حسين حمزة نذر نفسه لرعاية الكلاب الشاردة والمعنّفة


نذر نفسه وحياته لرعاية الكلاب الشاردة والضالّة والمنبوذة، واتخذ من مكان عام مناسب وآمن ولائق لا يفيد أحداً، يمتدّ من تحت جسر مثلث مستديرة الزهراني بين #صيدا وصور والنبطية نحو قطعة أرض قبالة التابلاين، وجعله ملجأً ومأوىً ومحمية طبيعية لتجميع الكلاب وإطعامها وتدجينها وترويضها ورعايتها ومداواتها، بطريقة فيها الكثير من الحبّ والحنان لا تختلف كثيراً عن رعاية أيّ أمّ أو أب لأولادهما.

"النهار" تفقّدت المكان واطلعت عليه. تستقبلك على مدخل المحمية، بضعة كلاب تستظلّ تحت جدران جسر الزهراني من دون أن أيّ هلع أو خوف، باستثناء كلب واحد لا يزال شرساً وطبعه حادّ، وبمجرّد النظر إليه يكشّر عن أنيابه تمّ ربطه بجنزير ووضع ضمن صندوق خشبي. وفي مكان آخر كلاب مريضة وشبه عاجزة، مصابة بجروح وكسور في جسمها بسبب حوادث مختلفة ومتنوّعة، ناجمة إما من حالات وحوادث طارئة وإما عابرة وإما من حوادث حصلت عمداً عبر إطلاق النار عليها أو ضربها وتعنيفها بقوّة، وكان أبشعها أحد الكلاب بدا وجهه ورأسه مشوّهين نتيجة رمي كمية من الأسيد عليه.

بعد ذلك تجد الناشط في مجال الرفق بالحيوان، المسؤول والمشرف على كل أعمال مأوى ومحميّة الكلاب حسين حمزة جالساً تحت خيمة من القش تحوط به مجموعة من الكلاب الأليفة والمرحّبة بكل زائر. وداخل ثلاث سيارات رابيد يملكها حمزة في أعماله تتخذ بعض الكلاب منها مكاناً للنوم والراحة.

يقول حمزة لـ "النهار" بكل صراحة وصدق، أنا شخصياً نمت لديّ الإنسانية أثناء وجودي في أوروبا وخصوصاً في ألمانيا، وتولّد عندي إيمان كبير وقناعة راسخة بأن رعاية الحيوانات وخصوصاً الكلاب والقطط والطيور وما شابه انطلقت من إيماني بالله وبنهج الإمام علي، وأنا على يقين أنّ شعوب الدول الأوروبية تطبّق في حياتها وممارساتها وأعمالها الإنسانية الكثير من مبادئنا وتعاليمنا الإسلامية السامية والسمحاء أكثر بكثير ممن هم مؤتمنون على هذه التعاليم، وإلا فكيف يجوز لأي شخص أو حتى لرجل دين أن يقدم أو يفتي بقتل كلب عمداً، رمياً بالرصاص أو بتسميمه بمجرد عدّه نجساً، بينما هو في الحقيقة من خلق الله.

ويضيف حمزة: "بعد عودتي من ألمانيا قبل أكثر من عشر سنوات، بدأت العمل على رعاية الحيوانات وخصوصاً الكلاب والقطط، فضلاً عن الطيور والعصافير. وتزايد هذا الاهتمام إلى جانب عملي الخاصّ في الخيم الزراعية خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز عام 2006، حيث آويت في منزلي في بلدة زفتا – #النبطية العديد من القطط والكلاب الشاردة المنسيّة أو الهاربة من جحيم القصف والنار، وبعد فترة وبمساعدة وتوجيه النائب علي عسيران، عملت على إيواء ورعاية نحو 50 كلباً وكلبة في أرض تابعة له.

ومنذ نحو سنة بدأت برعاية هذا المكان عند مثلث مستديرة الزهراني، بعدما كانت تديره وتشرف عليه سيدة جنوبية لأعمال التجارة فقط وتخلّت عنه لأسباب خاصّة بها، ما جعل الكلاب الموجودة عرضة للموت والتشرّد من جديد والقتل. واتخذت قراراً برعايته وحمايته ورعايته وتطويره لا بهدف الربح أو الخسارة وإنما فقط انطلاقاً من إيماني وقناعتي بأهمية الرفق بالحيوانات. وهنا لا بدّ لي من توجيه الشكر إلى رئيس بلدية الغازية الحاج محمد سميح غدار، الذي قدم بعض المساعدات اللازمة لوجود الكلاب ونومها بشكل هادئ وطبيعي، كما وافق على مشروعي وعلى توسعة مكان المحميّة ضمن أملاك لا يستفيد منها أحد.

وتمنّى حمزة على الناشطين في مجال الرفق بالحيوان مساعدته في بعض الأعمال المتعلّقة بتنظيف المكان أو من خلال توفير الأدوية أو الأطعمة اللازمة والمناسبة لأكثر من مئة كلب وكلبة موجودة في المحمية. ويرى أن خصي الكلاب بشكل منظّم هو مسألة ضرورية للحدّ من انتشارها وتكاثرها، كما يؤمن بعرضها للتبنّي من دون أي مقابل، إلا إذا رغب الشخص بأي مساعدة. ويرى أنّ من الضروري إعطاء اسم خاصّ لكل كلب، وتوفير الوقت اللازم للمشي والجلوس مع الكلب ومداعبته برفق وحب، وهي صفات موجودة أساساً في طبع كل كلب أو حيوان أليف. كذلك يرى أنّ أيّ حيوان مهما كان شرساً أو عنيفاً، عندما توفر له الطعام والمياه سيتحوّل إلى صديق ولن يشكل أيّ خطر عليك.

وقال رئيس بلدية الغازية محمد غدار لـ "النهار": "درجت العادة في بعض القرى والمناطق اللبنانية أن يقوم بعضهم أو البلديات بتسميم أو قتل الكلاب الشاردة والضالّة، ولكن انطلاقاً من قناعتي بضرورة الرفق بالحيوانات، ولمنع انتشار الكلاب الشاردة داخل الأحياء السكنية أو على الطرق العامّة، ما يؤدي إلى حوادث تشكل خطراً على سائقي السيارات أو المارّة وعلى الكلاب أيضاً. وبعد زيارتي إلى مكان تجميع الكلاب ورعايتها من قبل الناشط حسين حمزة، قررت بلدية الغازية السماح لحمزة بإدارة المكان والإشراف عليه وتقديم أيّ مساعدة ممكنة له.







تعليقات: