إلى فيروز

فيروز
فيروز


سيدتي، من جديد انت في ضوء الوطن من دون ان ترغبي. بعضهم حاول ان يفيد من ذهابك الى دمشق ليمحو ماضيه الذي يخجل به، فكتب اليك، او طلب اليه ان يفعل، محاولا ان يسرق ضوء الشمس منك ولكن صمتك وكبرك وماضيك وحاضرك لم تعطه الحظ ليزداد جلوسه في عتمة افكاره وماضيه وهاجس مستقبله.

سيدتي من كتب اليك كي لاتسافري الى دمشق لم يتعلم شيئا من قصائدك ومن حضورك ومن فنك لم يتعلم كونه لم يدرك انك لا تسافرين ولا تغادرين وانما يسافَر اليك ونذهب الى معبدك فغدا حينما تحزمين اغانيك واحاسيسك وامتعتك وتتوجهين الى دمشق، سوف تحملين معك كل الجمال وكل الفن وكل الحضور وصوتك سيكون رسالة امل الى الشعوب كما دائما وحينما تصلين هناك ستشكلين غدا افضل كما قوس قزح حينما يطل من بعد شتاء.

سيدتي حينما كتب اليك ظن انه يحرجك ويحرج من يحبك. غاب عن باله وعن بال من كتب عنه انك لا تحرجين فانت كما الربيع تتجددين مع كل عمل كانك للمرة الاولى تواجهين الفن وكانك من الصفر تنطلقين وانت من انت بالنسبة الينا والى من يحبك. غاب عن باله ان فيروز ترتفع فوق كل المبررات وفوق المنطق وفوق كل الاعتبارات لانها ببساطة تدرك خطورة فنها وحجم حضورها.

من كتب اليك يملك منطقا غريبا فعندما كان جيش دمشق في لبنان كان ذلك الحضور ضروريا وموقتا وكان من يتظاهر ضد الهيمنة يوصم بالخيانة والعمالة وعندما اخرج ذلك الجيش اضحت قوتهم بشتم كل لبناني لا يوافقهم رأيا. منطقهم غريب يا سيدتي:

غريب! فممنوع على فيروز ان تغني في دمشق لاهلها، ومسموح لهم بان يشتروا من دمشق الكهرباء.

ممنوع على فيروز ان تغني في دمشق علنا ومسموح لهم بان يتبادلوا المراسلات بينهم وبين حكامها سرا!

اذهبي فيروز حيث تشائين فانت فوق منطقهم وغنّي للفرح وللحياة. لن تحتاجي يوما الى اذن، خصوصا من ساسة بهدلوا السياسة وهجّروا المواطن وصحّروا الوطن او من مثقفين فاتهم ان الثقافة موقف يلتزم المحبة والحرية والعدالة، لا الكره والبغض والضغينة.

اذهبي، فمعك يكون الفرح وتسكن الحرية والرسالة والامل.

اذهبي، فمن كتب لك يعيش في مغاور الحقد وفي عقدة ماض حينما كان صوت حاكم الشام في لبنان.

اذهبي، يكفينا يا سيدتي انك تغنين وترفضين ان تتفلسفي علينا في ذكرى تخص الجميع تحول مناسبة لبث التفرقة والتمييز.

اذهبي حيث تشائين وليتذكر من يشاء كم كنا لنكون فقراء لولا فيروز، وكم كنا لنكون اغنياء لو لم يتعاط اولئك بالسياسة.

تعليقات: