أسرار التشكيلات القضائية: الولاء للزعيم والحسابات الانتخابية

المناقلات شملت نحو 522 قاضياً (علي علوش
المناقلات شملت نحو 522 قاضياً (علي علوش


)

بعد شغورٍ دام نحو سبع سنوات، وإثر مخاضٍ عسير استغرق أكثر من ستة أشهر، نجح التوافق السياسي، وفي اللحظات الأخيرة، بإنقاذ ولادة الصيغة النهائية لتشكيلات مجلس القضاء الأعلى، التي تسلّمها وزير العدل سليم جريصاتي، على أن يطلع عليها مجلس الوزراء الجمعة، في 6 تشرين الأول.

إذاً، ساعات تفصلنا عن صدور مرسوم التشكيلات، بعد توقيعه من وزيري العدل والمال، ومن ثم إحالتها إلى رئاسة الحكومة ليوقعها الرئيس سعد الحريري ووزير الدفاع، وإرسالها بعد ذلك إلى القصر الجمهوري ليوقعها رئيس الجمهورية ميشال عون، فتصبح نافذة.

تؤكد مصادر قضائية مطّلعة على الملف، لـ"المدن"، أنّ "المناقلات شملت نحو 522 قاضياً، من بينهم نحو 90% من القضاء الواقف، أو قضاة النيابات العامة والتحقيق، وأكثر من ثلثي القضاء الجالس"، موضحة أن "المعايير المعتمدة تمثلّت بمدى قرب القاضي من الزعيم. فعلى سبيل المثال، حافظ صديق الأمين العام للتيار أحمد الحريري، المحامي العام في جبل لبنان القاضي وليد المعلم على المركز الذي يشغله منذ أكثر من عشر سنوات، وذلك من دون الأخذ بالاعتبار مبدأ المداورة المعتمد لدى الطوائف في معظم المراكز، هذا فضلاً عن تشكيل القضاة المقرّبين من وزير العدل في مراكز مهمة". لكن، رغم ذلك، تتابع المصادر، "لا شك أن ما حصل خطوة جيّدة وتستحقّ التوقّف عندها، خصوصاً أنها ستعيد التوازن إلى الهرم القضائي بين استئناف وتمييز وبداية بعد غياب التشكيلات العامة لسنوات. ما سيسهم في تعزيز دور القضاء وفاعليته".

ولتذليل العقبات الطائفية والسياسية، تفيد المصادر أن "التشكيلات تميّزت بتسويات في المحاصصة، كما هو حاصل في كلّ شيء في لبنان". وتكشف أنه "بنتيجة اللقاء الذي جمع الرئيس الحريري بالوزير جريصاتي، وقبل ساعات من إحالة عضو مجلس القضاء الأعلى طنّوس مشلب على التقاعد، تم رفع التحفّظ على تعيين القاضي بيتر جرمانوس مفوضاً للحكومة لدى المحكمة العسكرية خلفاً للقاضي صقر صقر، بعدما كان يعترض عليه كل من تيّار المستقبل، حزب الله، حركة أمل والقوات اللبنانية. وجرى تعيين القاضية غادة عون مدعية عامة في جبل لبنان خلفاً للقاضي كلود كرم، الذي عُين رئيساً للغرفة الأولى لمحكمة التمييز المدنية. في المقابل، بناء على إصرار الحريري، تم تعيين صقر مستشاراً في محكمة التمييز في المحكمة العسكرية، على أن ينتدبه الرئيس الأول لاحقاً لترؤس محكمة التمييز العسكرية الناظرة في الجنح".

وتشير المصادر إلى "تمسّك الثنائي الشيعي بمبدأ تحقيق المناصفة ومراعاة التوازن الطائفي. ما أدى إلى استحداث عشرة مراكز للطائفة على مستوى بيروت وجبل لبنان، وهي: غرفتا استئناف في بيروت، محكمة جنايات في جبل لبنان، مدعٍ عام في جبل لبنان، محامٍ عام في النيابة العامة المالية، قاضي تحقيق في بيروت، قاضٍ عدلي في المحكمة العسكرية، قاضي تحقيق في النبطية، محامٍ عام في النبطية، قاضي تحقيق في البقاع، محكمة الدرجة الأولى في الجنوب".

وإذ لا تنفي المصادر ما سُرّب من معلومات عن تشكيل قضاة كُسِرت درجتهم أو أحيلوا على التفتيش القضائي، وتعيينهم في مراكز أعلى، لاعتبارات سياسية، لحظت "تعيين عدد من القضاة المشهود لهم بنظافة الكف والتفوّق، مثل القاضي جوني القزي، الذي عُيّن رئيساً لمحكمة الاستئناف في بيروت، بعدما ظلِم في التشكيلات الماضية بتعيينه في منصب مستشار في محكمة التمييز، وأيضاً القاضي محمد بدران الذي عيّن رئيساً لأول محكمة جنايات في جبل لبنان يرأسها قاضٍ شيعي، والقاضي رولان الشرتوني، الذي نقل إلى منصب مفوض حكومة معاون في المحكمة العسكرية، بعدما شغل محكمة الأحداث في جبل لبنان ومحكمة جزاء بعبدا ومستشار الهيئة الاتهامية في بعبدا".

وفي وقتٍ رأت المصادر أنّ "التشكيلات رُكّبت تلبيةً للطموحات الانتخابية، بحيث أولى عون بعبدا اهتماماً خاصاً، وركّز الحريري على منطقة الشمال، فيما وضع بري ثقله في الجنوب"، تلفت إلى "مقايضة حصلت بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، نال بموجبها الأول مركزاً سنياً في بعبدا مقابل مركزٍ مسيحي للمستقبل في بيروت". وتشير المصادر إلى أنّ "بقاء أعضاء مجلس القضاء من غير الحكميين الثلاثة (الرئيس الأوّل التمييزي والنائب العام التمييزي ورئيس هيئة التفتيش)، في مناصبهم، باستثناء القاضي عفيف الحكيم الذي استقال من عضوية المجلس تمهيداً لاستلام رئاسة الغرفة الرابعة لمحكمة التمييز المدنية في بيروت".

أما سائر الأسماء الواردة في التشكيلات فهي:

في بيروت: ريما شبارو رئيسة للغرفة الثانية لمحكمة التمييز المدنية، جمال الحجار رئيساً للغرفة السابعة لمحكمة التمييز الجزائية، روكس رزق رئيساً للغرفة العاشرة في محكمة التمييز. ويبقى طاني لطوف رئيساً لمحكمة التمييز العسكرية الناظرة في الجنايات. ورندى كفوري مستشارة في محكمة التمييز، ندى الأسمر مستشارة في محكمة التمييز، ندى دكروب محامياً عاماً تمييزياً على أن تكون متفرغة لرئاسة معهد الدروس القضائية. عماد سعيد محامياً عاماً تمييزياً، جمال عبدالله محامياً عاماً مالياً، فاتن عيسى محامياً عاماً مالياً، سهيل عبود رئيساً أول لمحاكم الاستئناف، جمال الخوري رئيسة لمحكمة الاستئناف المدنية، سامي صدقي رئيساً لمحكمة الجنايات. أما أيمن عويدات فباقٍ في مركزه رئيساً للغرفة الحادية عشرة لمحكمة الاستئناف. حبيب مزهر رئيساً للغرفة الثامنة لمحكمة الاستئناف، جان فرنيني رئيساً للغرفة الثانية عشرة لمحكمة الاستئناف، ماهر شعيتو رئيساً لمحكمة الاستئناف وتحديداً الهيئة الاتهامية بحسب توزيع الاعمال لاحقاً، طارق بيطار رئيساً لمحكمة الجنايات، ميراي ملاك مستشارة في محكمة الاستئناف، زياد ابو حيدر نائباً عاماً استئنافياً، زاهر حمادة محامياً عاماً استئنافياً، رجا حاموش محامياً عاماً استئنافياً، سامر يونس محامياً عاماً استئنافياً، يحيى غبورة محامياً عاماً استئنافياً، كمال أبو جودة قاضياً للتحقيق، مرسال حداد قاضياً للتحقيق، فريد عجيب قاضياً للتحقيق، بلال حلاوي قاضياً للتحقيق، أسعد بيرم قاضياً للتحقيق، سهجنان حاطوم رئيسة لمحكمة البداية، جاد معلوف رئيساً للغرفة السابعة لمحكمة البداية، فيصل مكي قاضياً منفرداً، محمد فرحات قاضياً منفرداً، باسم تقي الدين قاضياً منفرداً، وبقيت مريانا عناني في مكانها كقاض منفرد.

في جبل لبنان: رجا خوري رئيساً أول لمحاكم الاستئناف، منذر ذبيان رئيساً للهيئة الاتهامية، ربيع الحسامي رئيساً لمحكمة الاستئناف وتحديداً الهيئة الاتهامية، سانيا نصر رئيسة للغرفة العاشرة لمحكمة الاستئناف، فيصل حيدر رئيساً لمحكمة استئناف الجنح، أماني سلامة رئيسة لمحكمة الاستئناف في جديدة المتن، سامر ليشع محامياً عاماً استئنافياً، سامر غانم بقي في مكانه محامياً عاماً استئنافياً، نار منصور محامياً عاماً استئنافياً، رامي عبد الله محامياً عاماً استئنافياً، وليد المعلم محامياً عاماً استئنافياً، نديم الناشف محامياً عاماً استئنافياً، طانيوس الصغبيني (مستشار وزير العدل سليم جريصاتي) محامياً عاماً استئنافياً، رائد أبو شقرا محامياً عاماً اسئنافياً، كارمن غالب محامياً عاماً استئنافياً، نقولا منصور قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان، رندة يقظان قاضياً للتحقيق، آلاء الخطيب قاضياً للتحقيق، ساندرا المهتار قاضياً للتحقيق، كمال نصار قاضياً للتحقيق، رانيا يحفوفي قاضياً للتحقيق، سارة بريش مستشارة في محكمة الجنايات، كارلا رحال قاضياً منفرداً في المتن ومستشارة في محكمة الاستئناف في جديدة المتن، شربل رزق رئيساً لمجلس العمل التحكيمي، هشام القنطار قاضياً منفرداً في عاليه ومحامياً عاماً مالياً، وائل أبو عساف قاضياً منفرداً في بعقلين.

في البقاع: أسامة اللحام بقي في منصبه رئيساً أول لمحاكم الاستئناف في البقاع مع ترؤس الهيئة الاتهامية، عماد زين قاضي تحقيق أول، علي سيف الدين قاضياً للتحقيق، داني شرابيه رئيساً لمحكمة الجنايات، منيف بركات نائباً عاماً استئنافياً، ياسر مصطفى محامياً عاماً استئنافياً.

في الجنوب: رولا جدايل بقيت في مركز رئيس أول لمحاكم الاستئناف ورئيسة لمحكمة الجنايات، ماجد مزيحم بقي رئيساً لمحكمة استئناف الجنح، رلى عثمان رئيسة الهيئة الاتهامية، رهيف رمضان نائباً عاماً استئنافياً، عباس جحا محامياً عاماً استئنافياً، رمزي فرحات محامياً عاماً استئنافياً، حسن حمدان قاضياً للتحقيق، فؤاد مراد قاضي تحقيق أول.

في النبطية: أسعد جدعون رئيساً أول لمحاكم الاستئناف، نضال شمس الدين رئيسة لمحكمة الاستئناف، غادة أبو علوان نائباً عاماً استئنافياً، ديالا ونسة محامية عامة استئنافية، محمد بري قاضياً للتحقيق الأول، بلال وزنة قاضياً للتحقيق، مسلم عبده قاضياً منفرداً.

في الشمال: إبقاء رضا رعد رئيساً أول لمحاكم الاستئناف في الشمال ورئيساً للهيئة الاتهامية، سهى الحسن رئيساً لمحكمة استئناف الجنح، فادي العنيسي رئيساً لمحكمة الاستئناف، بسام مولوي رئيساً لمحكمة الجنايات، مارون أبو جودة رئيساً لمحكمة الجنايات، سمرندا نصار قاضي تحقيق أول، هدى الحاج قاضياً للتحقيق، ديمة ديب محامياً عاماً استئنافياً.

في وزارة العدل: جورج عواد ملحقاً بوزير العدل، رزان الحاج شحادة قاضياً ملحقاً بالمديرية العامة لوزارة العدل.

في القضاء العسكري: بيتر جرمانوس مفوضاً للحكومة لدى المحكمة العسكرية الدائمة، كلود غانم معاوناً لمفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، مايا كنعان معاوناً لمفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، رياض أبو غيدا قاضي تحقيق عسكري أول، علي الموسوي قاضياً للتحقيق العسكري، فادي عقيقي قاضياً للتحقيق العسكري، نجاة أبو شقرا قاضياً للتحقيق العسكري، وسيم إبراهيم مستشاراً مدنياً في المحكمة العسكرية.

لا شكّ أنّ هذه التشكيلات ستسهم في إعادة ضخّ الحياة في بعض المراكز، إلا أنه من الواضح أن القديم بقي على قدمه، من دون معايير واضحة سوى مراعاة الحصص الطائفية والمذهبية على حساب استقلال القضاء والمحاكمات العادلة. ويبقى السؤال: "هل يجوز أن تصدر الأحكام القضائية من قبل هيئة حكم مقربة من فئة محددة من الشعب على حساب أخرى؟ هل يجوز ألا يكون أهل العدل عادلين في تحقيق الإنصاف بين أنفسهم؟".

* المصدر: المدن

تعليقات: