يحمر: بلدة الصمود وحاضنة المقاومة وخط الدفاع الأول في مواجهة المحتل

مباشرة العمل بالحسينية الجديدة
مباشرة العمل بالحسينية الجديدة


هنا يحمر مسافتها ما بين التراب والسماء··· هي نجمة معلقة في فضاء هذا الوطن، هي احدى محاريب الجهاد والمقاومة، أتاها الوالهون العاشقون للشهادة وعلى أرضها إمتزج الدم بالتراب····

هنا يحمر، هنا عبق أريج النصر، وكان النصر لإمام النصر الإمام السيد موسى الصدر، على ثغورها وتلالها رابط المقاومون، فحرسوا الليطاني وحموا القلعة، وصنعوا من جدائل الشمس أفخاخاً، صنعوا من مماتهم حياة لأهلهم ووطنهم، ومن أجسادهم المشظاة عنفواناً للأمة، شهداؤها تعرفهم كل الأودية، وكل الدساكر تسل عنهم، من دير ياسين الى دير ميماس الى الريحان وعلي الطاهر ومزرعة الحمرا والدبشة وأرنون، والطيبة وشلعبون والعرقوب والحدود مع فلسطين المحتلة، والبحر قرب الناقورة، الذي لونوه بدمهم القاني· هم نسور يحلقون بهاماتهم المرفوعة في السماء، ويلثمون الأرض عشقاً·

هو الليطاني يشتاق الى همهمات أصواتهم مع انبلاج الفجر، هم عرسان بلدتهم التي زفتهم شهداء للوطن، فكانوا قلبها النابض، وأسوداً في عرين المقاومة، في الجنوب الذي ينبعث من رماده دائماً لتكون قيامة الوطن·

يحمر الشقيف (قضاء النبطية) هي الارض التي زرع فيها الإمام الصدر أمل المحرومين، فتمردت على القهر والحرمان وذلك حينما زارها في الستينيات والسبعينيات لإيقاظ مجتمع المقاومة، فعقد لقاءً مع كبارها في جامعها القديم خلال حفل تأبين الراحل داود حسن داود وحينها أطلق حملة تبرعات لبناء النادي الحسيني في البلدة، والذي دمره العدوان الاسرائيلي خلال عدوانه في تموز 2006 ·

واليوم يعيد بناؤه المشروع القطري لإعادة بناء الأماكن الدينية التي هدَّمها العدوان بالتعاون مع "مؤسسة جهاد البناء" على أن ينتهي العمل أواخر العام الحالي·

وكانت قد جرت اعادة ترميم وتأهيل حسينية النساء في البلدة، التي تضررت بالعدوان الاسرائيلي أيضاً، وهي الوحيدة في البلدة التي تستخدم الآن لاقامة كافة الاحتفالات والمناسبات الدينية والاجتماعية·

"لـواء صيدا والجنوب" يسلط الضوء في هذا التحقيق على ما وصلت اليه أعمال بناء حسينية يحمر، ويلتقي إمام البلدة وعدداً من فاعلياتها، فماذا قالوا؟!

الشيخ سعيد

إمام بلدة يحمر الشيخ نزار سعيد قال: لم يستثنْ العدو الصهيوني خلال عدوانه في العام 2006 من التدمير الممنهج الذي استخدمه في غاراته المعادية على البلدة والتي فاقت 100 غارة· بل أكثر، النادي الحسيني للرجال فدمره جزئياً وأصبح آيلاً للسقوط مما دفع بعد الكشف الهندسي الى ازالة البناء عملياً، وإعادة اعمار النادي الحسيني على أن ينتهي العمل في غضون سنة·

وأضاف: كما أن العدو أصاب بحقده حسينية النساء، التي أعيد ترميمها وتأهيلها، ولم تسلم قبور الاموات في جبانة البلدة من هذا الحقد الدفين، الذي دمر أيضاً أكثر من 70 منزلاً، لكنه لم يزد الأهالي إلا عزيمة وإحتضاناً للمقاومة، وهم الذين عانوا ومنذ إنشاء المقاومة الحضن الدافئ لها، وبحرها الواسع الذي تسبح فيه، فدعموها بفلذات الأكباد ليقوى عودها الذي إشتد وحرر الارض في العام 2000، وتصدى لأشرس حرب عالمية شُنت على المقاومة في العام 2006، فكان أهالي وشباب يحمر في طليعة المتصدين، وقدموا الشهداء مجدداً، لتستمر قافلة الدم والعطاء، وتبزغ شمس الحرية في صبيحة 14 آب 2006 وتشرق من يحمر وتشع على الوطن من خلال الجنوب المقاوم·

المختار قرة علي مختار يحمر الحاج محمد قرة علي قال: يحمر بلدة نموذجية في العطاء ومقاومة العدو الاسرائيلي، الذي لم يترك اسلوباً إلا واستخدمه بحق البلدة، إنتقاماً لدور المقاومة الذي لعبته ماضياً وحاضراً، وللخيار الذي تمسكت وما زالت به، وهو خيار المقاومة·

ورأى "أن العدو الذي دمر النادي الحسيني في البلدة والمنازل والبنى التحتية ألقى خلال عدوانه أكثر من 7 آلاف قذيفة عنقودية على حقول وطرقات وجبانة وزيتون البلدة، والتي أدت لإستشهاد الحاج حسين علي أحمد وجرح 7 من أبناء البلدة، فضلاً عن إستشهاد مقاوم من كفررمان هو الشهيد يوسف خليل· الذي كان يقوم بتفكيك تلك القنابل"··

وختم بالقول: كما عبّرت يحمر عن صمودها الرائع أيام الإحتلال والعدوان، ستبقى على العهد مهما غلت التضحيات·

قاسم

رئيس لجنة الاشغال في بلدية يحمر ورابط "حزب الله" في البلدة الأسير المحرر الحاج سمير قاسم قال: إن كل حبة تراب من أرض يحمر إرتوت بدماء الشهداء، حتى أصبحت عصية أمام العدوان، ورفعت جبين الوطن، وهذا ليس جديداً عليها، فهي عروس المقاومة التي كانت تزف الشهداء وتشيعهم، ويعود أهلها الى زراعة أرضهم، كل صخرة من صخورها ترسم أبجدية المقاومة، كل شتلة تنبت في البلدة تحتضن فلسفة الخلود·

وأضاف: ان التدمير العدواني في البلدة كبير، من ناديها الحسيني الى منازلها، إلا أن العدو لـــــــم يلوِ إرادة أهلها في المقاومة والصمود، فتجذروا في الارض كالزيتون العتيق والصخور الصلبة·

وقال: مع نهاية العدوان الاسرائيلي على البلدة، بدأت البلدية بالتعاون أولاً مع الجيش وفرق نزع الالغام بإزالة القنابل العنقودية، التي خلفها العدوان تسهيلاً لعودة الأهل للسكن في منازلهم، أو منازل أخرى لم يطلها العدوان، ودليلاً على تشبث إبن يحمر بأرضه، فإن المواطن حسين جميل داود الذي دمر العدوان الاسرائيلي منزله، رفض أن يسكن في منزل آخر وأصر على السكن في نصف غرفة، وفي خيمة نصبها قرب بيته، الذي أعاد بناءه، رغم أن السكن بتلك الطريقة كانت دونه عواقب جمة، فالمنزل نصفه على الارض ونصفه الآخر متصدع، وهذا إن دل على شيء، فإنه يدل على إرادة التمسك بالأرض رغم المخاطر·

وأشار قاسم الى "أن البلدة استعادت اليوم حياتها الطبيعية، وأعاد الأهل بناء المنازل المدمرة، ومنذ شهرين تقريباً عمل على اعادة ترميم وتأهيل حسينية النساء وتوسعة الطابق الأول ومساحته 350 متراً مربعاً وطلائه بمبلغ وقدره 30 ألف دولار أميركي، ومنذ شهر تقريباً تم البدء بإعادة بناء حسينية الرجال، التي دمرها العدوان الاسرائيلي، على أن ينتهي العمل أواخر العام وهي تتألف من طابقين مساحة الواحد منهما 500 م2، مع تلبيس حجم صخري، وتبلغ التكلفة الاجمالية 350 ألف دولار أميركي"·

قرة علي المسؤول التنظيمي لحركة "أمل" في بلدة يحمر فؤاد قرة علي أوضح "أن النادي الحسيني الذي يعاد بناؤه اليوم في البلدة كان ثمرة جهود الإمام السيد موسى الصدر الذي زار البلدة وحث أهلها على جمع التبرعات لبناء النادي الحسيني الذي دمرته إسرائيل في عدوانها في تموز 2006 "·

وقال: يحمر التي دفعت ضريبة الدم دفاعاً عن الجنوب والوطن، كانت خط الدفاع الاول وهي تستحق أن تلقى عناية أكبر من دولتها، التي يجب أن تعتبرها بلدة منكوبة، نظراً للدمار الذي ألحقه بها العدو، فإلى الآن وبعد عام ونيف على العدوان الاسرائيلي لم يتم التعويض على المزارعين، خصوصاً مزارعي التبغ والزيتون التي تنتشر القنابل العنقودية في حقولهم، فتعيق تحركاتهم في أرضهم، وهي إحتلال مدفون في الارض وعدوان دائم·

وأضاف قرة علي: رغم ما عانته يحمر من ظلم الإحتلال ستبقى صاحبة القلب الكبير الذي ينبض حباً للمقاومة، وعطاءً للوطن، ووفاءً لمسيرة الشهداء وقافلتهم الطويلة، وستبقى الساهرة على أمن الوطن تذود عن الحدود، وتقدم الأضاحي ليبقى لبنان يُنبت مواسم الأمل الى أطرافه المنسية، وسيبقى النور يشع من بين العتمة من هنا، وتشرق الشمس مهما حاول العدو الاسرائيلي إخماد صوت المقاومة وإرادة الحياة فينا، فنحن اليوم نعيش في يحمر والجنوب بين نارين، نار العدو التي ألهبت بلدتنا دماراً، ونار الدولة التي تكافئ الصمود بالاستهتار والظلم والإجحاف بحق الشعب الأبي الشجاع·

شميساني عضو قيادة "الحزب الشيوعي اللبناني" في النبطية وإبن يحمر وجيه شميساني قال: كل شيء في يحمر تلمح فيه صورة شهداء المقاومة، وتسمع صوت الحرية ينادي من الحسينية الى الجامع الى المنازل التي أُعيد بناؤها الى الضحور الى الزعتر والقندول على ضفاف الليطاني، الذي يفوح منه طيب مكلل بعزم السواعد التي زرعت الأجساد في الارض فكانت البلسم للأرواح الثائرة·

وأضاف: من يحمر نوجه تحية إكبار وإعتزاز الى غزة وشعبها الصامد الذي أدمته "إسرائيل" بصواريخها الاميركية الصنع، وأرقَّه صمت التنازل والهرولة وتطبيع الأنظمة العربية مع الكيان المغتصب للقدس وأوسعت السهام العربية جراحه، فظل صلباً وشجاعاً كشجاعة يحمر والجنوب والوطن·

تعليقات: