بيان صادر عن منظمة الشبيبة الفلسطينية في لبنان


ليس بالافتراء تبنى الاتحادات

طالعتنا مجلة الحرية، في عددها الصادر بتاريخ ٢٠١٧/١٢/٣١، بمقالة تتحدث عن ما سمي مؤتمر الاتحاد العام لطلبة فلسطين في لبنان. الملفت في المقالة ليس بالافتراء على المعطيات والوقائع، عبر الأرقام المضللة وغير الصحيحة، بل بالذهنية التي تقف خلف المقالة. البحث في الطريقة الفئوية بكل ما فيها من الخفة، والاستخفاف بالعنوان، وهو الأهم، وبحجم منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، وتحديدًا الاتحادات الشعبية الفلسطينية، فليس بالافتراء تبنى الاتحادات، لما لهذه الاتحادات من أهمية ودور في استعادة المنظمة مكانتها ودورها، حاضنة وممثلة جماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج وفي كل مكان.

إن الاتحادات الشعبية الفلسطينية تشكل قواعد الارتكاز الشعبي الذي من خلاله تستمد المنظمة قوتها، في تمثيلها الشعبي لجماهير الشعب الفلسطيني في كل قطاع شعبي ونقابي، ومن مختلف شرائح وفئات الشعب الفلسطيني.

في الوقت الذي ترفع معظم القوى الفلسطينية يافطة سياسية عريضة، تدعو من خلالها إلى الإصلاح والديمقراطية في مؤسسات المنظمة، وصولا إلى انتخاب أعضاء المجلس الوطني، المؤسسة الأم في منظمة التحرير الفلسطينية، غير أنها تفضح نفسها عبر أداء يتهرب من السلوك الديمقراطي، عبر تزوير الوقائع، والأرقام، واللجوء إلى المحاصصة، والكوتة في مسرحية هزلية مكشوفة مضللة بفصولها وأطرافها بتجاوزها للأنظمة الداخلية للاتحادات، التي تنص على عقد الجمعيات العمومية في المناطق والجامعات، وصولًا إلى المؤتمر العام، وفق التمثيل النسبي الكامل، وبذلك فقط تتحدد أحجام القوى، والكتل، وتمثيلها في الهيئات.

وذلك يكون خداعًا للذات، وليس للآخرين فحسب، فعندما ينفصل القول عن الممارسة بين الدعوة للإصلاح، وممارسة العكس والمخالف لأبسط بديهيات الديمقراطية من خلال ممارسة تكشف ذهنية انتهازية تعتمد القاعدة السيئة التي تقول:" إن الغاية تبرر الوسيلة". عبر هوس المنافسة الوهمية على الموقع الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية، وتلفيق المعطيات والأرقام، ونسب التنسيب في الاتحادات لنفسه.

يعتقد أن هناك من يصدق أو لا يزال قادراً على تصديق حفلة الخداع، متناسياً أن الإشكالية التأسيسية في ذهنية تجويف المؤسسات الوطنية عبر ألاعيب يراد منها أن تسحب على الواقع، لوضع الكل الوطني في مأزق رهيب، وأن المشروع الوطني أمام احتمال الضياع والتبدد بعد مئات الآلاف من الشهداء، والتضحيات الجسام. لذلك فإن هذا البعض الغارق في الأوهام، وخداع الذات لا يعير أهمية للوقائع الكاشفة للجميع، فيستسهل تبديل المصطلحات ظنا منه أنه باستخدامها تصيرحقيقة، فحين يقول: إن كتلة فتح 1237 عضوا، وكتلة الديمقراطية 1166 عضوا ... إلخ، فإنه من خلال هذه الصياغة سيوهم القارئ أن العدد المذكور أعضاء في تنظيمه، وليسوا طلابا نسّبوا إلى الاتحاد، وعبره، ومن الممكن أن يكون بعضهم أعضاء في تنظيمات أخرى، أو أن غالبيتهم مستقلون، عدا عن نسبة التنسيب المزيف التي تتضمنها قوائم التنسيب.

ثمة تساؤلات عديدة تطرحها هذه الخديعة التي تتلطى خلف الأرقام والجداول التي تستخدمها المقالة، في محاولة لإضفاء الهيبة على مضمونه. من بين هذه الأسئلة على سبيل المثال، هل هذه الأرقام تعبرعن حقيقة حجمه ودوره، في هذا القطاع أو ذاك؟ كيف سيفسر التناقض الصارخ بين الأرقام، والدور، والحجم الملموس في الواقع؟ ومن يعمل وفق القاعدة التي تقول إن من سيكتشفون الكذبة أقل بكثير ممن سيتاح لهم كشف الحقيقة؟ كيف يتعامل داخليا مع هذه الأرقام؟ هل يتقبل كل كادره وهيئاته ذلك؟ هل من يسأل ويناقش ويعترض؟

إن المشاركة في الانتخابات أيًّا كانت نيابية، أم نقابية، إضافة لأهميتها في تحقيق شراكة في القرار وتطرح البرنامج الذي نريد، فإنها تعطي للقوى المشاركة فيها معطيات حقيقية عن حجمها ووزنها، يفيدها في التفكير برسم خططها واستراتيجياتها.

وهنا يكمن الفرق بين قوى تستأثر بالسلطة بأي ثمن، والقوى الديمقراطية الأصيلة التي تقدم النزاهة في السلطة، فالغاية لا تبرر الوسيلة بل تقيدها، فإذا كانت الغاية التي تهدف إليها السلطة البرنامج السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، الذي يترجم حاجات الناس وتطلعاتهم، فإن الوسيلة تكمن في نبل ونزاهة من تمثلهم.

إن حجم التنسيب الوارد في المقالة يكشف مهزلة لم ينتبه لها أصحاب المقالة، أو لم يكترثوا لدلالتها. وفي هذه الحالة تكون المصيبة أعظم، وهي أن عدد المنتسبين للاتحاد العام لطلبة فلسطين في لبنان لم يصل إلى 3000 منتسب، وهو عدد هزيل جدا لا يحاكي أعداد الطلاب، في بعض المخيمات الفلسطينية، وتكشف الأرقام أن عدد الطلاب الفلسطينيين في لبنان يتجاوز 8000 جامعي، ومعهد عال من يحق لهم عضوية الاتحاد.

وتمضي المقالة قدما في تضليلها، فتقول: إن الديمقراطية حصدت نسبة 46 % ! من مجمل الطلاب المنسبين في لبنان، وتشير إلى أنها تميزت بموقع متقدم، في كل من جامعات بيروت والبقاع، ثم تبني على هذه المعطيات المخادعة الاستنتاج الآتي: إن هذه النسب تؤكد بالملموس الدور، والحجم، والمكانة التمثيلية التي يحتلها القطاع الطلابي في الجبهة الديمقراطية وسط قطاع الطلبة والحركة الطلابية الفلسطينية في لبنان !!!صفحة 18، وإن هذه الصياغة المخادعة توغل في التضليل، فهل حصدت نسبتك في جمعيات عمومية ؟ هل يعكس التنسيب قوتك في الجامعات إن لم تجر عملية انتخابات!؟

وفي رأس الصفحة 19 يورد عنوانا : هيئة إدارية جديدة: فتح 7 مقاعد، الديمقراطية 5 مقاعد، الشعبية مقعدان .

إذا كنت مزهوا بما لديك من مقاعد، فهذه مشكلتك، لكن أن تصر على ذكر أن للشعبية مقعدين؟؟! فهذا ليس من حقك، وتقتضي الموضوعية أن تذكر أن الشعبية، وقوى أخرى فلسطينية قاطعت هذا المؤتمر المهزلة، لأنه يفتقد لأبسط أسس الديمقراطية، وهو استهزاء بالقطاع الطالبي الفلسطيني، وبالتالي رفضت أن تكون شريكة في الخداع.

كل ما تم افتعاله هو برسم القوى الطالبية التي جرى تزوير إرادتها، واستخام انتسابها، ووضع صوتها في صندوق الفئوية الضيقة. هذه ألعاب الخفة نتركها، لأنها مهنة من يقوم بها ويتحمل مسؤوليتها، ومدرسته في العمل كما يشتهي، ومن شأنه وحده.

أما منظمة الشبيبة الفلسطينية، بقطاعها الطالبي، لديها كامل الثقة بذاتها، وبمكانتها، ودورها، وبتمثيلها وصدقها في حقيقة ما تقول وتفعل.

لذلك ندعو القوى الطالبية الأصيلة بمنهجها الإصلاحي والديمقراطيي قولا وعملاً، في جميع مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية أن تمضي في تصالح تام مع أدائها، وبإصرار مضاعف، ارتباطا باللحظة التاريخية التي تفرض حرصاً مضاعفا، لبناء الذات الوطنية .

والطريق الصحيح إلى ذلك يبدأ من استعادة حيوية ودور القطاعات الشعبية، من خلال جمعيات عمومية في كل قطاع، وفقا لدستوره.

إن الشعب الفلسطيني على اختلاف شرائحه، وفئاته، قطاعاته النقابية، بحاجة إلى هذا الزخم الجماهيري، وإلى هذه الحيوية التي تشعره بحضور المنظمة، ومؤسساتها، ودورها، وتمثيلها له حسيا، وليس فقط معنويا.

* منظمة الشبيبة الفلسطينية - لبنان


تعليقات: