جواد «ابن السيّد» يوقع «حروف مقاومة»... و«يسرق» بعضاً من ضوء والده

الإزدحام يخبئ الطاولة التي يتحلق حولها الناس. ازدحام يثير فضول المارين بالقرب من منصة «دار الهادي» في معرض المعارف للكتاب في الضاحية الجنوبية، مساء أمس. «من هو الذي يوقّع؟» يمكن الإستمتاع بلعبة الاجابة على السؤال والتفرج على ردة فعل السائل: «جواد حسن نصر الله، ابن السيد». في كل مرة يكتشف السائل موقّع كتاب الشعر «حروف مقاومة» ستتكرر ردود فعل كهذه: يرتفع حاجبا المراهق عاليين ثم يقف على رؤوس اصابعه ليرى «ابن السيد». يضحك كل وجه السيدة المحجّبة وتقول: الله يحميه. عنده ضحكة السيد. ليك العجقة. عم يتباركه..»

المراهقات المحجبات اللواتي يتجمعن في حلقات متراصة بخجلهن المعهود، ينظرن اليه ويتهامسن ضاحكات. والفتاة التي حملت الكتاب اليه ليوقعه، كانت يداها ترتجفان وهي تلتقط الصور له، وهو ينظر في العدسة بصبر.

الشاعر من نوع مختلف. خلفه يقف حارس شخصي وبقربه يقف موظف من الدار يطبع على الصفحة الأولى من الكتاب ختماً يترك إهداء واحدا للجميع: «مع خالص الشكر واطيب المنى بحياة ناجحة وصحة دائمة وسعادة الدنيا والآخرة». ويكتفي جواد بوضع اسم المهدى اليه والتوقيع تحت هذا الاهداء الاشبه بالدعاء.

إحتفاء الناس به كان هادئاً، على العكس بالطبع من اطلالات والده. وهو، في انهماكه بالتوقيع وخجله، تحدث الى «قناة المنار» عن قصائده التي سقطت تحت ركام بيته وانقذ بعضها بينما اتلف البعض الآخر.

كتابه بالغلاف الاحمر يقع في ثمانين صفحة. يبدأ باهداء الى والدي ووالدتي... ثم «شكر من القلب الى أجمل أب»: لأنك اول من شجعني وقرأ ما كتبته على بساطته وصحح بحسه العالي الرفيع بعض الكلمات لتدل على قلب المعنى. فشكرا لأنك ملهمي وشكرا لأنك والدي وشكرا لانك قائدي. تعلمنا يوما بعد يوم معنى الحياة وجمال انفسنا. معنى الانسانية وحب الاوطان. تدلنا بكل تفاصيلك وحكاياتك على الطريق التي تأخذنا نحو المحبوب الاقدس لتزاد الارواح به سموا وتألقاً. شكرا ايها المتربع على عرش القلوب.

الكتاب في معظمه شعر عمودي0 يهدي جواد قصائده الى الشهداء والاسرى العائدين وفوارس المقاومة الاسلامية وابطال الانتفاضة. وثمة قصائد عنوانها علامات استفهام استعان بذاكرته كي يكتب بعض ابياتها وتنقطع بعبارة: باقي الابيات تحت ركام منزلي.

يهدي جواد قصيدة اميرة قلبي إلى أمي الحبيبة «أم هادي». ويعود الى السيد نصر الله بقصيدتين اخريين: «يا سيدي»، يهديها الى «سماحة الامين العام السيد ابو هادي» هذه قصيدة عامة. الأخرى الخاصة به والمهداة إلى ابي الحبيب السيد ابو هادي فعنوانها: يا أطيب الناس. يقول له: لو كان أمري «رهن أمري» اهديك عمري...

ليس في الكتاب قصائد من تلك التي يصدرها شعراء جيله. نحن أمام لغة مختلفة تماماً باختلاف شاعرنا عن هؤلاء الذين يقعون في الطرف الآخر المضاد في معظم المفاهيم. وثمة نفس إنشادي واضح يشبه الى حد ما القصائد التي تؤديها مغناة فرق مثل الاسراء والولاية. وإذا كان هناك من تقييم لشعر الشاعر بعد ديوانه الأول، فمن المفترض أن يأتي من هواة النوع، أي من جمهور حزب الله.

الشاعر كان نجم مجمع سيد الشهداء أمس. سرق بعضاً من أضواء أبيه. حول وسامته تهامست الفتيات. لن يصافح أيّاً منهن بطبيعة الحال. لكن كثيرات منهن تصوّرن الى جانبه. لا نحكي عن محجبات فحسب. المعجبات بالشاعر، من غير المحجبات المتأنقات بشدة، وقفن في الصف أيضاً وواحدة منهن أهدرت كامل ذاكرة هاتفها الخلوي في التقاط الصور له. معجبة؟ ربما. لكن الشاب الذي يتم السادسة والعشرين من عمره في 24 أيار المقبل، متزوج، وزوجته كانت تقف بعيداً الى يمينه، كما أفلتت طفلته الصغيرة اليه تعانقه منادية إياه باسمه الأول.

على اي حال، لم يكن جواد مساء أمس، شاعراً فحسب. كان ابن السيد. غلبت هذه الصفة عليه. والناس في توقهم الى رؤيته، أصطدمت أكتافهم بمراهق يرتدي قميصاً رياضية بيضاء يلتقط الصور. في لهفتهم الى التمعن في ملامح جواد، لم ينتبهوا الى الشبه الكبير بين هذا المراهق بالقميص البيضاء وبين الشهيد هادي حسن نصر الله. ولم يعرف أحد ان هذا الشاب هو محمد علي حسن نصر الله، نجل السيد أيضاً.

تعليقات: