المرأة اللبنانية في سوق العمل.. حسب الجمال والأمومة


في الوقت الذي يتباهى فيه اللبنانيون بارتفاع نسبة التحاقها وإنجازاتها المهمة في التعليم، لم تستطع المرأة اللبنانية حتى اليوم ان تحقق مشاركة اقتصادية فعالة. ورغم قدراتها التي تضاعف احيانا قدرة الرجل, نرى نساء عدة لا يدخلن سوق العمل بعد التخرج من الجامعة مباشرة أو يدخلنه لفترة وجيزة قبل أن ينسحبن منه لأسباب عدة لم ننجح حتى الآن بتخطيها.

تجارب المرأة في سوق العمل, وأسباب انسحابها منه دون الوصول الى حيث تريد, تطمح وتستحق، مختلفة, والسؤال, الى متى ستبقى العقلية الشرقية الذكورية هي المسيطرة؟ في حين تقدّر المرأة في الدول الغربية، وأصبحت احداهن قائدة جيوش, ورئيسة جمهورية, ورائدة فضاء, وغيرها, ونجحن في شغر مناصبهن تماما كما يفعل الرجال لا بل أكثر نجاحاً.

أما في لبنان، طموح المرأة محكوم بحواجز مفروض عليها ألّا تتخطاها, فتشكو ريبيكا, وهي أم لطفلتين, لـ "ليبانون ديبايت" انها تقضي شهرها الأخير في عملها كموظفة بنك. وتقول "بعد عمل 8 سنوات في المصارف, تنقلت من بنك الى آخر كلما علموا بحملي تبدأ المضايقات ظنّا منهم انني لن أستمر في العمل بعد الولادة, فأُصرف من العمل بعد كل ولادة. وبعدما استقريت في هذا الفرع من البنك الذي رغم انه بعيد عن مكان سكني الاّ انه لا بأس به, عملت ثلاث سنوات متواصلة وبجهد من دون اي ترقية تذكر وقابلوني بمضايقات على دوام العمل ومهامي لأنهم يعتبرون ان وجودي مؤقت فقط لأنني أم."

ترفع جوان الشابة الجميلة المتخرجة بمجال الاعلام والتوثيق الصرخة عاليا بالقول "في مجال الاعلام الأمر يعتمد على اذا عجبتي او ما عجبتي رب العمل, واذا تجاوبتي معه أو لأ, وهذا الأمر مذر". وتضيف "قصص مريرة أسمعها عن زميلاتي في الاختصاص فبرعت تلك التي لا تستحق لأنها قدّمت التنازلات المطلوبة, ويدّعون الانفتاح في هذا البلد، إنه ذكوري وسيبقى".

رنا شابة مخطوبة من رجل يعمل في مجال المحاسبة, وهو المجال الذي تعمل به هي الأخرى, مهامهما في العمل نفسه، ولكن راتبه ضعف راتبها, وكونها ادارية أكثر في المصروف هي التي تدفع قسط القرض الذي تديناه لشراء منزلهما. تشير رنا الى انها تسعى دائما لاثبات نفسها في العمل والتقدّم كمحاولة منها للفت انتباه اصحاب العمل الى انها تستطيع وتستحق ما يُقدّم للرجل.

ناهيكم عن النظرة السلبية السائدة في المجتمع بأن المرأة أقل إنتاجية من الرجل وأن عمل المرأة ثانوي وغير ضروري، الأمر الذي يؤدي إلى منح الرجل الأولوية في التوظيف أو عدم إعطاء المرأة العاملة الفرصة للتقدم والتطور الوظيفي الطبيعي. ففي ظل هذه الظروف تصبح مطالبتنا للمرأة بالبقاء في سوق العمل غير كافية من دون إزالة الأسباب التي تدفعها للخروج منه، ومن دون خلق بيئة داعمة وصديقة للمرأة تفتح المجال أمامها للتقدم في العمل ولتحسين انتاجيتها وتطورها في المراكز الوظيفية، وتشجع النساء خارج سوق العمل بدخوله.

المشاركة الفاعلة للمرأة في المجتمع تُعتبر عنصراً هاماً من عناصر تقدم ورقي المجتمع، ولا يمكن اغفالها لاي من الاسباب وذلك لاهمية الدور الذي تلعبه المرأة في كافة المجالات. مشاركتها لا يمكن الاستغناء عنه, فهي تشكل نصفه، لذا لا بد من تحسين شروط العمل في القطاعين العام والخاص وتعزيز بيئة داعمة حقيقية للمرأة لتتحول من بيئة طاردة إلى جاذبة تعطي المرأة العاملة كامل حقوقها.

تعليقات: