جعجع يطلب تأشيرة دخول إلى الحرب الأهلية من باب عين الرمانة


قائد «القوات» يحاول الخروج من «البطالة السياسية» إلى «صناعة القرار»!

ما صدر عن رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع حول جريمة الأحد الاسود، كان اقسى على الناس من الرصاص، الذي قتل الشبان العُزَّل.. فقتلوا مرتين.

فمن سمعه وشاهده على الشاشات يلقي المسؤولية على الشهداء، ويبرر اطلاق النار من دون ان يراعي، ولو الحد الادنى، من المشاعر الانسانية ومصاب ذويهم... تأكد بما لا يقبل الشك ان هذا الرجل طلب، او هو يطلب، تأشيرة دخول الى حرب أهلية، ومن باب عين الرمانة، باختلاق أحداث ووقائع وهمية كذبتها عين الرمانة نفسها. وأبرزت الجهة المقابلة، وبرغم هول الجريمة، مستوى عالياً من النضج والوعي لدى جماهير الناس، بما احبط ما رمى اليه المحرِّضون...

وبصرف النظر عما اذا كانت عناصر جعجع قد شاركت في القنص على المدنيين، فإن جرأته في تبرير إطلاق النار واستفزاز ذويهم، كما غالبية البشر، الى جانب دخوله التخويفي للمسيحيين في عين الرمانة بوقائع وهمية وغير موجودة، يقودان الى رسم استفهامات متعددة حول دوره وماذا يخبئ بعد، وماذا يريد؟

ما يسود في الاوساط السياسية المختلفة، ان جعجع، حاول ان يخاطب ما كان يسميه «المجتمع المسيحي»، بأنه الحامي الحقيقي للوجود المسيحي في لبنان. وأن من يحمي المسيحيين هو البندقية وليس التفاهمات ومفاهيم العيش المشترك، والتي يؤكدها التفاهم بين «حزب الله» والتيار الوطني الحر. على ان بيت القصيد، هو كسر التفاهم، والعودة الى التربع على العرش المسيحي، وبأي ثمن، وبأية وسيلة، وبأي تحالف.

فالرجل، كما هو سائد في تلك الاوساط، يحاول ومنذ لحظة خروجه من السجن الذي دخله على خلفية قتله الرئيس رشيد كرامي، ان يتصدر القرار، وموقع صنع القرار، وأن يغادر (البطالة السياسية»، التي يعانيها في زمن أكثري، القرار فيه لغيره. وقد تفاعل الشعور «بالبطالة» بشكل واضح وأكيد، قبل فترة وجيزة، حينما وجد نفسه خارج «الحوار الرباعي»، وغيره يحاور باسم مسيحيي فريقه.. ثمة من يقول بأنه «عصّب كثيرا».. والأهم ان جعجع، وبرغم الهالة الاعلامية الاستعراضية التي أحاط نفسه بها، او أحاطه بها حلفاؤه، وما واكب ذلك من دعم وأموال، فإن ذلك، مع كل الترويج والاستفتاءات، لم يبدل في الواقع شيئا، ولم يقدر ان يضخم حضوره الخجول في الشارع المسيحي، في موازاة المساحة الشعبية والتمثيلية الواسعة، التي يحتلها الجنرال ميشال عون. كما ان الاحاطة الاميركية له بالرعاية المباشرة من «الصديق جيف»، لم تجب على سؤاله الدائم: لماذا ترفض واشنطن استقباله على غرار استقبالها كل حلفائه وبرغم انه قدم نفسه في مناسبات متعددة مستعدا ليكون رأس حربة المشروع الاميركي.

ولا تتحدث الاوساط مباشرة عن دور لجعجع وقواته، لكنها تتحدث عن مصلحة له، تصيب عصفورين بحجر، فيما لو نجح ما كان مخططا له.. اي خلق مواجهة بين الجيش اللبناني والمقاومة، بما يحقق له الثأر من الجيش، وما مني به جراء حرب الإلغاء. وفي المقابل ضربة مماثلة وخطيرة للمقاومة التي تشكل المانع الاساسي لعودة لبنان الى العصر الاسرائيلي، والذي كان جعجع في صدارته... ثمة من يتحدث عن ان الفخ الكبير والخطير، كان قاب قوسين. والحكمة الإلهية رحمت الناس والجيش. فقد كان هناك من سعى جاهدا لرد فعل من قبل «حزب الله» وحركة «أمل»، والرد على نيران الجيش وغيره بالنار... كان الهدف إيقاع إصابات وقتلى في صفوف الجيش، فتقع الواقعة، وتطلق الصرخة: «الشيعة يقتلون الجيش». والكمين الاعلامي منصوب وجاهز للإجهاز على قدسية السلاح. وينسب قتل الشهداء الشبان الى الحزب والحركة، فيما «الملاك الحارس» سمير جعجع يرفرف بجناحيه فوق عين الرمانة؟!

على ان الملاحظة التي جرى التوقف عندها في الاوساط السياسية المختلفة، هي ان حلفاء جعجع في 14 آذار، لم يحتشدوا معه في هجومه، بل جاءت تصريحات بعضهم حيادية متضامنة مع الضحايا ومستنكرة اطلاق النار عليهم، بصرف النظر عما اذا كان التضامن فعليا ام لفظيا. طبعا ما خلا ما صدر عن «الوزير المنرفز دائما»، (وقبل ان يتم اسكاته من فريقه)، حيث كان على جاري عادته، سباقا في الهجوم على الناس وجمهور المقاومة. وهذا يقود الى سؤال عن مغزى الزيارة السريعة التي قام بها جعجع الى السرايا ولقاء رئيس الحكومة، هل هي زيارة عتب على تركه وحيدا دون ان يرفده احد من الحلفاء بموقف، ام هي زيارة استغاثة، بعدما تحدث الناس عن تورط «القوات» في قنص المدنيين، وايضا بعدما القى الجيش اللبناني القبض على عناصر قواتية وبحوزتها سلاح قيل انه استخدم ضد شبان الشياح.. فهل ثمة اعترافات قواتية بإطلاق النار؟

في اي حال، صورة ما حصل، بوقائعها السياسية، والميدانية والنارية، يفترض ان تُظهـَرها بوضوح لا لبس فيه، نتائج التحقيق، الذي تجريه قيادة الجيش، والتي يفترض ان تحدد، وبلا لفّ أو دوران هوية الجناة، سواء من هم في داخل المؤسسة العسكرية، ومن هم خارجها، وتكشف الغايات والاهداف، وحجم الدور، الذي لعبته «القوات» في ما حصل، ان بالتحريض والتخويف، وتؤكد بالتالي او تنفي قيام عناصر تابعين لها باصطياد المدنيين برصاص القنص.. وفق روايات شهود العيان. والاهم ان حبل الانتظار قصير.

تعليقات: