاولة واحدة تجمع أفراد العائلة، يعزّز لدى الطفل الشعور بالفرح الداخلي والمتعة النفسية، ويعكس الجو الإيجابي في المنزل.

نتيجة لذلك، تشجّع تابت الأمهات على تخصيص الوقت لهذه الغاية للإفادة الجسدية والنفسية للطفل والعائلة، بعيداً من تعوّد الأطفال على سهولة “الديليفري” وإستهلاك الوجبات السريعة المضرّة.

لا يختلف إثنان على أن تناول الطعام من المطاعم فيه من الكلفة المادية ما يشكّل مصروفاً أساسياً للبعض، بالتالي، تشدّد تابت في هذا الإطار على أن الطبخ المنزلي يساهم في الحد من هذه الكلفة، فضلاً عن إمكانية تناول الطعام المجهّز منزلياً ليومين متتاليين إذا فاضت الكميّة المطبوخة.

صايغ: خطر البدانة والكوليسترول المتخصصة في التغذية

الدكتورة نيكول صايغ، تشارك تابت رأيها في أهمية إختيار مكوّنات الطعام المنزلي لأن طعام المطاعم قد يحتوي على مواد حافظة تزيد من أمراض القلب وإنسداد الشرايين، إضافة إلى تشجيعها مبادرة الطبخ المشترك بين الأم والأطفال. وتركّز في المقابل على سلبيات إستهلاك الوجبات السريعة، فتقول لـ greenarea: ” إذا تعوّد الطفل على تناول الوجيات السريعة، فهو بذلك يعرّض نفسه للبدانة، الكوليسترول ومرض السكري، في عمر مبكرجداً”.

وإذ تتأسّف لتسليم بعض الامهات عملية الطهو للعاملات المنزليات، اللواتي لا تعرفن طريقة الطبخ الصحي، تشير إلى ضرورة تخصيص الأم العاملة متسعاً من الوقت للقيام بتحضير الطبخ المنزلي الذي يحمي أطفالها من شتّى أنواع الأمراض.

فتى : سر الإدمان على الوجبات السريعة

يتشارك المتخصّصون في مجال التغذية على أن الطعام المحضّر منزلياً هو الأكثر صحة وتشير ميرنا فتى إلى ضرورة التشجيع عليه نسبة لوحداته الحرارية القليلة وكمية الملح المدروسة واحتوائه على المعادن والفيامينات الغذائية الضرورية.

فتقول لـ Greenarea: ” المواد الحافظة التي تحتويها الأطعمة الجاهزة قد تؤدي إلى السرطان، ورغم أن الطعام المحضّر منزلياً هو الأفضل، إلا انه يجب التنبّه من عدم إمكانية تسخين وجبة الطعام أكثر من مرتين كحد أقصى، شرط أن تكون محفوظة في البراد.

فإن بقاء الطعام خارج البراد، يعرّضه للحرارة المرتفعة، ويساهم في زيادة نسبة الباكتيريا، الأمر الذي قد يلحق الأذى بمن يتناوله”. الأمر الأساسي الذي تركّز عليه فتى، هو سبب إدمان الاطفال على الوجبات السريعة، وإذ شجّعت الأمهات على الطبخ المنزلي أولاً ومكافأة أولادهنّ بتناول الطعام معاً داخل المنزل وليس خارجه، تقول: ” لا يجب تشجيع الأطفال على تناول الوجبات السريعة، لأنهم سيدمنون عليها بطريقة غير مباشرة.

فقد أظهرت ألدراسات العلمية، أن تعوّد الطفل على تناول الوجبات السريعة، يؤدي إلى فرز غدده هورمون السيروتونين الذي يشعره بالرغبة الدائمة لتناول الأطعمة الدسمة المحتوية على الكثير من الملح والدهون والسكريات”.

حنا: المشاركة .. علاج نفسي إضافة إلى الفوائد الجسدية للطعام المحضّر منزلياً، ترتكز المتخصصة في علم النفس والإجتماع سمر حنا على مقولة ” إن التشديد على المشاركة، ثم المشاركة بين الولد وأهله، علاج نفسي” لتقول لـ Greenarea:” بمجرّد أن يشارك الولد مع أهله في أي عمل يقومون به، فهم يزرعون فيه الراحة النفسية والسعادة الداخلية، فضلاً عن الشعور بالأمان والإطمئنان، مهما اختلفت المجالات، ومنها تحضير الطعام والأكل سوياً. الامر الذي يحسّن من مزاجه ونفسيته ويفتح شهيته على الأكل”.

* المصدر: greenarea

تعليقات: