يزمع نواب اللجنة الصحية التابعة للبرلمان الأوروبي طرح مشروع قانون من شأنه تضييق الخناق على مصنعي الـ"دونر كباب"، بعبارة أخرى الشاورما، وبائعيه.. ومستهلكيه، المتزايدة أعدادهم باطّراد منذ بضعة عقود في معظم بلدان الاتحاد، لاسيما ألمانيا، تليها بريطانيا وفرنسا.
ومشروع القرار يستهدف الفوسفات الموجودة في الـ"دونر كباب"، وليس الأكلة الشعبية في حد ذاتها، التي باتت تشكل منافساً عملاقاً لشركات الفاست فود العالمية، مثل ماكدونالد وأخواتها. ويستند أصحاب المبادرة إلى دراسة علمية نشرت في العام 2012، تشير إلى احتمال تسبب الفوسفات المضافة إلى اللحوم المجمدة في الإصابة بأمراض القلب والشرايين. فمصنعو قوالب الشاورما المجمدة الجاهزة للنصب والطبخ، يستعينون بإضافات فوسفاتية للحفاظ على طراوة اللحوم ونكهتها. وطريقة تجهيز المطاعم بتلك القوالب الجاهزة تمثل نحو 90% من الاستهلاك، لكونها توفر على صاحب المطعم وقتاً وجهداً ثمينين. عليه، يشكل استهدافها من جانب البرلمان وسيلة غير مباشرة لتقويض شعبية الشاورما.
رغم ذلك، فإن فرضية ارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين جراء فوسفات الشاورما تخالف رأي "الوكالة الأوروبية لسلامة الأغذية" نفسها، التي أصدرت بياناً أكدت فيه أنه "ليس ثمة ما يثبت وجود علاقة بين الإضافات الفوسفاتية وتزايد خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين". في المقابل، أكدت دراسة أميركية، تعود إلى العام 2013، وجود علاقة بين كميات الفوسفات المستهلكة ومعدل عمر المواطن الأميركي.
لكن، هل من رابط بين الدراسة الأميركية والشاورما، غير المنتشرة بتاتاً في بلاد العم دونالد؟ يؤكد مناصرو الـ"دونر كباب" في أوروبا أن استهلاك 1.5 ليتر فقط من مشروبات الكولا وأخواتها يؤدي إلى تجرع الكمية نفسها من الفوسفات التي يتجرعها آكل الشاورما في أوروبا خلال سنة بأكملها.
في أوروبا، برز جدل إثر مبادرة اللجنة الصحية للبرلمان الأوروبي، لاسيما في ألمانيا، حيث توجد جالية تركية قوامها أكثر من 5 ملايين شخص، تعدّ تناول الـ"دونر كباب" تقليداً راسخاً، نقلته إلى بلدان أوروبا الغربية. ففي فرنسا، مثلاً، لغاية مطلع ثمانينات القرن الماضي، لم تكن الشاورما معروفة سوى بشكل هامشي، اقتصر على المطاعم اللبنانية. لكنْ، في ظرف سنوات، غزت مطاعم الـ"دونر كباب" شوارع معظم المدن، وحتى بعض القرى الصغيرة، وليس باريس وحدها. ومعظم أصحاب تلك المطاعم ليسوا من الأتراك إنما من أبناء الجالية المغاربية. ويكمن نجاحها في كونها أماكن شعبية تؤمن بديلاً معقولاً ولذيذاً من هامبرغر الفاست فود، ولو بالتناوب، فضلاً عن كونها في متناول اليد، لرخصها النسبي، وفي متناول القدم أيضاً لقربها جغرافياً بفضل انتشارها في معظم شوارع البلاد المأهولة.
ومنذ سنوات، لا يندر أن تبرز مناظرات بين الأوروبيين على منتديات الإنترنت، بين مؤيدي ما باتوا يسمونه باختصار "كباب" (المقصود الشاورما) ومعارضيه. فاستهلاكه، الذي لم يعد حكراً على الجاليات الشرق أوسطية، طاول الأوروبيين الأصليين، وأدى إلى تغيير العادات الغذائية لنسب عالية منهم. وذلك ما يثير قلق أرباب شركات الفاست فود، المسمى أيضاً من باب التهكم "فات فود" و"فاسد فود" من لدن مؤيدي الشاورما. فهؤلاء يشددون على أنها أقل ضرراً من الهامبرغر، وأقل احتواءً على الكوليسترول والدهنيات القاتلة.
* المصدر: المدن
تعليقات: